
انفاس العصافير المهاجرة ، بقلم : نادية عوض
حين تضيقُ الأرضُ بالدفء،
وتتحوّلُ الأوطانُ إلى حلمٍ بعيدٍ لا يُطال،
يولدُ في القلوب جناحٌ خفيّ،
يدفعها نحو المجهول علّها تجدُ سماءً أقلَّ وجعًا.
العصافير المهاجرة ليست طيورًا فقط،
إنها وجوهُ البشرِ حين يهاجرون،
يحملونَ في حقائبهم فتاتَ الذاكرة،
وفي أعينهم ظلَّ وطنٍ لم يغادرهم يومًا.
يهاجرون، لكنهم مثل تلك العصافير
يتركون خلفهم نغمةً حزينة
تغنّيها الريحُ كلَّما مرّت على أطلال البيوت.
في حركتهم وجعٌ جميل،
وفي حنينهم ضوء يشبه خشوع الصلاة..
انها حكاية الرحيل الدائم،
حكاية الانسان الذي كلما حاول النجاة ، عاد في قلبه الى البدايه ..الى الوطن
.ليست كلُّ العصافيرِ تُحبُّ الرحيل،
لكنَّ البردَ أقسى من الذكرى،
والوطنُ حين يضيقُ بالدفء
يدفعُ أبناءه إلى الأفقِ كأنّهم أمنياتٌ مؤجلة.
ترحلُ العصافيرُ،
وفي عيونِها ظلُّ بيتٍ صغيرٍ
ينتظرُ فوق غصنٍ مكسور.
تحملُ على أجنحتها وجعَ المسافات،
وصدى الأمّهاتِ على النوافذ،
ونكهةَ الخبزِ الذي لم يبرد بعد.
تُحلّقُ…
لكنّ السماء ليست وطنًا،
إنّها طريقٌ بين غيمتين،
حلمٌ مؤقتٌ بالنجاة.
وحينَ تهدأُ العاصفة،
تتذكّرُ الأعشاشَ التي هُدِمت،
والأغصانَ التي نادتْ بأسمائها.
كم تُشبهُ العصافيرُ البشرَ،
يُهاجرونَ بأجسادهم،
لكنَّ قلوبهم تبقى هناك
تحومُ حولَ وطنٍ لا يزالُ يغفو في ذاكرةِ الحنبن
وتمضي العصافيرُ نحوَ المنافي
وفي قلبِها من شتاءِ البلادِ نداءْ
تخبّئُ سرَّ الحنينِ بجرحٍ
وتحملُ في الريحِ صوتَ الدعاءْ
فإن عادَ دفءُ الربيعِ ليومٍ
وعادَ إلى الغصنِ لونُ الضياءْ
سترجعُ مهما أطالَ الرحيلُ
طيورُ الفراقِ إلى موطنٍ كانَ
يومًا…
بدايةَ كلِّ البدايات
شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .