5:30 مساءً / 5 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

كتاب الحب: قصيدة اليقين الصوفي! بقلم : بلقيس عثامنه

كتاب الحب: قصيدة اليقين الصوفي! بقلم : بلقيس عثامنه

كتاب الحب: قصيدة اليقين الصوفي! بقلم : بلقيس عثامنه


اليقين، أولى الكلمات التي تتبادر إلى الذهن مع المقاطع الأول لقصيدة “كتاب الحب” القصيدة التي تبدأ بعنوان يثير في المتلقي حب الاستكشاف، فأن تصرح بأن ما تضعه بين يدي القارئ “كتاب حب” يعني أنك قادر على شحذ الخطوات ورسم درب هادئ واضح، يمثل الحب!


وهنا، يمكن أن نتوقف ونسائل العنوان والأفكار، هل القصيدة تريد حقًا رسم طريق هادئ؟ العنوان الجذاب، البداية اليقينية! هل الكتاب يعطي الإجابات أم يطرح التساؤلات؟ هل القصيدة تروي الروح العطشى للحب ومعانيه؟ وما الحب الذي تكتبه؟ أعشق القباني لكل النساء أم أنه حب بلقيس الذي أدمى روحه؟ أم قصيدة تغوي كاظم ليقول بعضًا “من كتاب الحب”؟


ومن هذا العنوان وجدليته، يفتح النص يقينًا مرتبط بمشاعر حب مختلفة لدى الشاعر تظهر منذ الأسطر الأولى:
ما دمت يا عصفورتي الخضراء
حبيبتي
إذن .. فإن الله في السماء


أكد إيمانه بالخلاق وربطه بإيمانه بالحب، فالمحب يجد اللذة في الإيمان، ويجد السكينة الداخلية، وتصبح الحياة أجمل في وجود اليقين، والطمأنينة إلى فكرة تنير القلب وتبقي الفؤاد مرتاحًا، هنا الارتباط بين السلام والإله مشورط ببقاء الحبيبة، وهذا يعني عدم الثبات، أي أن حالة اليقين مشروطة بالبقاء، فالحب يعني الإيمان في معادلة غير متكافئة الأطراف، ولكنها تجسد عالم الشاعر اليانع!


ما زلت تسألني عن عيد ميلادي
سجل لديك إذن .. ما أنت تجهله
تاريخ حبك لي .. تاريخ ميلادي


“فكتاب الحب” بدأت بتأكيد على وجود خالق للكون، يمثل البداية والنهاية، ويرتبط بالحب، فالمحب يبدأ عمره مع لحظات الحب الأول، وموت قلبه متعلق بانطفاء الشعلة المتقدة، فيذهب الإيمان شتاتًا، إن فكرة كتاب الحب تمثل كتابًا مقدسًا من منظور الشاعر، يبدأ باليقين بالحب والله! وينتقل برحلة تدريجية إلى التساؤل، فهل الإيمان هو الحب؟


إن نزار قباني، وعلى ديدن الشاعر العربي وعلى خطاه، يحاور المحبوبة في القصيدة ويحدثها عن مشاعره وفضاء الحب من منظور كتابه المقدس، لكن هل فعلا هذا المعنى الذي يريد الشاعر أن يقوله؟ أم أن المحبوبة ستار لذات الشاعر ورحلته من اليقين إلى التساؤل في فهم داخله وعالمه؟ أم المحبوبة تجيسد للحب الإلهي؟


الحب يا حبيبتي
قصيدة جميلة مكتوبة على القمر
الحب مرسوم على جميع أوراق الشجر
. . الحب منقوش على
ريش العصافير، وحبات المطر


يبدأ بتفسير معنى الحب من منظوره، فهو “قصيدة جميلة مكتوبة على القمر” الحب هنا كلمات ساحرة تحمل بعدًا وجدانيًا يخاطب الروح ويسبر أعماق النفس، وهو “مرسوم على جميع أوراق الشجر” فالحب متمثل في القدرة الإلهية في خلق الكون بدقة، في خلق تفاصيل أوراق الشجر وألوانها الزاهية ودورة حياتها التي تبدأ يانعة وتنتهي ثم تولد من جديد، هذا النظام الدقيق الذي يعطي الكون الثمار والأكسجين هو رسالة حب من الله لمخلوقاته.


