
تعقيب على ورقة د. وليد عبد الحي” مفهوم السلام بين العقل الصهيوني والعقل العربي “، معاهدة السلام بين الضفدع التمساح ،، بقلم د. وليد العريض
الغابة التي لا يستجاب فيها الدعاء ( 31)
في صباحٍ هادئٍ على ضفة المستنقع الكبير اجتمعت مخلوقات الغابة لتشهد حدثًا تاريخيًّا:
الضفدعُ الأعظم سيوقّع مع التمساح اتفاقيةَ سلامٍ نهائية
بعد قرونٍ من الرعب والافتراس.
كان الضفدعُ يرتدي ربطةَ عنقٍ خضراءَ تشبه جلده ووقف أمام بركة الطين وهو يقول بصوتٍ مرتجف:
لقد تعبنا من الحرب! حان الوقتُ للعيش بسلامٍ مع إخوتنا التماسيح، فهم لم يلتهموا منّا سوى القليل وبالخطأ طبعًا!”
هزّ التمساح رأسهُ موافقًا، بينما ظلّ يلمّع أسنانه في المرآة المائية.
ثم قال بنغمةٍ ناعمة:
نحن أيضًا نرغب بالسلام… فأنتم وجبتنا المفضّلة ولسنا نريد أن تنقرضوا بسرعة!
صفّقت العصافير من بعيدٍ بارتباك وتثاءبت الزرافة وهي تهمس:
يا له من سلامٍ جميل، يشبه قفصًا ملوّنًا أُغلق من الداخل!
في تلك اللحظة، كتب البومُ الحكيم في دفتره اليومي:
سلامٌ بلا معركة… كمن يوقّع شهادةَ وفاته وهو يبتسم.
أما الضفدع فواصل خطبته الحماسية:
هذا يوم عظيم في تاريخ الغابة! لقد أصبح الأمان خيارًا استراتيجيًا لا بديل عنه!
ضحكت الأرانب في الخفاء، وقال أحدها لرفيقه:
هو يقصد الأمان من التمساح أم الأمان في جوفه؟
ثم بدأت مراسم التوقيع، فأمسك الضفدع بورقةٍ ضخمة كُتب عليها بالحبر الأخضر:
نتعهد نحن التماسيحَ والضفادعَ بعدم الاعتداء إلا عند الضرورة.
تأملها القرد العجوز وقال ساخرًا:
الضرورة؟ آه نعم… حين يجوع التمساح فقط!
وانتهى الاحتفال بنشيدٍ جماعيٍّ رنّان عن التعايش،
ثم قفز الضفدع إلى صدر التمساح لالتقاط الصورة التذكارية
فابتسم التمساح للكاميرات قبل أن يغلق فمه بلطفٍ كامل.
وفي المساء كتب البوم في الهامش الأخير من يومياته:
“سلامهم يبدأ بالابتسامة وينتهي بالابتلاع
وسلامنا يبدأ بالخوف وينتهي بالتصفيق.”
ثم أضاف جملةً صغيرةً بدت كخاتمة نبوءةٍ حزينة:
في هذه الغابة… لا يُستجاب الدعاء حتى للضفادع التي وقّعت مع الموت اتفاقيةَ حياة.