8:44 مساءً / 6 سبتمبر، 2025
آخر الاخبار

أين الدعم العربي والدولي للسلطة الفلسطينية في ظل أزمتها المالية الخانقة ؟ ، بقلم : علاء عاشور

أين الدعم العربي والدولي للسلطة الفلسطينية في ظل أزمتها المالية الخانقة؟ بقلم : علاء عاشور

تمر السلطة الوطنية الفلسطينية اليوم بأصعب أزمة مالية منذ تأسيسها عام 1994، حيث تواجه عجزاً متراكماً في موازنتها العامة، وضعفاً حاداً في قدرتها على دفع الرواتب وتغطية النفقات الأساسية، في وقت تتزايد فيه الضغوط السياسية والأمنية والاجتماعية على الأرض. هذه الأزمة ليست عابرة أو مجرد ضائقة اقتصادية؛ بل هي تهديد مباشر لبقاء السلطة ومؤسساتها، وبالتالي تهديد للاستقرار في الأراضي الفلسطينية والمنطقة برمتها.

أولاً: مسؤولية عربية غائبة

من المؤسف أن الدعم المالي العربي للسلطة الفلسطينية تراجع بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، بالرغم من أن القمم العربية المتعاقبة أكدت في بياناتها الختامية ضرورة دعم صمود الفلسطينيين وتمويل موازنة السلطة بشكل منتظم. الدول العربية الغنية، ولا سيما في الخليج العربي، قادرة على سد العجز المالي الفلسطيني بمبالغ زهيدة قياساً بحجم فوائضها المالية. ومع ذلك، نلحظ أن التحويلات المالية غير منتظمة، وغالباً مشروطة باعتبارات سياسية أو إقليمية، الأمر الذي يترك السلطة في مهب الضغوط الخارجية.

هذا الغياب العربي عن تحمل المسؤولية لا يضعف السلطة الفلسطينية فحسب، بل يفتح الباب واسعاً أمام أطراف أخرى لملء الفراغ، سواء عبر إسرائيل التي تتحكم بأموال المقاصة، أو عبر قوى إقليمية تسعى لتوسيع نفوذها على الساحة الفلسطينية. وفي ظل الأوضاع الميدانية المشتعلة، يصبح استمرار هذا النهج بمثابة تخلي عن الحد الأدنى من الواجب القومي تجاه القضية الفلسطينية.

ثانياً: الاتحاد الأوروبي بين الحرص والعجز

الاتحاد الأوروبي يُعد أكبر مانح للسلطة الفلسطينية منذ عقود، وهو يدرك أن انهيار السلطة سيعني فوضى سياسية وأمنية تضر مباشرة بمصالحه في الشرق الأوسط، بدءاً من موجات الهجرة غير الشرعية، وصولاً إلى تنامي الحركات المتطرفة. ورغم ذلك، يكتفي الأوروبيون غالباً بالدعم المالي الإغاثي والبيانات السياسية الداعمة لحل الدولتين، دون أن يطوروا أدوات ضغط فعلية على إسرائيل لإيقاف قرصنة أموال المقاصة أو التوسع الاستيطاني الذي يقوض إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة.

الاتحاد الأوروبي إذا كان جاداً في الحفاظ على السلطة ككيان سياسي وإداري، عليه أن ينتقل من موقع الممول إلى موقع اللاعب السياسي الفاعل، عبر تبني سياسات مشروطة مع إسرائيل، وربط التعاون الاقتصادي والدبلوماسي معها بمدى التزامها بوقف الإجراءات أحادية الجانب.

ثالثاً: مؤتمر حل الدولتين كفرصة استراتيجية

في ظل هذا الواقع المأزوم، يطل الحديث عن مؤتمر دولي لحل الدولتين كنافذة أمل سياسية واقتصادية في آن واحد. فنجاح هذا المؤتمر في إعادة الاعتبار للمشروع السياسي الفلسطيني سيعني تلقائياً فتح قنوات جديدة للاعتراف الدولي والدعم المالي، من خلال برامج إعادة إعمار وتنمية، وربط الاقتصاد الفلسطيني بمشاريع إقليمية كبرى.

إن أي مسار سياسي جاد يفضي إلى تجديد الشرعية الدولية لفكرة الدولة الفلسطينية، سيجبر الدول العربية والدولية على ضخ الموارد المالية والسياسية لضمان نجاح هذا المشروع. ومن هنا، يجب على القيادة الفلسطينية أن تتعامل مع المؤتمر ليس كمنبر دبلوماسي عابر، بل كفرصة استراتيجية لإعادة بناء التحالفات وكسب الضمانات الدولية.

خاتمة: السلطة بين البقاء والانهيار

إن استمرار الأزمة المالية الخانقة دون تدخل عربي ودولي فاعل سيقود حتماً إلى اهتزاز بنية السلطة الفلسطينية، وما يترتب على ذلك من فراغ سياسي وأمني ينعكس على مجمل الإقليم. المطلوب اليوم موقف عربي جاد يترجم الأقوال إلى أفعال من خلال آلية دعم مالي منتظم ومستقر، إلى جانب دور أوروبي أكثر حزماً في الضغط على إسرائيل، إضافة إلى استثمار الفرص السياسية القادمة مثل مؤتمر حل الدولتين لإعادة وضع القضية الفلسطينية في صدارة الاهتمام الدولي.

فالقضية لم تعد مجرد أزمة رواتب أو عجز ميزانية، بل هي معركة بقاء لمشروع وطني بأكمله.

شاهد أيضاً

الاحتلال يُدمر برج السوسي في غزة بالقطاع ويُشرد مئات العائلات

الاحتلال يُدمر برج السوسي في غزة بالقطاع ويُشرد مئات العائلات

شفا – دمّرت طائرات الاحتلال الإسرائيلي، ظهر اليوم السبت، برج السوسي السكني في حي تل …