لذا الحب موجود في كل الكائنات وفي تفاصيل الكون من حولنا “منقوش على ريش العصافير” هذه الريشات الصغيرة التي تحمل الطيور عاليًا لتحلق في فضاء الكون، وبناء أجسادها الذي يتفق وريشها وخفتها، هذا رسالة حب، فالمحب يحلق في سماء المحبوب ثقةً ويقينًا، وأما “حبات المطر” فهي سبيل الحياة، وإنبات الأشجار وأوراقها لذا فالكون كله لو تفكرناه في رسالة فلسفية من قباني هو رسائل من حب الإله لعباده المتفكرين!


هنا ينتقل الحب من المعنى الإنساني إلى الرحمة الإلهية، إلى بعد المحبة غير المشروطة التي تمنح الإنسان كل ما يحتاج، وتسخر له الكون من حوله، دون مقابل، هذا الحب الذي يمثل علامات واضحة لو نظر إليها الإنسان لآمن بالخالق وأيقن بالإله.


حين أنا سقطت في الحب
. . تغيرت
تغيرت مملكة الرب
صار الدجى ينام في معطفي
وتشرق الشمس من الغرب


تتغير نظرة الإنسان للعالم من حوله ولنفسه ولله، عند وصوله إلى اليقين بقدرة الخالق، هنا تصبح القوة خليقة الروح، تصدر من الداخل إلى الخارج، لا العكس، فلا تخشى هذه الذات من الدجى بكل ما يحمله من رمزية للخطايا والظلام، فيمتلك الإنسان قدرة على مجابهة كل هذا الظلام وكل عالم الأرض، وتصبح شمسه مختلفة، إن آمن، يمكنها أن تشرق من المغرب إيذانًا بانتهاء العهد، وإنذارًا بقيامة خاصة بمعنى خاص ينقل الإنسان من حال الشتات إلى عالم النور الخاص، فاليقين يصل به إلى النهاية دون أن يخشى شيئًا.


يا رب قلبي لم يعد كافيا
لأن من أحبها .. تعادل الدنيا
فضع بصدري واحدا غيره
يكون في مساحة الدنيا


وصل الشاعر في رحلة فهم ذاته، وعلاقة الحب بالكون إلى مرحلة عشق لا يمكن معها لقلبه البشري الصغير أن يحمل كل هذا الحب “يا رب قلبي لم يعد كافيا” فقلبه عاجز “لأن من أحبها.. تعادل الدنيا” يحمل المقطع دلالة صوفية للحب الإلهي هذا الحب العظيم الذي يصل إليه الإنسان بعد رحلة بحث روحية، وتفكر في الكون، هذا الاتحاد الروحي والحب العظيم، الذي يفوق طاقة القلب الإنساني الضئيل أمامها لهذا “فضع بصدري واحدا غيره/ يكون في مساحة الدنيا”؛ ليتسع لهذا الحب غير المحدود، هذا الحلول اللذيذ يثري الروح، ويجعل النور مشرقًا في الداخل، ممتدًا ليملأ الحضور والكون بحالة مستقرة متوهجة.


يحمل المقطع دلالة على الدفقة الشعورية الكبيرة التي وصلتها روح الشاعر بعد رحلته في البحث عن ذاته وعن الإله في الكون والموجودات إلى أن وصل لحالة حب صوفية ترتقي بروحه وتجعلها ضياء!


لو خرج المارد من قمقمه
وقال لي: لبيك
دقيقة واحدة لديك
تختار فيها كل ما تريده
من قطع الياقوت والزمرد
لاخترت عينيك.. بلا تردد


تصل الروح إلى صوفية الحب وعذوبة استشعار الإله وحضوره في الكون وكل موجوداته، فتصبح النفس زاهدة في الحياة، وبكل الدر الثمين؛ لأنها تعالت عن رغبات الدنيا، وانتقلت إلى حب مختلف، فعرفت سر الكنز الحقيقي، إنه في التخلي عن كل دنيوي والسمو نحو الروح.


