3:28 مساءً / 22 سبتمبر، 2025
آخر الاخبار

يائير غولان يسير بعيون مفتوحة وراء القطيع ويقدم له مشروع إنقاذ ، بقلم : تيسير خالد

يائير غولان يسير بعيون مفتوحة وراء القطيع ويقدم له مشروع إنقاذ ، بقلم : تيسير خالد

غريب امر يائير غولان ، زعيم ” حزب الديمقراطيين ” في اسرائيل ، يتأرجح في مواقفه بين اليمين واليسار الصهوني . شلوميت آلوني ، التي شغلت ذات يوم زعامة حزب ” ميريتس ” وريث حزب مابام ، تتلوى في قبرها ، بعد ان دفن هذا الرجل حزبها المعتدل في مقبرة اليمين الاسرائيلي . ما ان سمع غولان بخبر اعتراف دول التاج البريطاني ، المملكة المتحدة وكندا واستراليا ، بدولة فلسطين ، حتى سار وراء القطيع الصهيوني يقدم له مشروع إنقاذ من العزلة ومن الهوة التي سقط فيها بعدما ذهب بعيدا في حربه الوحشية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة كما في الضفة الغربية .

في ردة الفعل على هذا الاعتراف أعلن غولان أن الحديث عن دولة فلسطينية “مدمر لإسرائيل” وأنه ” يتعين علينا أن نتحدث الآن عن عملية في مركزها مبدأ انفصال مدني مع مسؤولية أمنية بأيدي إسرائيل، لفترة زمنية طويلة وأساسية تتيقن دولة إسرائيل خلالها من أنه في الجانب الثاني (الفلسطيني) هناك من يطبق أي اتفاق مستقبلي ” .

في ردة فعله هذه ، اختار يائير غولان ، التقرب من يائير لابيد ( رئيس المعارضة الاسرائيلية وزعيم حزب ” يش عتيد ” ) ، الذي وصف الاعترافات بأنها “كارثة سياسية، خطوة سيئة وجائزة للإرهاب ” وحمّل حكومة نتنياهو المسؤولية، قائلاً : “حكومة إسرائيلية فاعلة كان يمكنها أن تمنع ذلك، من خلال عمل ذكي وجاد، بحوار دبلوماسي مهني، وبشرح صحيح .” وأضاف أن الحكومة “التي جلبت علينا الكارثة الأمنية الأخطر في تاريخنا، تجلب علينا الآن أيضًا أخطر أزمة سياسية على الإطلاق”. كما اختار التقرب من بيني غانتس (رئيس حزب أزرق أبيض) ، الذي يرى أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية بعد أحداث 7 أكتوبر ” لا يؤدي إلا إلى تشجيع حماس، وإطالة أمد الحرب، وإبعاد فرص التوصل إلى صفقة للإفراج عن المحتجزين “. ومن غير المستبعد ان يكون غولان بهذه المواقف يخاطب بنيامين نتنياهو وهو في طريقه للقاء الرئيس الاميركيى دونالد ترامب على هامش اجتماعات الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة وعلى ابواب اللقاء ، الذي يخطط له مع قادة كل من السعودية والإمارات وقطر ومصر والأردن وتركيا .

كان في وسع يائير غولان ان يميز نفسه وحزبه الجديد بموقف ينآى بنفسه عن السير بعيون مفتوحة وراء القطيع ، ليس بالضرورة بمحاكاة شلوميت الوني ، التي دعت بمواقف واضحة الى وضع حد للاحتلال ، ودافعت عن إقامة دولة فلسطينية على الأراضي التي استولت عليها إسرائيل أثناء حرب عام 1967 ، وكان لها موقف جريء في الدفاع عن النائب العربي السابق بالكنيست عزمي بشارة، واتهمت جهاز المخابرات الإسرائيلية الداخلية “شاباك” بتلفيق ملف امني للنائب بشاره بغرض “التخلص من شخصية فذة ومثقف كبير”، فمثل هذا الموقف لم يكن متوقعا من سياسي اسرائيلي جاء من اوساط عسكرية شكلت شخصيته السياسية في مرحلة لاحقة ، شخصية قلقة يشدها ماضيها العسكري بكل جرائمه الى الخلف ، رغم انتقاده لسلوك جنود الاحتلال ، الذ ين يمارسون عمليات قتل لأطفال قطاع غزة كهواية .

ولكن ما الذي يعنيه يائير غولان في حديثه عن عن عملية في مركزها مبدأ انفصال مدني مع مسؤولية أمنية بأيدي إسرائيل، لفترة زمنية طويلة وأساسية تتيقن دولة إسرائيل خلالها من أنه في الجانب الثاني (الفلسطيني) هناك من يطبق أي اتفاق مستقبلي ” . وهل فعلا هو الجانب الفلسطيني ، الذي لم يلتزم بتطبيق الاتفاقيات ، التي تم التوقيع عليها بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي في ايلول من العام 1993 وما بعده .

