7:25 مساءً / 23 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

عن أيّ نخبٍ تتحدّثون؟ بقلم : محمد علوش

عن أيّ نخبٍ تتحدّثون؟ بقلم : محمد علوش

ما جرى في إسطنبول لم يكن مجرد نشاط لفلسطينيي الخارج، بل كشف عن مشهد مأساوي للنخب الفلسطينية، يظهر هشاشتها وانفصالها عن الواقع الوطني، وذلك الملتقى بدا كستار سقط، مكشوفاً تحت طبقات الزيف والادعاء، حيث تحوّلت وجوه كان يفترض فيها الحكمة والرأي المستقل إلى أدوات تدار من خارج فلسطين، تخضع لحسابات لا علاقة لها بالقضية ولا بمصالح الشعب.


لم يكن هناك بعد وطني حقيقي؛ فالملتقى أصبح منصة لتجميل صورة دول تموّله، وتقديم ما يسمّى “تمثيلاً بديلاً” لخدمة أجندات خارجية، وكأن الفلسطينيين مجرد أدوات إعلامية يمكن تحريكها لصناعة الضجيج وملء الفراغ عند الحاجة، أما الحضور، فهم وجوه متكررة، اعتادت الترحال بين فضائيات المحاور الإقليمية، بعضهم من الإخوان وآخرون من فلول يسارية وقومية تخلّت عن زمنها، لكن يجمعهم ولاء لغير فلسطين وتبعية مخفية وراء شعارات مزيفة.


في قلب هذا المشهد برز دور صاحب “العربي الجديد”، الذي يقدّم باعتباره مفكراً عربياً، لكنه في الواقع مركز قيادة وتأثير، من الخط الأخضر إلى الضفة وغزة والخارج، كان له دور مباشر في تفكيك قوائم وطنية وتوجيه الإعلاميين والباحثين، حتى تحوّل كثيرون إلى أدوات تعمل بإيقاع يحدّده هو وممولوه، ولم يقتصر تأثيره على الإعلام، بل امتدّ ليشمل بعض الفصائل، ليصنع بديلاً مزيفاً للشرعية الوطنية، ويقدّم نفسه على أنه حامي المستقبل الوطني، بينما كل ما يفعله يخدم مشاريع خارجية بعيدة عن فلسطين.


“ملتقى إسطنبول” كان ذروة هذا المشروع، إعلاناً غير مباشر عن رغبة في إعادة تشكيل المشهد الفلسطيني عبر إنعاش الجماعات الإسلاموية المتراجعة، والتلويح بالدعوة إلى الانقلاب على الشرعية الوطنية، وسط شعارات لا تخفي حقيقة التبعية، أما السؤال الجوهري فهو، لماذا تسهل هذه المشاريع اختراق النخب الفلسطينية، السبب يعود لتاريخ طويل من استهداف النخب من الخارج، واستغلال انتشار الفلسطينيين في المنافي، وهشاشة البيئة المحيطة بهم، إضافة إلى ضغوط اقتصادية تدفع البعض لبيع موقفه السياسي والفكري، كما تزداد القدرة على التلاعب عبر المزايدات والشعارات، فتظهر النخب بمظهر “الأطهر” بينما هي تدار من خلف الحدود.


النتيجة أننا أمام نخب فقدت صلتها بالجمهور، وتخلّت عن استقلالها، وأصبحت تتحدث عن “البديل والإنقاذ والمستقبل” دون أي مصداقية، ليصبح كل خطابها مجرد وقع لفظي، ومواجهة هذا الانحدار لا تكون بالصمت، بل بكشف المخططات وتعريّة كل من يحاول إعادة تشكيل القرار الفلسطيني بما يخدم مشاريع خارجية، ففلسطين أكبر من كل الأقنعة والشعارات، وستبقى كذلك مهما تعددت مصادر التمويل وتلوّنت الواجهات.

شاهد أيضاً

بدعم من الصين .. إطلاق حملة الشتاء لعام 2025 من محافظة طوباس والأغوار الشمالية

بدعم من الصين .. إطلاق حملة الشتاء لعام 2025 من محافظة طوباس والأغوار الشمالية

شفا – أُطلقت حملة الشتاء لعام 2025 من محافظة طوباس والأغوار الشمالية بدعم من جمهورية …