12:50 مساءً / 21 أغسطس، 2025
آخر الاخبار

“إسرائيل الكبرى”. . كابوس القوة المتوحشة ، بقلم : محمد علوش

“إسرائيل الكبرى”.. كابوس القوة المتوحشة ، بقلم : محمد علوش

لم تعد تصريحات نتنياهو عن “إسرائيل الكبرى” مجرّد زلّة لسان أو مناورة إعلامية، بل صارت إفصاحاً فجّاً عن نزعة إمبراطورية متعطشة للدم، تستعيد أحلام التوراة وتستقوي بالآلة الأمريكية، لتعيد رسم خرائط المشرق العربي وفق مقاس القوة الغاشمة، فالكلمات التي تقال من على شاشات التلفزة لم تعد مجرّد كلمات، بل صارت صرخات قوة متورمة، تنذر ببلوغها حدود الانفجار الكوني.


وإنّ إسرائيل اليوم ليست مجرّد كيان احتلال؛ بل إنها مشروع توسّعي مدجّج بالأساطير وبالسلاح النووي وبالتفوق العسكري، ومشروع يتغذى على الخراب، ويحوّل فلسطين إلى مسرح دائم للتجريب الدموي، فيما يمدّ بصره إلى دمشق وبغداد وعمان والقاهرة والرياض، من النيل إلى الفرات، ليختزل كل التاريخ والجغرافيا في جملة مهووسة بالقوة، ومنقوعة في أوهام “الشعب المختار” ورسالة الخلاص الزائف.


سموتريتش حين يعلن عن 3400 وحدة استيطانية جديدة، لا يبني حجراً فوق حجر، بل يكتب سطوراً جديدة في ملحمة محو فلسطين من الخارطة، ويحيل الضفة الغربية إلى كنتونات ممزقة، يقطع أوصالها بسلاسل من الإسمنت والجدران، في محاولة لقتل فكرة الدولة الفلسطينية التي نناضل من أجل تكريس وترسيخ وجودها المادي، وفي اللحظة ذاتها، تخرج أصوات إسرائيلية فاشية وعنصرية تتحدث عن إعادة توطين أهل غزة في أصقاع بعيدة، وكأن شعباً كاملاً لا يساوي إلا فائضاً بشرياً يرمى خارج حدود التاريخ.


إنها القوة الغاشمة حين تفقد عقلها وتغدو وحشاً هائجاً، وهي قوة صنعت لنفسها أسطورة الانتصار على أنقاض غزة المحاصرة، وتعيش نشوة القوة على جراح لبنان وسوريا، وتستقوي برعاية أمريكية ـ إمبريالية – أطلسية – غربية لم تعد ترى في القانون الدولي سوى ورقة مهترئة، وهي أيضاً قوة تنقل الصراع من كونه صراعاً على الأرض إلى كونه مواجهة مفتوحة مع كل القيم التي صنعت الحضارة الإنسانية برموزها المتمثلة بالسيادة، والعدالة، والقانون، وحق الشعوب في تقرير مصيرها.


ولكن هذا الجنون التوسعي ليس خطراً على الفلسطينيين وحدهم؛ بل إنه خطر على الضمير البشري كله، فـ”إسرائيل الكبرى” تعني تكريس منطق الإبادة كخيار سياسي مشروع، وتعني أيضاً تفريغ النظام الدولي من محتواه، وتحويل الأمم المتحدة إلى شاهد زور، وتعني انكسار الحدود بين الحق والباطل لصالح شريعة القوة، وهي كذلك دعوة إلى عالم بلا قانون، وبلا موازين، وبلا مستقبل.


هنا، تكمن المأساة والامتحان معاً، أن تترك المنطقة تحت رحمة قوة عارية من كل قيد، وأن يبقى الصوت العربي والإسلامي أسير بيانات ميتة، فيما يلهث العالم وراء قمم ومؤتمرات بلا أنياب، من نيويورك إلى البرازيل، ووحدها هي الشعوب، إذا استيقظت، فإنها تستطيع أن تفرض على العالم إرادة الحياة في مواجهة كابوس القوة المتوحشة التي يمثلها الاحتلال – آخر الاحتلالات.


إن “إسرائيل الكبرى” ليست حلماً بعيداً، بل كابوساً يزحف على خرائطنا وأجسادنا وأحلامنا، وكابوساً يهدد بتحويل الشرق كله إلى رماد، والعالم إلى حلبة فوضى شاملة، وإن لم تستنهَض الإرادة الإنسانية، ويستعاد الضمير العالمي، وتبنى قوة سياسية تضاهي وحشية القوة المتغطرسة، فإننا سنجد أنفسنا أسرى لكارثة لا رجعة عنها، فاللحظة التي نعيشها اليوم، هي لحظة الاختيار، فإمّا أن يظل العالم رهينة لهوس القوة، أو أن يكتب من جديد قانون الحق والعدالة، قبل أن يمحى كل مستقبل من ذاكرة الإنسانية.

شاهد أيضاً

اتحاد شباب النضال الذراع الشبابي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني

شباب النضال يدعو لاوسع حملة شبابية لحشد الدعم لقضية شعبنا

شفا – اكدت دائرة الشباب والطلاب في جبهة النضال الشعبي الفلسطيني على أهمية الحركة الشبابية …