
كلما زادت معرفتي للبشر… زاد احترامي للكلاب ، بقلم: رانية مرجية
كلما اتسعت معرفتي بالبشر، زاد يقيني أن الكلاب أكثر وفاءً منهم.
قد تبدو العبارة قاسية، بل صادمة، لكنها ليست سوى انعكاس لتجارب متراكمة علّمتني أن الكلاب، في بساطتها وصدقها، أكثر إنسانية من كثير ممن يرفعون راية الإنسانية.
وفاء الكلب وبؤس الإنسان
الكلب لا يخون صاحبه، ولا يطعنه في الظهر.
الكلب لا يعرف المراوغة ولا التلاعب بالمشاعر.
يكفي أن تنظر في عينيه لتقرأ لغة نقية لا تعرف الكذب. بينما البشر، للأسف، يبتسمون وهم يخفون خناجرهم في ثنايا كلماتهم.
أليس مؤلماً أن نجد في مخلوق صامت ما نفتقده في كائن ناطق؟
الفطرة التي لا تفسد
الكلب لا يتغير بالمال ولا بالجاه ولا بالمناصب.
يبقى على فطرته: وفيّ لمن أحبّه، صادق في حمايته، صريح في غضبه، وسخي في مودته.
أما البشر، فالفطرة فيهم تُلوّثها المصالح. يغدو الصديق عدواً حين يختلف معك على فتات، ويتحوّل القريب غريباً إن تعارضت الطرق.
فلسفة في الصداقة
تعلمت من الكلاب أن الصداقة ليست شعارات تُقال، بل حضن دافئ حين يشتد البرد، ونبحة عالية حين يقترب الخطر، وجلوس صامت قربك حين لا تجد للكلام معنى.
بينما في عالم البشر، كثير من الصداقات قائمة على المصالح: دوامها بدوام المنفعة، وزوالها بزوالها.
الإنسان… والكلب مرآته
أعرف أن بعض القراء سيتهمونني بالمبالغة، وربما بالرومانسية المفرطة تجاه الكلاب. لكن الحقيقة أن الكلب ليس سوى مرآة تكشف هشاشتنا نحن البشر. هو يذكّرنا بما فقدناه: البساطة، الصدق، والوفاء.
لذلك حين يزداد انكشاف زيف العلاقات، يتضاعف احترامي للكلاب، لا لأنهم فوق البشر، بل لأنهم يذكّروننا بما كان ينبغي أن نكون عليه.
الخاتمة
أكتب هذه الكلمات لا دعوةً لتمجيد الكلاب، بل لتأمل أنفسنا.
فإذا كنا نغار من وفاء الكلب لصاحبه، أفلا يجدر بنا أن نسأل:
لماذا فقدنا نحن البشر قدرتنا على الوفاء لبعضنا البعض؟