هنا يعيد غولان الى الذاكرة أكاذيب ايهود باراك ، رئيس وزراء اسرائيل الاسبق ، الذي حمل الجانب الفلسطيني مسؤولية فشل مفاوضات كامب ديفيد عام 2000 ، باستضافة الرئيس الاميركي الاسبق بيل كلينتون ورئاسته واطلق عبارته المشهورة بأنه لا يوجد شريك فلسطيني لتسوية الصراع ، وهو يعلم بأن دولته بسياستها الاستيطانية التوسعية والعدوانية هي الجهة التي تتحمل المسؤولية الكاملة عن الفشل . غير بعيد عن ذلك العام قال دوف فايسغلاس ، المستشار السياسي لرئيس الوزراء الاسرائيلي ، الذي خلف باراك في رئاسة الحكومة ، ان دولته أنهت العمل باتفاقيات اوسلو ووضعتها في مادة ” الفورمالين ” حتى لا تتعفن وتتحلل وتفوح رائحتها .

أما الانفصال المدني عن الفلسطينيين واستمرار المسؤولية الامنية بيد دولة الاحتلال عن الاراضي الفلسطينية المحتلة بعدوان 1967 ، فهي البدعة الجديدة لحلول تقوم على إقامة نظام فصل عنصري تحتفظ فيه دولة يائير غولان بالسيطرة على الارض بسكانها وهي في جوهرها لا تشبه حلول بتسلئيل سموتريتش فقط من بعيد ، الذي يخير الفلسطينيين بين العيش في معازل تحت السيطرة الامنية الكاملة لدولة الاحتلال او الهجرة ” الطوعية ، ومن يرفض هذا وذلك يترك امر مصيره لجيش الاحتلال . ليس هناك من معنى آخر لما يسميه غولان ” الانفصال المدني ” عن الفلسطينيين لفترة زمنية طويلة وأساسية .


فكرة الانفصال المدني . التي يدعو لها يائير غولان ليست بالجديدة ، هي تعود في جذورها الى خطة ارئيل شارون للانفصال عن الفلسطينيين عام 2005 ، وهي تعني وقف الاستيطان في أجزاء من الضفة الغربية ، لا ترغب حكومة الاحتلال السيطرة عليها في اي اتفاق مستقبلي وتعني في الوقت نفسه، استمرار انتشار الجيش الاسرائيلي في ارجاء الضفة لاغراض امنية دون جدول زمني ، وتعني كذلك ان على الفلسطينيين أن يدركوا بأنهم لن يحصلوا على الاستقلال الكامل ، على الاقل لسنوات طويلة ، بل في الحد الاقصى على حكم ذاتي موسع . الفكرة نفسها كانت محور اهتمام الاوساط الحاكمة في اسرائيل قبل عشر سنوات وكان لها تأييد واسع في الكنيست الاسرائيلي ، ضفة غربية محاصرة من الجهات الأربع، ونحو 70 % من مساحة الضفة بما فيها القدس ، تحت سيطرة جيش الاحتلال وفصل 200 ألف مقدسي فلسطيني عن مدينتهم كليا، عبر جدار الضم والتوسع العنصري . حزب العمل الاسرائيلي ، اكبر احزاب المعارضة آنذاك كان يدافع عن الفكرة ويتبناها كمشروع للتسوية السياسية ، في حين كان واضحا من خطابات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أمام الكنيست في حينه أنه ليس فقط يتبنى المشروع، بل إنه أول من لوّح بشبيه له في العام 2009؛ حيث قال إن حزب ‘العمل’ يصل متأخرا إلى هذا الموقف.

يائير غولان وصل متأخرا ، فالاعتراف الدولي بدولة فلسطين قطع عليه وعلى نتنياهو وعصابته في الحكومة الطريق ، فبالتزامن مع انعقاد الدورة رقم 80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، سوف تحصل دولة فلسطين على اعتراف 10 دول جديدة لها وزنها ، بينها دول كبرى كبريطانيا وفرنسا، ليصل عدد الدول التي تعترف بفلسطين إلى 159 من أصل 193 دولة. هذه الاعترافات تحمل دلالات سياسية وقانونية مهمة ، لا يوقفها مشاريع الانفصال المدني عن الفلسطينيين ولا هستيريا المتطرفين في حكومة الاحتلال أمثال بتسلئيل سموتريتش وبن غفير ولا توقفها تهديدات الضم التي يلوح بها بنيامين نتنياهو ولا المواقف العدائية للادارة الاميركية ورسائل التهديد ، التي بعثتها الولايات المتحدة إلى فرنسا وبريطانيا وغيرهما من الدول في العاشر من ايلول الجاري التي ” تعتبر الاعتراف بدولة فلسطين مخالفة لمصالح السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وتجعل السابع من تشرين الأول عيداً لاستقلال فلسطين”، وفق ما نشرته هيئة البث الإسرائيلية الرسمية ونقلته وكالة رويترز قبل أيام .

شاهد أيضاً

الصين : الفلسطينيون يحكمون بلادهم ويجب أن يتحقق على أرض الواقع

الصين : الفلسطينيون يحكمون بلادهم وهذا يجب أن يتحقق على أرض الواقع

شفا – أكدت وزارة الخارجية الصينية اليوم، على لسان المتحدث الرسمي باسمها، أن مبدأ “الفلسطينيون …