لو كنت يا صديقتي
بمستوى جنوني
رميت ما عليك من جواهر
وبعت ما لديك من أساور
و نمت في عيوني
أشكوك للسماء
أشكوك للسماء
كيف استطعت، كيف، أن تختصري
جميع ما في الكون من نساء


في هذين المقطعين، يتجاوز الحب كل ما هو دنيوي ونفيس، فالجواهر والأساور تصبح بلا قيمة أمام قوة القلب وروح المحبوبة، النوم في عينيه إنه تجربة توحد روحي، إذ يصبح الحب رحلة صوفية ترفع النفس عن حدودها، وتجعلها قادرة على استشعار النور الداخلي، والتعلق بما يفوق المادة، لتصبح المشاعر قوة تهذب الروح وتسمو بها.


ينتقل إلى الدهشة أمام المحبوبة، في تكرار “أشكوك للسماء”، التي تكشف أن كل جمال الكون يتجسد في شخص واحد، هنا الحب يصبح كنزًا روحيًا لا يمكن مضاهاته، تجربة صوفية تتسع لتشمل الكون كله، وتربط الذات بالمحبوب والوجود، فالحب نور داخلي يضيء الروح، ويمنحها السكون، والسمو، والاتحاد مع ما هو أعلى من المادة، ويجعل كل ما في الدنيا مجرد تفاصيل صغيرة أمام هذا الحب الكامل.


لأن كلام القواميس مات
لأن كلام المكاتيب مات
لأن كلام الروايات مات
أريد اكتشاف طريقة عشق
أحبك فيها.. بلا كلمات


يبحث عن طريقة جديدة للعشق، لذا كان “كتاب الحب” قصيدة صوفية النزعة، ضمنية المعنى، سامية البناء، بعيدة عن ضوضاء القصيدة، وكلام القواميس والمكاتيب، كانت قصيدة غنية متجددة وأزلية، تخلد رحلة الحب ورقة الشعور واتساع الأفق، هذه القصيدة التي تمثل كتابًا مقدسًا نظمه الشاعر بخيوط صوفية وحب إلهي خاص، جاءت في كتاب حب، ولكنه قصيدة! رحلة ذاتية من المعنى إلى اليقين إلى الاتحاد!


هذا البناء الخاص، إذ قال “إريد اكتشاف طريقة عشق/ أحبك فيها.. بلا كلمات” يكون الحب هنا لا بالكلمات بل الشعور، بطريقة غير تقليدية، تحمل المعاني الخاصة التي لا يفهمها إلا خبير متعمق، قادر على سبر الأغوار وإماطة الغشاء، هنا تكون القصيدة كتاب حب يفهمه كلٌّ على وجهته التي يريد، ويبقى معناه قابعًا خلف الأسوار، محميًا بحب إنساني شفيف يمكن من خلال معناه الضئيل الانتقال إلى المعنى الآخر خلف أسوار الكلمات، فكان الحب بلا كلمات!


حبك يا عميقة العينين
تطرف
تصوف
عبادة
حبك مثل الموت والولادة
صعب بأن يعاد مرتين


التطرف يعني شدة الحب بطريقة مبالغ فيها، والتصوف هو المعنى الذي أشارت إليه الورقة سابقًا، والآن الإشارة واضحة دون تأويل، فالحب لديه صوفي عميق خالص، والحب عبادة فهو بهذا الحب يتعبد في إشارة إلى الحب الإلهي الذي يتقرب فيه من الله ويزداد حبًا.


“حبك مثل الموت والولادة” ذكر الموت قبل الولادة، لدلالة يبتغيها، فالإنسان يظن الموت نهاية الإنسان وللفراق ألمه الشديد، لكنه في باطنه نهاية مرحلة وبداية أخرى في رحلة الخلود، فبعد الموت ولادة، وللولادة آلامها ومخاضها ولكن ما يأتي بعدها يكون بهجة وإشراقة، فبعد الموت والبرزخ مخاض جديد وولادة في جنة لكل عابد متضرع، وبهذه المعاني يكون حب الشاعر أبديًا كونيًا أزليًا عميقًا متفردًا إلهيًّا.


عشرين ألف امرأة أحببت
عشرين ألف امرأة جربت
وعندما التقيت فيك يا حبيبتي
شعرت أني الآن قد بدأت


رحلة الشاعر إلى الحقيقة مرت بمراحل عديدة، وبحث عميق استمر لفترة طويلة، حاول أن يجد الحب بمعناه الروحي، رحلته إلى ذاته تتقاطع مع رحلته إلى الله، فوجد نفسه واستشعر حياته، فقط، عندما وصل إلى الله، وإلى يقين الحب ومعناه المتعالي عن الدلالات الأرضية التي تفقد الحب معناه.


