
حين تنتصر الحياة على الألم وتزهر صالات الفرح ، بقلم : آمنة الدبش
بعد حرب الإبادة الجماعية التي شنها الاحتلال على قطاع غزة وما خلفته من مدناً مدمّرة وقلوباً مثقلة بالفقد والحرمان يبدو الحديث عن الفرح أمراً مستحيلاً في ظل المجازر الدموية التي طالت البشر والحجر غير أن الإنسان بطبيعته لا يستسلم مهما تعاظمت أحزانه بل يظل يبحث عن نافذة ضوء صغيرة يتنفس منها الأمل ويتمسك عبرها بالحياة وفي هذا السياق يبرز الزواج في الصالات كأحد أشكال استعادة نبض الحياة وكفعل إنساني صامت لكنه عميق يعبر عن إرادة البقاء.
▪︎ الصالات في زمن الحرب
تلعب الصالات دوراً محورياً فهي ليست مجرد أماكن للاحتفال بل تحولت إلى مساحات رمزية تُعلن فيها العائلات تمسكها بالحياة رغم الجراح المفتوحة ففي الوقت الذي ما تزال فيه آثار الدمار تحيط بالناس من كل جانب يأتي العرس ليقول نحن هنا وما زلنا نحب ونحلم ونبني مستقبلاً، إنها فرحة تولد من رحم الألم لا تنكره ولا تتجاهله لكنها تتجاوزه.
الصالات التي تتزين بالأضواء والورود قد تخفي في داخلها قصص فقدٍ وغياب لكن ضحكات الحاضرين وزغاريد الأمهات ورقصات الشباب تشكّل جميعها لغة جديدة تقول بوضوح إن الحياة أقوى من الموت.
▪︎ ما بعد الابادة
الزواج في زمن ما بعد الإبادة ليس هروباً من الواقع بل مواجهة له بإرادة الحياة هو إعلان واضح بأن الاحتلال والدمار لا يستطيعان كسر الروح الإنسانية ولا إيقاف عجلة الحياة فبين الركام يولد الحب وتُعقد الوعود وتُزرع بذور مستقبل يُراد له أن يكون أكثر عدلاً وطمأنينة.
في زمن الحرب يتحول الزواج إلى اختبار حقيقي للصبر والصمود فالأزواج الذين يثابرون على التكاتف وتقديم الدعم لبعضهم البعض في مواجهة الصعاب يبرهنون أن الحب والشراكة ليسا مجرد عاطفة بل قوة قادرة على مقاومة أقسى الظروف، يصبح الزواج في هذه اللحظات رمزاً للأمل والثبات الإنساني ودليلاً على قدرة الإنسان الحفاظ على روابطه الإنسانية رغم التحديات الكبرى.
▪︎ طقوس زواج الابادة
في زمن الحرب تتجرد طقوس الزواج من مظاهرها المعتادة تغدو أكثر بساطة تطلق الموسيقى والزغاريد بحذر احتراماً للوجع العام ودماء الشهداء التي لم تجف بعد، فيما تغيب الاحتفالات الصاخبة لتحل محلها لحظات توازن نفسي بين الحق في الحياة وعمق الفقد وتعيد ترميم ما هدمته الحرب ،فالعقد الذي يُبرم في ظل الخوف ليس مجرد ارتباط بين شخصين بل عهد على الصبر والصمود معاً ورسالة واضحة بأن الحياة رغم كل شيء تستمر.
الأفراح في زمن الإبادة ليست مجرد مناسبات بل هي شكل من أشكال المقاومة من خلال الاحتفال يثبت الإنسان أن الحب والفرح والحياة لا يمكن أن تُهزم وأن الإرادة الإنسانية قادرة على النهوض من بين رماد المعاناة لتبقى الأمل حياً في قلوب الناس.
- – آمنة الدبش – صحفية من قطاع غزة
شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .