7:45 مساءً / 24 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

أسطول الحرية… الجبهةُ الثامنة ، بقلم : راسم عبيدات

أسطول الحرية… الجبهةُ الثامنة ، بقلم : راسم عبيدات

يحلو لرئيس وزراء الاحتلال نتنياهو القولُ بأنه يحارب على سبع جبهات: قطاع غزة، الضفة الغربية، سوريا، لبنان، العراق، اليمن، وإيران؛ حربٌ يخوضها تحت شعار «الحرب الوجودية» أو «حربُ القيامة» أو «حربُ الاستقلال» الثانية التي سيعمل على تحقيق النصر الحاسم فيها لتغيير وجه الشرق الأوسط وإقامة «إسرائيل» الكبرى الممتدة على طول وعرض مساحة فلسطين التاريخية وأجزاء من الأراضي الأردنية والسورية واللبنانية والعراقية والمصرية والسعودية، وأن تصبح أجزاء من الجغرافيا العربية مدى جغرافيًا لأمن «إسرائيل»، وضمن رؤية لحل سياسي في المنطقة والإقليم تقوم على أساس «التطبيع والسلام مقابل الأمن».

حتى اللحظة لم يتمكن نتنياهو وشريكه المأفون ترامب من حسم حروبهما على هذه الساحات، باستثناء الإنجاز المتحقق على الجبهة السورية، حيث نجح التحالف الأمريكي-الإسرائيلي-التركي-السعودي في إسقاط سوريا كدولة ونظام وإقامة نظام انتقالي جديد لم يستطع تثبيت ركائزه حتى اللحظة، وربما الأمور قد تذهب نحو الانفجار في ظل تمادي «إسرائيل» وإصرارها على استمرار استباحة أجواء سوريا واعتبار جزء من جغرافيا سوريا في منطقة الجنوب مناطق حماية أمنية «إسرائيلية» يمنع تواجد الجيش السوري فيها، وكذلك إدخال أسلحة ثقيلة إليها وعدم تحليق الطيران السوري فوقها.

أما على صعيد لبنان، فالنجاح المتحقق كان في إقامة حكومة لبنانية تعمل تحت السقف الأمريكي، دون أن تكون قادرة على نزع سلاح المقاومة أو السير بخطة المندوب السامي الأمريكي توماس باراك، المتضمنة النزع عبر تحديد جداول زمنية لذلك. فالحزب، بعد أن نجح في ترميم قوته وإعادة هيكلة أوضاعه التنظيمية، واستعادة توازن الردع والتوازن الاستراتيجي بعد عام على جريمة «الحزمة الثلاثية» القاتلة واغتيال أمينيه العامين — سماحة السيد نصر الله والشيخ صفي الدين — وعلى لسان أمينه العام الحالي الشيخ نعيم قاسم، قال في ذكرى ارتقاء نصر الله وصفي الدين إن الحزب والمقاومة لن يسلموا سلاحهم، وحتى لو خاضوا في سبيل ذلك معركة بروحٍ كربلائية.

طبعًا فيما يتعلق بالحرب العدوانية المشتركة على إيران فشلت؛ لم يسقط النظام فيها، ولم تُدمر منشآتها النووية، وترفض إيران التوقف عن التخصيب للأغراض السلمية والمدنية. وفي اليمن حصدت أمريكا فشلًا ذريعًا في حربها، في محاولةٍ لإبعاد الداخل «الإسرائيلي» عن صواريخ ومسيرات اليمن. وفي جبهة القطاع لم تنجح «إسرائيل» وآلتها العسكرية في إحداث تحول نوعي أو تحقيق «النصر الساحق».

الآن، في ظل ما نشهده من تحولات على الصعيد العالمي وفي شوارع الكثير من شعوب العالم، وخاصة في أمريكا اللاتينية وأوروبا، والتي تملأ الميادين والساحات وتلفظ الرواية والسردية «الإسرائيلية» وتعمّق من عزلة دولة الاحتلال وتشدّ الخناق عليها، انطلق أسطول «صمود الحرية» بمبادرة نشطاء من 44 دولة وأكثر من خمسين قاربًا وسفينة، مبحرًا من عدة موانئ أوروبية وعربية نحو قطاع غزة من أجل كسر الحصار عليه وإيصال المساعدات الإنسانية إلى سكانه. هذا هدف رمزي، لكن الهدف الأكبر والأول هو كسر الحصار البحري على القطاع. وهنا تكمن خطورة هذه الجبهة الثامنة على دولة الاحتلال، حيث ستكون هناك معركة سياسية وإعلامية وتتحمّل أعباء عسكرية كبيرة.