لماذا.. لماذا.. منذ صرت حبيبتي
يضيء مدادي.. والدفاتر تعشب
تغيرت الأشياء منذ عشقتني
وأصبحت كالأطفال.. بالشمس ألعب
ولست نبياً مرسلاً غير أنني
أصير نبياً.. عندما عنك أكتب..


الحب أعاد للشاعر صفاء قلبه وطفولته، والكتابة عن المحبوبة صارت طريقه للخلاص والسمو الروحي، فصار نبيًا في لحظات الصفاء والنقاء الداخلي.


“ولست نبيا مرسلا غير أنني/ أصير نبيا.. عندما عنك أكتب” تشعر الروح بتفردها وسموها المرتبط بالصفاء والتجرد من الصفات السيئة، فهذا الحب الذي كسر قيود قلبه، فعاد طفلًا نقيًا لا يخشى اللعب، في إشارة ليقينه الذي أراح نفسه وجعلها خالصة المحبة، فكان نبيًا عند كتابته عن هذا الحب الذي يغذي روحه وينقلها إلى خلود يقينب، إذ يمثل كماله الإنساني هذا العالم الخاص الذي رسمه لنفسه وسار فيه، فالكتابة طريقه السري إلى ذاته، ومحور خلاصه، ويجد نفسه كاملا في الحب والكتابة، زاهدًا في الدنيا بقلب طفل وباخضرار الربيع!


حين أكون عاشقا
أشعر أني ملك الزمان
أمتلك الأرض وما عليها
وأدخل الشمس على حصاني


الحب يمنح الشاعر قوة داخلية استثنائية، فتحسنت قدراته الروحية، وأصبح قلبه ممتلئًا بالكون، ما يجعل الأفق كله ملكه حين يغمره عشق المحبوبة.


بعد أن عاش رحلة الزهد في الدنيا ومفاتنها، انتقل إلى مرحلة القوة الكامنة في داخله، حين يشعر بهذا الحب العظيم الذي يملأ كيانه “أشهر أني ملك الزمان”، “أمتلك الأرض وما عليها”، “وأدخل الشمس على حصاني” كلها عبارات لا يمكن أن تتحقق بالقدرات الإنسانية العادية، ولكن روح الصوفي يمكنها التجرد من القدرات المحدودة وتتسع لتمتلئ بالأفق وتملأ الكون من حولها، فيتمكن من دخول الشمس على حصانه لقوته الداخلية، وشدة حبه النقي، من وجهة نظره.


فالحصان هنا رمز للقوة الداخلية، والشمس تمثل النور الروحي الذي يغمر قلب الشاعر، فحركته معها تعكس اتساع روحه وصلابة حبه المتجدد الخالد.


أخطأت يا صديقتي
فما أعاني عقدة
ولا أنا أوديب في غرائزي وحلمي
لكن كل امرأة أحببتها
أردت أن تكون لي
حبيبتي وأمي
من كل قلبي أشتهي
لو تصبحين أمي


يبدأ الشاعر بالاعتراف، موضحًا أنه لا يعاني عقدًا نفسية أو غرائز مضطربة، بل يتصرف وفق وعي كامل بنفسه، هذا الاعتراف يثبت أن الحب الذي يشعر به نقي وصادق، بعيد عن أي تأثيرات خارجية أو أنماط متوقعة للعشق، وأن هذا الوعي يجعل تجربته العاطفية صافية، على مستوى القلب والروح، ليترك فخاخا للقارئ تنبئ وتؤكد عمق روحه وسمو حبه، فبرع القباني بالاعتراف بروحه المتعالية.


جميع ما قالوه عني صحيح
جميع ماقالوه عن سمعتي
في العشق والنساء قول صحيح
لكنهم لم يعرفوا أنني
أنزف في حبك مثل المسيح


يتضح في هذا المقطع البعد الصوفي للحب، حين يقول: “أنزف في حبك مثل المسيح” الحب هنا ليس شعورًا عاديًا إنه تجربة مؤلمة ومقدسة في آن، تعبر عن التضحية والاندماج الروحي، إذ تصبح المعاناة وسيلة لتطهير النفس والخلاص الداخلي، والحب يصبح شعورًا متسامٍ، يجعل الشاعر يعيش حالة تضحية روحية وعاطفية، تتجاوز مجرد الرغبة أو الانجذاب البشري إلى لذة الحب الإلهي العذب النقي.


