1:22 مساءً / 29 مايو، 2025
آخر الاخبار

لمن نكتب قصص الأطفال، وقد اغتال الاحتلال أطفالنا؟! بقلم : المهندس غسان جابر

لمن نكتب قصص الأطفال، وقد اغتال الاحتلال أطفالنا؟! بقلم : المهندس غسان جابر

لمن نكتب قصص الأطفال، وقد اغتال الاحتلال أطفالنا؟! بقلم : المهندس غسان جابر

لمن نكتب قصص الأطفال، وقد رحل جيلٌ منهم، دفعةً واحدة، إلى الغياب؟
لمن نحكي عن الشجاعة، والحق، والضوء، بينما تنطفئ عيونهم الصغيرة تحت الأنقاض؟
أيّ قلم هذا الذي يسع المأساة حين يكون الرقم: 16509 طفل شهيد، وأيّ كتاب يسرد موت أمةٍ من الأطفال دفنوا في طفولتهم؟

هند رجب، فتاةٌ فلسطينية من حي تل الهوى في غزة، لم تكمل عامها السادس. كانت الناجية الوحيدة من قصف دموي استهدف السيارة التي تقلّها مع عائلتها بعد أوامر إخلاء من الجيش الإسرائيلي في 29 يناير 2024.
لم تمت هند على الفور.


نجت… لبعض الوقت.
كانت تُحاصرها جثثُ أقاربها، لكنها تشبّثت بالحياة، اتصلت بالهلال الأحمر الفلسطيني، وبقيت على الخط ساعات، تصرخ وتهمس وتبكي وتنتظر.
لكن لم يصلها أحد.
أُطلق النار على المسعفين الذين حاولوا إنقاذها.
وبعد 12 يومًا، وُجدت جثتها الصغيرة، إلى جوار أحبابها القتلى، في السيارة ذاتها.

كانت هند قصةً حيّة، تشهق من بين ركام الحصار، وتستغيث بأصوات العالم النائم.
لكن صرختها ضاعت في الزحام، كما ضاعت الطفولة كلها.

إنها ليست وحدها.
ففي غزة اليوم، أكثر من 14000 رضيع مهددون بالموت جوعًا، حسب تقارير دولية موثقة.
يموت الأطفال بلا قذيفة، وبلا طلقة، بل يموتون كما تموت الزهور حين يُحجب عنها الماء والنور.
الاحتلال لا يقتل الجسد فقط، بل يضرب جذور البقاء، ويفجّر بنية المجتمع الفلسطيني من أساسها.

منذ متى كان الأطفال أهدافًا عسكرية؟
منذ متى صار جسد الطفل الفلسطيني ميدان حرب، ومعدته جبهة قتال؟
أي حضارة تسمح بذلك؟
أي ضمير هذا الذي لا يهتز أمام صوت طفلة محاصرة بين الموت والحياة؟

نكتب لأجل هند، لأننا نرفض أن تُقتل مرتين: مرة بالصاروخ، ومرة بالنسيان.
نكتب لأجل جيلٍ كاملٍ أُبيد، كي نحفظ لهم أسماءهم، ملامحهم، أحلامهم الصغيرة، ضحكاتهم التي لن تعود.

نكتب، لأن من تبقّى من الأطفال لا يحتاج فقط إلى الغذاء والدواء، بل إلى الحكايات.
إلى وعدٍ بأن عالمًا آخر ممكن.
إلى قصص تُعيد بناء الحلم، وتمنحهم سببًا للنجاة.

نكتب، لأن الذاكرة مقاومة، ولأن هند رجب ليست خبرًا، بل راية.
راية ترفرف فوق المحكمة الجنائية الدولية، وفوق جدران التاريخ، وفوق دفاتر أطفالنا الذين ما زالوا يلوّنون السماء بأقلام الرصاص.

وسنظل نكتب،
حتى لا يموت طفلٌ واحد بصمت،
وحتى تعود الأرض لأيديهم الصغيرة…
التي لم تسقط.

  • – م. غسان جابر مهندس و سياسي فلسطيني – قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية – نائب رئيس لجنة تجار باب الزاوية و البلدة القديمة في الخليل.

شاهد أيضاً

ماو نينغ المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية

ماو نينغ : الممارسة التمييزية التي تتبعها الولايات المتحدة بإلغاء تأشيرات الطلاب الصينيين تكشف أكاذيبها بشأن ما يسمى بـ”الحرية والانفتاح”

شفا – قالت ماو نينغ المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، اليوم الخميس، إن الممارسة التمييزية …