
“تأثيرُ التعليم الإلكتروني في سياق الحرب في مخيم جنين” ، بقلم : د. مريم أبوبكر
تواجهُ المنظومة التعليمية والتربوية في فلسطينَ عامة وفي مدينةِ جنين ومخيمِها خاصة تحديات سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية بحاجةٍ لاستدامةِ الإصلاحِ والتجديدِ في نُظُمِها لتتوافق وتطورَ التكنولوجيا والكم المعرفي والمعلوماتي الآني في ظلِّ الحربِ وهدمِ البيوتِ والنزوحِ المتكررِ وغيابِ البيئةِ الآمنة.
يُدرك المعلمُ حاجةَ ورغبةَ المُتعلمِ في الاستمراريةِ في التعليمِ وضرورة حضور المحاضرات والحصصِ الإلكترونيةِ المصاحبةِ في ظرفِ الحربِ الراهن, في حين يُعاني المُتعلمُ من نقصٍ حادٍّ في أدواتٍ تُسهمُ في حضورهِ حصصَ الدرسِ افتراضيًا؛ إذ لا يملك جهازَ حاسوبٍ أو موبايل حديث أو حتى الوقت؛ لانشغالهِ في كيفيةِ توفيرِ مصدرِ دخلٍ لأسرتهِ… لتنتجَ مشكلةَ عدم المساواة في حقِ التعليمِ لكلِ فردٍ يعيشُ على أرضِ الوطن… إذ يمثلُ التعليمُ الإلكترونيّ تحديًا كبيرًا في تحقيقِ تكافؤ فرص التعلم وجودته.
ويستمرُ الشعبُ الفلسطينيّ في مقاومةِ سياسات التجهيل والإبادةِ المعرفيةِ التي يتَّبِعُها الاحتلالُ مع مواطنيه, فواقعُ حياةِ الفلسطينيّ حافلةٌ بالمتغيراتِ المستجدةِ على أرضهِ, وحاجةُ التعليمِ إلى التعليمِ الإلكترونيِّ تظلُ قائمةً وَفقَ فرصِ التعليمِ المواتية.
ويمكنُ القول أنَّ التوازنَ بينَ التعليمِ الحضوريّ والتعليمِ الإلكترونيّ أصبحَ ضرورةً ملحةً لتعزيزِ التَّعلُم عبرَ الدروسِ الرقميةِ والمنصاتِ التفاعليةِ والمحتوى المرئيّ والتقييمات الإلكترونية, لسدِ الفجواتِ المعرفيةِ والمهاريةِ الناتجةِ عن الانقطاعِ أو ضعفِ التحصيلِ الدراسيّ, برغمِ وجودِ فجوةٍ تعليميةٍ واضحةٍ بين التعليمِ الحضوريّ والتعليمِ الإلكترونيّ عن بعد تتمثلُ في مستوى التفاعلِ والتحصيلِ الأكاديميّ وفرصِ التطبيقِ العمليّ للمهارات, والتي بدورِها تؤثرُ في جودةِ التعليمِ ومستوى الفهمِ لدى المتعلم.
ويتكاملُ التعليمُ الإلكترونيّ والتعليمُ الحضوريّ في ظلالِ وطأةِ المستجداتِ الحاصلةِ على أرضِ جنين ومخيمِها وَفْقَ ما يقعُ على عاتِقِ كلِ فردٍ منْ مسؤوليةٍ مجتمعيةٍ حرصًا على استدامةِ مقاومةِ الإبادةِ المعرفيةِ في حالةِ الحروبِ والإغلاقاتِ المتكررةِ في فلسطين؛ بسبب أفعال المحتل اللامسؤولة لتعطيلِ دوامِ الجامعاتِ والمدارسِ بوضعِ كافةِ أشكالِ العراقيل والمعيقات أمامَ المعلمين والمتعلمين! ؛ وانطلاقًا منَ التركيزِ على المحتوى التعليميّ والحفاظِ على هويةِ التعليمِ في فلسطين, وحتى لا يُترك أهلُ جنين والمخيمِ وحدَهُم, برزت مبادرات من ذوي الخبرةِ والأكفاءِ تركزُ على توجيهِ النازحينَ ورعايتِهِم بطرقٍ متعددةٍ تعززُ مضامينَ الهويةِ والصمودِ والمقاومةِ, وتعملُ على تكثيفِ برامج الدعمِ النفسيّ للنازحين بشكلٍ عام والمتعلمين بصورةٍ خاصة وإعادةِ بناءِ البرامجِ التعليميةِ وربطِها بالسياقِ الفلسطينيّ, وربطِ التعافي بالمشروعِ السياسيّ التحرريّ والوعيّ الجمعيّ عبرَ إشراكِ الناس في تغييرِ واقعِهم.
ومنَ الحلولِ المقترحةِ:
1-توفيُر البنية التحتية الرقمية, لضمانِ وصولِ المعلم والمتعلم إلى الإنترنت والأجهزة المناسبة, من خلالِ شراكات مع منظمات دولية أو مبادرات مجتمعية.
2-تفعيلُ التعلم غير المتزامن؛ وإتاحة الدروس والتقييمات للتحميلِ أو المشاهدةِ في أيِّ وقتٍ لتجاوزِ مشاكلَ انقطاعِ الكهرباء أو الإنترنت.
3-التعاون مع منظماتِ الإغاثةِ والتعليم؛ وإشراك الجهات الدولية والمحلية في تمويلِ ودعمِ مشاريعَ التعليمِ الإلكترونيّ, وتوزيع الموارد التعليمية الرقمية.
4-تقييمٌ مستمرٌ لجودةِ التعليمِ الإلكترونيّ؛ وإنشاء آليات لمتابعةِ التحصيلِ والتفاعلِ, وتعديلِ الخططِ التعليميةِ بما يتناسبُ مع الظروفِ المتغيرةِ.
- – د. مريم أبوبكر – المدير الثقافي لفرع الشمال في نادي أحباب اللغة العربية الفلسطيني .