
رؤية استباقية في بناء الشخصية المتوازنة للطلبة ، بقلم : د. خلود عبدو
بسم الله الرحمن الرحيم
يُمثل الدخول المدرسي منعطفًا تنمويًا حاسمًا في المسار التعليمي للطلبة، حيث يتجاوز كونه حدثًا روتينيًا ليصير ظاهرة سوسيو – نفسية متعددة الأبعاد، تتفاعل فيها العوامل النفسية والاجتماعية والتربوية بشكل تراكمي. وتكمن أهمية هذه المرحلة الانتقالية في دورها التأسيسي لمسار تعليمي متوازن، مما يستدعي تدخلًا تربويًا مخططًا يضمن سلاسة الانتقال من حُرية العطلة إلى انضباط البيئة المدرسية.
الأبعاد النفسية والاجتماعية للتهيئة المدرسية
- التأسيس الذهني الإيجابي: تحويل صورة المدرسة في الوعي الطفولي من فضاء للواجبات إلى بيئة للاستكشاف والتفاعل الاجتماعي، مع التركيز على البعد العلاقي في تكوين الصداقات.
- إدارة القلق المدرسي: تبني منهجية الاستماع الفعال للهواجس الطلابية، مع تقديم ضمانات واقعية تعزز الشعور بالكفاءة الذاتية.
- الانتظام البيولوجي-النفسي: تطبيق برنامج تدريجي لضبط الساعة البيولوجية عبر تعديل أنماط النوم والاستيقاظ، مما ينعكس إيجابًا على الجاهزية المعرفية.
- تعزيز المرونة النفسية: بناء المخزون من الثقة الذاتية من خلال استحضار النجاحات السابقة، مع تنمية مهارات المواجهة الإيجابية للتحديات.
الاستراتيجيات التدخلية للأسرة والمعلمين
· الحوار التأسيسي: تبني حوارات يومية هادفة لرصد الحالة النفسية، مما يعزز الشعور بالأمان الوجداني.
· تعزيز الدافع الذاتي: استخدام أنظمة تحفيزية غير مادية تركز على القيمة المعنوية للإنجاز.
· النمذجة السلوكية: تقديم نموذج حي للاهتمام بالمعرفة داخل المحيط الأسري، مما يخلق سياقًا ثقافيًا داعمًا.
· التشخيص المبكر للصعوبات: الرصد الاستباقي لمؤشرات الرفض المدرسي، والتدخل المهني المبكر عند الضرورة.
يتجلى الدخول المدرسي كمنظومة تنموية متكاملة، حيث ينتظم المسار التعليمي ضمن سياق نفسي-اجتماعي شامل. وتُعد التهيئة النفسية والاجتماعية في هذا الإطار استثمارًا تنمويًا طويل المدى، يسهم في تشكيل الشخصية المتوازنة القادرة على التوافق الدراسي والاندماج الاجتماعي.
وختامًا، يمكن القول إن نجاح المرحلة الانتقالية للدخول المدرسي يُعد مؤشرًا تنبؤيًا للأداء الأكاديمي المستقبلي، كما يمثل حجر الأساس في بناء الكفاءات الحياتية الضرورية لمواجهة التحديات المستقبلية، مما يجعل من الاستثمار في الجوانب النفسية والاجتماعية أولوية تنموية تتجاوز النجاح الدراسي إلى تحقيق الازدهار الشخصي.
والله ولي التوفيق