2:01 مساءً / 25 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

جمعة آدم ومحمود خربيش … حين يصبح العمر خلف القضبان شهادة ميلاد جديدة للصمود ، بقلم : الأسير المحرر محمد التاج

جمعة آدم ومحمود خربيش … حين يصبح العمر خلف القضبان شهادة ميلاد جديدة للصمود ، بقلم : الأسير المحرر محمد التاج

جمعة آدم ومحمود خربيش … حين يصبح العمر خلف القضبان شهادة ميلاد جديدة للصمود ، بقلم : الأسير المحرر محمد التاج

في فلسطين، حيث يولد الإنسان وهو يحمل الحلم والوطن معا، يقف الأسيران جمعة إبراهيم آدم ومحمود سالم أبو خربيش شاهدين حيين على معنى أن يتحول الزمن إلى ساحة مقاومة، والقيد إلى وعي، والحبس إلى جامعة للكرامة. منذ 31 أكتوبر 1988، لم يرى الرجلان شمس الحرية، ومع ذلك لا يزال اسماهما يترددان كنبض في مدينة أريحا، وكأنهما يمشيان في شوارعها رغم أن جدران السجون تحاصرهما منذ سبعة وثلاثين عاما كاملة.

ولد جمعة آدم عام 1969، فيما جاء محمود خربيش إلى الحياة عام 1967، وكلاهما نشأ في أريحا، المدينة التي تعلم أبناءها أن الشمس حين تشرق على هذه الأرض لا تمنح الضوء فقط، بل الإرادة أيضا. في التاسعة عشرة من عمره، اعتقل جمعة، واعتقل معه محمود، بعد اتهامهما بالمشاركة في عملية حرق حافلة تابعة لقوات الاحتلال، وهي العملية التي أدت إلى مقتل وإصابة عدد من الجنود، ليحكم عليهما بالسجن المؤبد مدى الحياة.

منذ تلك اللحظة وحتى اليوم، لم تفرج سلطات الاحتلال عنهما، رغم أن اسميهما وردا ضمن قائمة الأسرى المعتقلين قبل اتفاقية أوسلو، التي كان من المفترض أن تشملهم صفقات الإفراج، لكن الاحتلال رفض إطلاق سراحهم كما فعل مع غيرهم من رفاقهم. وهكذا دخل جمعة ومحمود العام السابع والثلاثين في سجون الاحتلال، في واحدة من أطول الفصول قسوة في حكاية الأسرى الفلسطينيين.

لكن السجن لم ينجح في تجميد الزمن داخلهما. كلاهما أنهى الدراسة الثانوية، ونال درجة البكالوريوس، والماجستير من خلف القضبان. لم يكتفيا بالعلم، بل كان لهما دور بارز في تنظيم الأنشطة الثقافية والتعليمية داخل السجون، وشاركا في الإضرابات المفتوحة عن الطعام، تلك المعارك الصامتة التي يخوضها الأسرى بأجسادهم حين تغيب العدالة.

ما يجعل حكايتهما مختلفة ليس الحكم المؤبد فحسب، بل ذلك الثبات العجيب على الإيمان بأن الحرية ليست بابا يفتح من الخارج، بل فعل مقاومة يبدأ من الداخل. سجن “هداريم” الذي يحتضن جمعة اليوم، والزنازين التي عايشها محمود، لم تتمكن من كسر عزيمتهما، بل حولتهما إلى مدرستين في الصبر والإصرار.

إن الحديث عن جمعة آدم ومحمود خربيش ليس استعادة لماضٍ بعيد، بل هو دفاع عن المستقبل. فحين ننسى الأسرى، نسمح للقيد أن ينتصر، وللحكاية أن تمحى. هما ليسا مجرد رقم في سجل المعتقلين، بل روح فلسطين خلف القضبان، وجزء من ضمير هذا الوطن الذي لا يشيخ.

في صمتهما رسالة، وفي اسميهما عهد: أن الحرية حق، وأن الذاكرة مقاومة، وأن فلسطين لا تنسى أبناءها مهما طال الغياب.

شاهد أيضاً

بيان صادر عن حركة فتح

بيان صادر عن حركة فتح

شفا – أكدت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ، أن ما صدر عن عدد من …