4:48 مساءً / 30 ديسمبر، 2025
آخر الاخبار

غلاءُ المُهُور، عائقٌ اجتماعيٌّ يُثقل كاهل الشباب ويهدِّد استقرار الأسرة ، بقلم : ا.د. عطاف الزيات

غلاءُ المُهُور، عائقٌ اجتماعيٌّ يُثقل كاهل الشباب ويهدِّد استقرار الأسرة ،

غلاءُ المُهُور، عائقٌ اجتماعيٌّ يُثقل كاهل الشباب ويهدِّد استقرار الأسرة ، بقلم : ا.د. عطاف الزيات


يُعَدُّ الزواجُ من أسمى الروابط الإنسانية التي تقوم عليها المجتمعات، فهو أساسُ الاستقرار النفسي والاجتماعي، وبوابةُ العفّة وبناء الأسرة الصالحة. غير أنّ هذه الغاية السامية باتت تواجه في مجتمعاتنا العربية تحديًا خطيرًا يتمثّل في غلاء المهور والمبالغة في متطلبات الزواج، الأمر الذي حوّل الزواج من نعمةٍ منشودة إلى عبءٍ ثقيلٍ يعجز كثير من الشباب عن تحمّله.


أسباب غلاء المهور


تعود ظاهرة غلاء المهور إلى مجموعةٍ من العوامل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، من أبرزها:


التفاخر الاجتماعي والرغبة في تقليد الآخرين، حيث يُنظر إلى ارتفاع المهر بوصفه مقياسًا لقيمة الفتاة أو مكانة أسرتها.
الضغوط الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة، ما يدفع بعض الأسر إلى طلب مهور مرتفعة بحجة تأمين مستقبل ابنتهم.
سوء فهم العادات والتقاليد، إذ تحوّلت الأعراف من وسيلة تيسير إلى قيود تعقيد.


تأثير وسائل الإعلام ومواقع التواصل التي تُظهر حفلات زفاف فاخرة وأنماط حياة بعيدة عن الواقع.


آثار غلاء المهور


يخلّف غلاء المهور آثارًا سلبية متعددة، لا تقتصر على الأفراد فحسب، بل تمتد إلى المجتمع بأسره، ومن هذه الآثار:
تأخّر سنّ الزواج وانتشار ظاهرة العزوف عنه بين الشباب.
زيادة الأعباء النفسية والمادية على الزوج، ما ينعكس توترًا ومشكلات أسرية مبكرة.
تفكك بعض الزيجات التي تبدأ مثقلة بالديون والالتزامات.
انتشار بعض الظواهر الاجتماعية السلبية نتيجة حرمان الشباب من الزواج المشروع.


موقف الدين من غلاء المهور


جاء الإسلام داعيًا إلى تيسير الزواج، وجعل البركة في قلّة المهر، قال رسول الله ﷺ:
“أعظمُ النِّساءِ بركةً أيسرُهُنَّ مَؤونةً”،
كما أكّد أنّ قيمة المرأة لا تُقاس بما يُدفع لها من مال، بل بأخلاقها ودينها وعلمها. ومن هنا فإنّ المبالغة في المهور تخالف مقاصد الشريعة التي تقوم على اليسر ورفع الحرج.


سُبُل المعالجة والحلول


لمواجهة هذه الظاهرة، لا بدّ من تكاتف الجهود بين الأسرة والمؤسسات الدينية والمجتمعية، وذلك من خلال:
نشر الوعي المجتمعي بأهمية تيسير الزواج وخطورة غلاء المهور.


الاقتداء بسيرة النبي ﷺ والصحابة في بساطة الزواج.
إطلاق مبادرات مجتمعية تحدّد سقفًا معتدلًا للمهور.
تعزيز القيم الأخلاقية على حساب المظاهر المادية.


خاتمة


إنّ غلاء المهور ليس قضية فردية، بل مشكلة اجتماعية تمسّ حاضر المجتمع ومستقبله. وتيسير الزواج مسؤولية جماعية تبدأ من الأسرة وتنتهي عند وعي المجتمع بأسره. فمتى أدركنا أنّ السعادة الزوجية لا تُشترى بالمال، بل تُبنى بالمودّة والرحمة، أمكن لنا أن نعيد للزواج مكانته الحقيقية، ونفتح أبواب الأمل أمام شبابٍ أنهكتهم الأعباء وأثقلتهم التكاليف.

شاهد أيضاً

الاحتلال يقتلع أشجار زيتون في زبوبا غرب جنين

الاحتلال يقتلع أشجار زيتون في زبوبا غرب جنين

شفا – جرفت قوات الاحتلال الإسرائيلي مساء اليوم الثلاثاء، أراضي زراعية وأشجار زيتون في بلدة …