11:11 مساءً / 2 مايو، 2025
آخر الاخبار

نيران القدس تهدد الضفة : هل نحن مستعدون للكارثة القادمة؟ بقلم : علاء كنعان

نيران القدس تهدد الضفة : هل نحن مستعدون للكارثة القادمة؟ بقلم : علاء كنعان

نيران القدس تهدد الضفة: هل نحن مستعدون للكارثة القادمة؟ بقلم : علاء كنعان

تواصلت مع صديق يقيم في مدينة القدس، لأستطلع منه الأوضاع الميدانية بعد اندلاع الحرائق الواسعة في جبال المدينة، والتي التهمت أكثر من 24 ألف دونم من الغابات والأحراش، فالمخاوف هناك تزداد من امتداد النيران إلى القدس الشرقية، خاصة مع اتساع رقعة الحرائق بشكل غير مسبوق.

ورغم غياب أي تقارير رسمية تشير إلى خطر انتقال النيران إلى أراضي الضفة الغربية، فإن الاحتمال يبقى واردا، فالنار كما نعلم لا لا تعترف بالحدود المرسومة على الخرائط، والعوامل التي ساهمت في اشتعال الحرائق في القدس، كارتفاع درجات الحرارة والجفاف والرياح الجافة، تتوفر كذلك في مناطق واسعة من الضفة الغربية.

أن تاريخ “إسرائيل” لم يخل من حرائق، لكن هذه المرة، وصفها البعض بأنها “أكبر حريق منذ عقد “، حيث أتت النيران على الآلاف الدونمات من الغابات والأراضي، وأدت إلى إخلاء مناطق وإغلاق طرق رئيسية، مع مشاركة واسعة لفرق الإطفاء والجيش الإسرائيلي، وطلب مساعدة، بل وطلب دعم دولي في الإطفاء.

الوضع يذكّر بحرائق عام 2016 التي ضربت مناطق حيفا وجبال القدس ومستوطنة حلميش، وأدت إلى إجلاء نحو 60 ألف شخص، وكذلك بحرائق الكرمل عام 2010 التي اعتبرت من أسوأ الكوارث البيئية هناك.

غالبا ما تتكرر هذه الكوارث خلال مواسم الجفاف وذروة الحرارة، لكنها لا تقتصر على الخسائر البيئية فقط ، فالأثر يمتد إلى الحياة اليومية والاقتصاد والصحة، إغلاق الطرق بين القدس وتل أبيب، تدهور جودة الهواء، خسائر في الغطاء النباتي، وتراجع في الإنتاج الزراعي، كلها نتائج مباشرة وسريعة لمثل هذه الحرائق.

ولان النيران لا تعرف حدودا، فإن خطر امتدادها إلى الضفة الغربية، يضاعف من وطأة الأوضاع المتردية اصلا، فالبنية التحتية الهشة، والاقتصاد في حالة تراجع، مما يجعل أي كارثة طبيعية أن تتحول إلى أزمة إنسانية واقتصادية مركبة بكل أسف.

لا قدر الله، إذا امتدت النيران إلى اراضينا، فإن النتائج لن تقتصر على الخسائر المادية والزراعية والبيئية بل ستشمل تفاقم البطالة والنزوح القسري وتراجع الإنتاج في منطقة يعاني فيها 35% من السكان المتضررين من البطالة أصلا. فتلك الحرائق قد تؤدي كما في ” اسرائيل ” إلى فرض قيود إضافية على تنقلنا المحدود أصلا، مما يزيد من الضغط الخانق على اقتصادنا المحلي الهش، ويهدد مواردنا الطبيعية، حتى طرقنا في الضفة والتي هي مغلقة بالأساس بالحواجز العسكرية الإسرائيلية والبوابات الحديدية، فإن اندلاع الحرائق سيضيف إليها مزيدا من التعطيل والعزلة بين مناطقنا، وسيعقد عمليات الإخلاء والإنقاذ في حال الضرورة.

أن أي كارثة طبيعية تحل في الضفة الغربية لا يمكن فصلها عن واقع سياسات “إسرائيل” القائمة في الضفة، والذي يجعل حركة تنقلنا مقيدا، ووصول الإغاثة إلينا أكثر صعوبة، وحجم الضرر مضاعفا. ومن هنا، تبرز الحاجة الماسة إلى اتخاذ خطوات وقائية استباقية لحماية أرضنا وشعبنا من خطر الحرائق، تنظيف غاباتنا المتبقية، إدارة الغطاء النباتي، وفرض معايير صارمة للسلامة في المنشآت الزراعية والصناعية، كلها خطوات ضرورية يجب أن تسبق قبل وقوع الكارثة، لا أن تأتي بعدها كعزاء متأخر.

صحيح أن الحكومة الفلسطينية أعدت خطة طوارئ لعام 2024، تهدف إلى التعامل مع الأزمات المختلفة ومن ضمنها الحرائق، وتدعو لتعزيز التنسيق بين الجهات الرسمية لمواجهة الأضرار والتدمير الناتج عن تلك الأزمات. ولكن إذا كانت ” إسرائيل ” بكل ما تملكه من إمكانيات عسكرية ولوجستية وطائرات متطورة، قد اضطرت إلى طلب مساعدات دولية لإخماد الحرائق، فكيف لنا نحن في الضفة الغربية، المحاصرة والمثقلة بالأزمات، أن نواجه كارثة مماثلة وحدنا؟

الاستعداد والجاهزية لم يعد خيارا، بل أولوية وطنية عاجلة ملحة، فالمخاطر لا تنتظر، والجاهزية تبدأ من التخطيط المحلي، وتستكمل بتنسيق فعال مع الشركاء الإقليميين والدوليين، قبل أن تتجاوزنا النيران وتلتهم ما تبقى من أمل.

  • – علاء كنعان – صحافي فلسطيني .

شاهد أيضاً

اسعار الذهب اليوم الجمعة

اسعار الذهب اليوم الجمعة

شفا – جاءت اسعار الذهب اليوم الجمعة 2 مايو كالتالي :عيار 22 67.500عيار 21 64.400