11:40 مساءً / 12 ديسمبر، 2025
آخر الاخبار

يوم المعلم والمشروع الوجودي ، رؤية مركز إبداع المعلم ،الإئتلاف التربوي الفلسطيني في سياق التحدي ، بقلم : نسيم قبها

يوم المعلم والمشروع الوجودي: رؤية مركز إبداع المعلم / الإئتلاف التربوي الفلسطيني في سياق التحدي ، بقلم : نسيم قبها

في هذه اللحظة التاريخية المعقدة في السياق الفلسطيني ، حيث تتداخل أزمتان وجوديتان: أزمة مالية تخنق سبل العيش، وأزمة أمنية تستهدف جوهر الاستقرار النفسي والجسدي، يطلّ مركز إبداع المعلم/ الإئتلاف التربوي عليكم من واجبه الأخلاقي والمهني برؤية تربوية تحليلية وعملية في يوم المعلم .


إن مركز إبداع المعلم / الإئتلاف التربوي الفلسطيني لا ينظر للمعلم بوصفه ضحية للظروف، بل كفاعل رئيسي في تشكيل المناعة المجتمعية وصياغة المستقبل عبر الفعل التربوي الواعي.

دور المركز/ الإئتلاف ، ينبني على مساعدة المعلم في استعادة وعيه بمكانته الأنطولوجية (الوجودية) داخل المدرسة وخارجها. فالمعلم ليس موظفا ينفذ مناهج، بل هو “وسيط ثقافي” و”منتج للمعنى”. في غرفة الصف، حيث تلتقي رواسب التاريخ، وآلام الحاضر، وتطلعات المستقبل. مهمتنا هي تزويد المعلم بالأدوات الفكرية والمنهجية لتحويل هذا الالتقاء من مصدر للضغط إلى مصدر لقوة “البيداغوجيا النقدية”، التي تشجع الطالب على التساؤل والتحليل وربط المعرفة بواقعه المعيش.

في مواجهة الأزمة المالية الخانقة، يتحول الحديث عن الحقوق والواجبات من خطاب مطلبي إلى حقل أخلاقي ومعرفي شائك. الحقوق المادية والمعنوية للمعلم ليست ترفاً، بل هي الشروط الدنيا لتحقيق “العدالة التربوية”. كيف نطالب طفلاً بحقه في تعليم نوعي وهو يرى معلمه منهكاً تحت وطأة الهم المعيشي؟ هنا، يعمل المركز على مستويين:

  1. المستوى التوعوي-التمكيني: تعزيز وعي المعلم بحقوقه المهنية والإنسانية، وبناء قدراته في “التأقلم التربوي المرن”، عبر تصميم استراتيجيات تعليمية مبتكرة قليلة التكلفة وعالية الأثر، تعتمد على الموارد المحلية والذكاء الجمعي ، كالتعليم الاجتماعي العاطفي.
  2. المستوى المناصِر: توثيق وتقديم الرواية التربوية عن تأثير الأزمة المالية على جودة التعليم، وتحويلها إلى أدلة راسخة في الحوار العام والمطالبة بحقوق القطاع.

أما في ظل الممارسات الأمنية للاحتلال التي تجعل من المدرسة هدفاً محتملاً ومن الطريق إليها رحلة مخاطرة، فإن دور المعلم يتحول من “ناقل معرفة” إلى “حامٍ للنمو النفسي-اجتماعي” للطلبة. هنا، يعمل المركز معكم على تطوير بيداغوجيا الحماية والمرونة . وهي بيداغوجيا لا تتجاهل الصدمة، بل تعترف بها وتدمج أدوات التعامل مع الضغوط النفسية ضمن النشاط التعليمي اليومي، من خلال تعليم يراعي الحالة النفسية، ويعزز الشعور بالأمان النسبي داخل جدران الفصل، ويبني مهارات المواجهة والتكيف لدى الطلاب.

دور المركز / الإئتلاف ، إذن، هو إمدادكم بـ “الحقيبة التربوية الوجودية” التي تحتوي على:

· معرفة فلسفية عميقة لفهم دور التعليم كفعل مقاومة للتبعية وتأكيد للهوية والكينونة.
· مهارات بيداغوجية متقدمة تمكنكم من الابتكار في سياق ندرة الموارد وتحديات الأمان.
· وعي نقدي بموقعكم في المعادلة الاجتماعية والسياسية، يجعل منكم قادة للتغيير من الداخل.

واجبكم، في هذه الرؤية المشتركة، يتجلى في الالتزام بالتطوير المهني المستند إلى السياق، والنظر إلى التحديات ليس كعوائق فقط، بل كمواد خام للتفكير التربوي الإبداعي. واجبكم هو ممارسة “القيادة التربوية التوزيعية” داخل مدارسكم، ونشر المعرفة والأمل بين الزملاء.

نحن في مركز إبداع المعلم/ الإئتلاف التربوي الفلسطيني، نرى في عينيكم “المعلم المفكر” و”المعلم المبدع” و”المعلم الصامد”. مهمتنا هي تأطير هذا الكينونة، ودعمها علمياً وعملياً، لأن إبداعكم المهني هو الذي يحول المدرسة من مؤسسة قد تكرس اليأس إلى فضاء حيوي لإنتاج الأمل والفعل ، كما أكدتها رؤية المركز والإئتلاف في حفظ كرامة المعلم وقدرته على الابتكار .

في يومكم، نعيد التأكيد على هذه الشراكة المصيرية. شراكة تقوم على الوعي بالحقوق، والإيمان بالواجب المتسامي، والالتزام ببناء “تربية تحررية” تنطلق من واقعنا وتنفتح على آفاق كرامتنا الإنسانية. لأن المعلم الواعي بمكانته، المزود بالأدوات الملائمة، هو حجر الأساس في أي مشروع نهضوي حقيقي.

  • – نسيم قبها – الإئتلاف التربوي الفلسطيني

شاهد أيضاً

من يشوّه صورة جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني – مستشفى الشهيد محمود الهمشري يحارب المرضى من أبناء شعبنا الفلسطيني

شفا – في ظلّ انتشار موجة من الأخبار المضلِّلة عبر مجموعات “الواتساب” ومنصّات التواصل الاجتماعي، …