
أزمة الطحين في غزة: معاناة متواصلة ، بقلم : منى سامي موسى
في الوقت الذي كان من المفترض أن يكون عيد الأضحى مناسبة للاحتفال والفرح، استبدلت البهجة بمشاعر القلق والهموم. بدلاً من التهاني المعتادة “كل عام وأنتم بخير”، انشغلت أحاديث الناس حول أزمة الطحين التي طالت معاناتهم. أصبح الطحين، وهو عنصر أساسي في إعداد الخبز والمعجنات، سلعة نادرة وصعبة المنال.
مع اقتراب العيد، ارتفعت أسعار الطحين بشكل غير مسبوق، حيث تراوحت الأسعار بين 55 و90 شيكل للكيلوغرام، مما زاد من صعوبة تأمينه. كان المواطنون يتجولون في الأسواق، يبحثون عن أكياس الطحين، وقد يتنقلون مسافات طويلة دون أن يجدوا ضالتهم. لم يعد الأمر مجرد مشكلة غذائية، بل تحول إلى كابوس يؤرق العائلات.
تحت ضغط هذه الأزمة، بدأت الأمهات في ابتكار وصفات جديدة لتلبية احتياجات أطفالهن. وجدت بعضهن أنفسهن يتجهزن لتحضير كعك وبسكويت باستخدام مكملات غذائية كبديل للطحين، في محاولة لتأمين بعض الطعام لأطفالهن. أصبحت الوجبات اليومية محدودة، حيث اكتفى الكثيرون بوجبة غداء واحدة، مما زاد من وتيرة الجوع في المنازل.
مع مرور الأيام، ازداد تأثير الأزمة على صحة الأطفال. فقدان العناصر الغذائية الأساسية أصبح شائعًا، وأصبح من المؤلم سماع قصص عن أطفال يعانون من سوء التغذية، بل وأكثر من ذلك، حالات وفاة نتيجة الجوع. كيف يمكن لعائلة أن تحتفل بعيدها بينما يخيم شبح الجوع على أطفالها؟
تزامنت هذه الأزمة مع حالة اقتصادية متردية. الأسعار ترتفع باستمرار، وطلبات الدفع النقدي زادت من الأعباء المالية على الأسر. في ظل هذا الضغط، أصبح من الصعب تأمين الاحتياجات اليومية، مما جعل شعور اليأس يتسلل إلى قلوب الجميع.
ومع تفاقم الوضع، بات من الضروري التفكير في حلول عملية. هناك حاجة ملحة لتوفير الدعم الدولي لضمان وصول الغذاء إلى الأسر المحتاجة. كما يجب تحسين سلاسل الإمداد والتوزيع، لضمان توفر المواد الأساسية في الأسواق. لا يمكن تجاهل أهمية توعية المجتمع حول كيفية تحضير وجبات مغذية باستخدام الموارد المتاحة، مما قد يساعد في التخفيف من آثار الأزمة.
تظل أزمة الطحين في غزة تجسيدًا لمعاناة يومية يعيشها السكان، حيث تتداخل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والصحية. في ظل هذه الظروف الصعبة، يبقى الأمل في تضافر الجهود المحلية والدولية لتخفيف معاناة هؤلاء الناس وضمان حقهم في الغذاء والعيش بكرامة.