يحدث أحيانا أن أبكي
مثل الأطفال بلا سبب
يحدث أن أسأم من عينيك الطيبتين
. . بلا سبب
يحدث أن أتعب من كلماتي
من أوراق من كتبي
يحدث أن أتعب من تعبي


يظهر الشاعر العودة إلى الطفولة والنقاء الداخلي: البكاء بلا سبب، السأم بلا سبب، والتعب من الكلمات والكتب، كلها رموز لحب صافي لا يمكن حصره أو التعبير عنه بشكل كامل، الحب هنا يتجاوز كل الوسائل التقليدية للتعبير، ويصبح تجربة روحية خالصة، منبثقة من الروح، تمكن الشاعر من التجرد والصفاء الداخلي، وتجعل الحب أكثر عمقًا وأكثر أزلية.


عبثا ما أكتب سيدتي
إحساسي أكبر من لغتي
وشعوري نحوك يتخطى
صوتي.. يتحطى حنجرتي
عبثا ما أكتب.. ما دامت
كلماتي.. أوسع من شفتي
أكرهها كل كتاباتي
مشكلتي أنك مشكلتي


مشكلة الشاعر أن ما بقلبه لا تتسع له كلماته، أن لغته تقف عاجزة أمام قلبه النابض بالحب، وهنا يصبح كل معنى سطحيًا فاقدًا لجزء من تفرده وسموه؛ لعجز الكلمات عن حمله وضعفها أمام قوة سطوته، وبالتالي فإن الصمت خير دليل على الحب، في هذه الحالة المتفردة التي يعيشها الشاعر، فحبه يفوق الوصف، وهنا تكمن مشكلته مع العالم لذا يختار الصمت في حضرة الحب لأنه أبلغ!


وهذه قمة التصوف الروحي والتجرد من كل ما هو دنيوي، حتى الكلام، سلاح الشاعر في الأرض، لكن روحه تعالت وارتفعت عن المعنى الشفيف، ووصلت إلى الحقيقة والسلام، فهل ما زال الكلام يكفي؟ الصمت هنا ليس غيابًا، على العكس، إنه أبلغ من الكلام؛ هو حضرة الحب حين يتمرد القلب على حدوده، ويرتقي إلى السماء!
لأن حبي لك فوق مستوى الكلام
قررت أن أسكت .. . . والسلام


تنقلنا القصيدة في رحلة روحية خاصة يعيشها الشاعر، رحلة الذات من الأنا الدنيا إلى السمو الصوفي، رحلة بحث عن الذات والإله رحلة إلى الحقيقة واليقين، بعيدًا عن ملذات الدنيا، فجاءت القصيدة على معاني الحب وحضوره الكامن بهدوء في الكون، وضجيج في القلب، فالإحاطة الإلهية لنا من كل جانب، والفؤاد تبصّر، فوصل التصوف!


وكان الصمت والتساؤل خير دليل على أن الحقيقة خلف التساؤل، وأن الحد للإنسان لا صحة له، فالقوة والحب والطاقة سر وجوده وخلوده، حاضرة في قلبه، وفي حضرة الحب الإلهي، الذي يمثل وقود الروح وشعلة الطاقة، وسر الوجود.
إن القصيدة عالم منسوج من حب، صبغته الصفاء، وشعاره اكتشاف الذات، فالإنسان لديه قلب يمكنه أن يعقل من خلاله، وعليه أن يتفكر في الكون، حتى يصل في النهاية إلى صمت يحمل الكثير من التساؤل، صمت يحمل مسكوتًا عنه، وعالمًا من هدوء يمكن أن يفيض في أي لحظة، وهكذا يبقى الصمت أبلغ من كل كلام، علامة الرحلة التي بلغت قلب الحقيقة!

شاهد أيضاً

وزير الداخلية يتفقد الهيئة العامة للمعابر والحدود ويترأس اجتماع اللجنة الخاصة بمنع التهريب

وزير الداخلية يتفقد الهيئة العامة للمعابر والحدود ويترأس اجتماع اللجنة الخاصة بمنع التهريب

شفا – تفقد وزير الداخلية زياد هب الريح اليوم الهيئة العامة للمعابر والحدود، واطّلع على …