4:32 مساءً / 25 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

وحدة الموقف والقرار ، بقلم : محمد علوش

وحدة الموقف والقرار ، بقلم : محمد علوش

وحدة الموقف والقرار ، بقلم : محمد علوش

ليس الحديث عن الحوار الوطني الفلسطيني ترفاً سياسياً أو استهلاكاً إعلامياً، بل هو اليوم حاجة وطنية ووجودية تفرضها خطورة المرحلة وتحدّياتها، بعد عامين دمويين من حرب الإبادة والتطهير العرقي التي تعرّض لها شعبنا في غزة والضفة على السواء، ولقد آن الأوان لأن نخرج من دوّامة التبرير والانتظار، وأن نعيد الاعتبار للعقل الجمعي الفلسطيني، ولمنظمة التحرير الفلسطينية كإطار جامع وقيادة شرعية وحيدة تمثل الكلّ الفلسطيني، دون استثناء أو ازدواجية أو وصاية من أحد.


لقد شهدنا جولات متكرّرة من الحوارات في عواصم شتّى، من القاهرة إلى الدوحة، ومن موسكو إلى الجزائر وبكين، غير أنّ معظمها انتهى إلى بيانات شكلية ووعود معلّقة، وما ذلك إلا لأن الإرادة السياسية الحقيقية كانت غائبة، ولأن فصيلاً بعينه، وهو حركة حماس، ما زال أسير حساباته التنظيمية ومصالحه الخاصة، ومرتبطاً بأجندات خارجية تقيّده وتحدّ من قدرته على اتخاذ الموقف الوطني المستقل.


إنّ التعنّت ورفض الشراكة الحقيقية لا يبنيان وطناً ولا يحقّقان وحدة، بل يكرّسان الانقسام الذي أدمى الجسد الفلسطيني وشتّت طاقاته، وإنّ أي حوار وطني لا ينطلق من أسس واضحة ومبادئ جامعة سيبقى ناقصاً وعقيماً، فالحوار الحقيقي هو ذاك الذي يقوم على الاعتراف المتبادل بالمسؤولية، وعلى احترام المرجعية الوطنية المتمثّلة بمنظمة التحرير الفلسطينية وبرنامجها السياسي الذي عبّر عن إرادة شعبنا في الحرية والاستقلال وحقّ العودة، ولا مكان في هذا الإطار للمناورات أو للتنصّل من الالتزامات الوطنية، ولا بديل عن المشاركة الديمقراطية الواسعة التي تتيح لكلّ القوى والفصائل، دون استثناء، الإسهام في صياغة مستقبلنا المشترك.


إنّ الحفاظ على الوحدة الوطنية لا يتحقّق بالشعارات، بل عبر برنامج وطنيّ واضح يقوده عقل جماعيّ يؤمن بالقرار الوطنيّ المستقلّ ويرفض التبعيّة لأيّ محور أو جهة خارجية، ونحن لا نحتاج إلى وسطاء ولا إلى رعاة يملون علينا ما نفعل، بل إلى مراجعة سياسية وتنظيمية عميقة تعيد ترتيب البيت الفلسطيني من الداخل، وتستنهض طاقات الشعب في معركة التحرّر والكرامة.


لقد أثبتت التجارب أنّ غياب الوحدة هو الثغرة التي يتسلّل منها الاحتلال لتفتيت الموقف الفلسطيني، وأنّ الانقسام لم يجلب سوى الضعف والتراجع، أمّا الوحدة، فهي وحدها القادرة على إعادة القضية إلى مكانتها الطبيعية في الوجدان العربي والدولي، وعلى تعزيز صمود شعبنا في وجه آلة العدوان والاستيطان.


من هنا، فإنّ الدعوة إلى حوار وطنيّ ديمقراطيّ شامل ليست مجرّد مطلب سياسيّ، بل هي ضرورة وجودية لإنقاذ ما تبقّى من حلم الدولة والحرية، حوار يقوم على الصراحة لا على المجاملة، وعلى الشراكة لا على الإقصاء، وعلى الإرادة الوطنية الحرة لا على الحسابات الفصائلية الضيّقة.


فلتكن منظمة التحرير الفلسطينية، بما تمثّله من تاريخ وشرعية، الإطار الذي يوحّدنا، لا الساحة التي نتنازع عليها، ولتكن بوصلة الجميع نحو هدف واحد، تحرير الإنسان والأرض، وبناء دولة فلسطين المستقلة، بعقل واحد، وقلب واحدٍ، وقرار وطنيّ مستقلّ.

شاهد أيضاً

الصين : انطلاق المعرض الفني لدورة الألعاب الوطنية الخامسة عشرة

الصين : انطلاق المعرض الفني لدورة الألعاب الوطنية الخامسة عشرة

شفا – يقام المعرض الفني لدورة الألعاب الوطنية الخامسة عشرة في أكاديمية قوانغتشو للفنون من …