6:15 مساءً / 6 ديسمبر، 2025
آخر الاخبار

“لا تكنْ كصقر (جنكيز خان)” بقلم : الأديبة إيمان مرشد حمّاد

"لا تكنْ كصقر (جنكيز خان)"

“لا تكنْ كصقر (جنكيز خان)” بقلم : الأديبة إيمان مرشد حمّاد

بعضُ القلوب التي لا تعرفُ معنى الحُب تتصرفُ مثل (جانكيز خان) مع صقره، فمهما كنتَ مخلصاً ومحباً لهم، سيشكون في نواياك ، ولا يأخذونَ بنصيحتك مهمًا كانت نفيسة، وتجدهم يشكونَ في حبك ونيتك مهما كانت خالصة لله ، ومنزهة عن الإنانية لأنهم ببساطة محاطونَ بأشباههم ممن لا يعرفون للود طريقاً ، ولعلكم تتسألون الآن عن قصة (جنكيز خان) مع صقرهِ.

يحكى أنهُ كانَ (لجنكيز خان) صقر هو صديقه الوحيد وأينما يذهب يكون معه، وفي أحد الأيام خرج (جنكيز خان) في رحلةِ صيد واثناء سيره عطشَ عطشاً شديداً، فذهبَ ليبحثَ عن الماء. وبعد جهدٍ جهيد وجد بركة فيها بعض الماء فأراد ان يشرب منها بسرعة فقد فتكَ به العطش وجفتْ عروقه .

ولكن كلما حملَ الماءَ بكفهِ ليشربَ هجمُ عليه الصقرُ ليمنعهُ من ذلك. وكرَّرَّ الصقر هذه الفِعلة ثلاثَ مراتْ، فغضبَ (جنكيز خان) من الصقر غضباً شديداً فما كان منه إلا أن استلَ سيفهُ وضربَ عنق الصقر فقطعَ راسهُ.

ولما عادَ إلى البركة ليشربَ نظرَ إلى الماء بشوقٍ شديد فإذا به يجد فيها حية ميتة والسم يقطرُ من انيابها.
عندها – وبعد فوات الأوان- فهم (جنكيز خان ) ما كان يحاولُ صديقهُ الصقر ان يبعدهُ عنه ، وفهم خطأهُ الفادح عندما قتلَ صديقهُ الوحيد الذي خافََ عليهِ من السُم فحاول منعهُ من شرب الماء من تلك البركة.

..ولما رجعَ الى القصر أمرَ بصنعِ صقرٍ من ذَهبْ وفاءً لصديقه الذي قتلهُ. ولكن هل هذا التكريم سيعيدُ له صديقهُ المخلص؟ وهل سينسى ( جنكيز خان ) انه أنهى حياة من خاف على حياتهِ عندما يرى ان من حوله يتربصون به بينما صقره لم يكن يريد إلا حمايته؟

العبرة من القصة انكَ مهمًا كنتَ محاطاً بالبشر الأشرار لا تشك في دوافع الناس الذين لم يؤذوك ولا مرة واحدة ، ولا تفترض الشرّ في قلوب محبيك مهما بدتْ لكَ القصة واضحة ، فقد يكون هناك أفعى انت لا تراها.

اما العبرة الأهم برأيي فهي أن لا تكون كصقر ( جنكيز خان) . لا تكنْ أنت الأخرق الذي يكون أحرص من الناس على انفسهم . حاول مرتين ودع عنك الثالثة ليس لأنك لا تريد أن تساعد ، وليس لأن حبكَ قد غدا منقوصاً، ولكن حفاظا على كرامتك لأن من تحبهم شكوا في دوافعك تجاهم ، وظنوا انك تريد ان تمنع عنهم الخير، ولم يشفع لك تاريخك الطويل في حبهم وحمايتهم والحرص على مصالحهم.

ومنذ ان قرأتُ هذه الحكاية لازلتُ اتساءل حتى هذه اللحظه -ان صحتْ القصة- كيف كانتْ مشاعر صقر (جنكيز خان) ؟ لابد ان الكثير منا شعر بشعور هذا الصقر عندما دفعهُ حبهُ إلى سلوكٍ ما لحماية من يحبهم فحاولوا قطع راسهِ ولو حتى مجازياً ، مع أنهم لو فكروا عميقا لما وجدوا له مصلحة اخرى غير حمايتهم ولفهموا عندها دوافعهالنبيلة.

اما مشاعر ( جنكيز خان) مهما كانت مؤلمة فلم اكثرثَ لها فهو يستحقُ هذه المشاعر لانهُ لم يعرف قيمة صقره الا بعد ان فقده. وكذلك هم بعض البشر لا يعرفون قيمتك الا بعد موتك.
ايمان مرشد حمّاد

شاهد أيضاً

سفارة دولة فلسطين في لبنان تنظم حفل استقبال بمناسبة اليوم الوطني الفلسطيني ويوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني

سفارة دولة فلسطين في لبنان تنظم حفل استقبال بمناسبة اليوم الوطني الفلسطيني ويوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني

شفا – نظمت سفارة دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية ، مساء امس الجمعة في مطعم …