«إسرائيل» هذه المرة لن تستطيع التعامل مع أسطول صمود الحرية كما تعاملت مع السفن والأساطيل السابقة التي أتت لكسر الحصار عن قطاع غزة — بالقتل والإغراق كما جرى مع سفينة «مرمرة» التركية، التي كانت ضمن أسطول كسر الحصار المكوّن من عدة سفن وعلى متنها 750 ناشطًا من 36 دولة (أجانب وعرب)، قدموا لفكّ الحصار عن قطاع غزة؛ حيث قامت قوات البحرية «الإسرائيلية» وطائرات الهليكوبتر في 30 أيار 2010 بعملية إنزال فوق السفينة، قُتل فيها 10 أشخاص وأُصيب أكثر من 50 آخرين.

أو القيام باعتراض السفن والقوارب واقتيادها إلى أحد موانئ «إسرائيل» — حيفا أو أشدود — واعتقال من هم عليها والتحقيق معهم وإبعادهم إلى الدول التي قدموا منها، كما حدث في أسطول «مادلين» الذي كانت على رأسه الناشطة الشابة السويدية غريتا ثونبرغ أواخر أيار الماضي.

الوضع اليوم مختلف تمامًا؛ دولة الاحتلال تعيش مأزقًا كبيرًا، حيث تتعمق العزلة السياسية ويتغير الرأي العام الغربي بشكل كبير لصالح الشعب الفلسطيني، وتفرض العديد من الدول عقوبات تجارية واقتصادية وحتى عسكرية على «إسرائيل»، ويتجمّع مئات الآلاف — إن لم يكن الملايين — في الساحات والميادين خلف هذا الأسطول، وتُرسل دولٌ سفنها العسكرية لحمايته ومرافقته.

بعد أن فشلت كل الجهود والوساطات لإقناع المتضامنين بتسليم المساعدات بعهدة طرف ثالث أو بتفريغها في مينائي أشدود أو حيفا لإرسالها إلى سكان قطاع غزة، يبدو أن التخلص من تحدّي الأسطول ليس ممكنًا عبر السماح له بالوصول إلى غزة، لأن ذلك سيفتح الباب أمام أساطيل أكثر عددًا تنهي الحصار وتحدث تغييرًا استراتيجيًا في الحرب الإسرائيلية على غزة والمقاومة.

تتجه التحليلات العسكرية إلى ترجيح تركيز الجهود العسكرية الإسرائيلية على إقامة سدٍ يمنع الأسطول من الوصول إلى غزة، وتستند فكرة إقامة هذا السد على توزيع تشكيلات حربية بحرية تشكّل جدارًا يصعب اختراقه، مع تحريك طائرات مسيّرة تثير الذعر قرب المراكب والزوارق بإلقاء قنابلها بالقرب من قطع الأسطول والمناورة فوقها.

هذا لن يردع الأسطول أو يدفع القائمين عليه إلى اتخاذ قرار العودة؛ بل سيتحوّل الأسطول على الأرجح إلى اعتصام بحري في سواحل قريبة من غزة تأتيه الإمدادات والمؤن والأدوية وتُجرَى تبديلات بين النشطاء المعتصمين عليه، وتُرفَدُه بسفن جديدة. والأسطول أصلاً يتعاظم قبل حدوث هذا، حيث تلتحق السفن به منذ انطلاقه وهي مرشّحة للمزيد.

فلسطين — القدس المحتلة

شاهد أيضاً

ملتقى دولي من تنظيم أكاديمية الوهراني للدراسات العلمية والتفاعل الثقافي – وهران – الجزائر وبالتنسيق مع هيئات وطنية ودولية

ملتقى دولي من تنظيم أكاديمية الوهراني للدراسات العلمية والتفاعل الثقافي، وهران /الجزائر، وبالتنسيق مع هيئات …