11:47 مساءً / 2 سبتمبر، 2025
آخر الاخبار

حين تضحك المآذن والكنائس معًا ، أفق جديد في نص ‘اِمضِ بنا يا نهر ، بقلم : رانية مرجية

حين تضحك المآذن والكنائس معًا ، أفق جديد في نص ‘اِمضِ بنا يا نهر ، بقلم : رانية مرجية

مدخل: النص كنافذة على الأمل

حين نقرأ نص الدكتور عبد الرحيم جاموس “اِمضِ بنا يا نهر…!” نجد أنفسنا أمام قصيدة مشبعة بالرمزية والانسياب، تحمل في طياتها ما يشبه التقاء الأسطورة بالواقع، والحلم بالجرح، والماضي بالحاضر. النص ليس مجرد مناجاة نهر، بل هو مناجاة للذات الجمعية الفلسطينية والعربية، مناجاة للحرية المفقودة، وللوعد الذي يظل رغم كل الانكسارات حيًّا، متدفقًا كالنهر.

النهر: بطل النص ورمزه

النهر في هذا النص ليس مجرى ماء وحسب، بل هو رمز خالد للحياة والاستمرارية. هو الشوق المتجدد الذي لا يتوقف عن الجريان، مهما اعوجت الطرق أو اشتدت الرياح. جعله الشاعر كائنًا حيًّا ينهض من أعماق العطش، يمد جناحيه مثل أم تستقبل ابنها العائد. هنا، يخرج النهر من إطار الطبيعة الجامدة إلى كيان وجداني نابض، يتنفس ويتكلم ويقود.

بين البحر والروح: جدلية الوصول

يستحضر النص ثنائية النهر والبحر، وكأن الرحلة تبدأ بالشوق العذب وتنتهي بالاتساع الكبير. البحر في النص ليس نهاية فقط، بل هو احتضان، هو حضن الأم، هو الأرض التي لا تشيخ. وبين هذين القطبين (النهر والبحر) يكتب الشاعر سفر العاشق الذي لا يتوقف عن البحث عن خلاصه.


الروح هنا لا تتبع الجسد، بل تسبقه في العبور، “القلب يسافر خلفك” جملة تختصر معنى الأمل المستمر الذي لا يحدّه يأس ولا يحاصره احتلال.

الأنثى/الوطن: مخاطبة مزدوجة

في مقطع آخر، يتوجه النص إلى “سيدتي”، فيغدو النص رسالة حب، لكننا ندرك سريعًا أن المخاطَب ليس امرأة بعينها، بل هو الوطن، هو الأرض، هو فلسطين في تجلياتها. “لك الوفاء إذا ضاع الوفاء”، “أنت البدء والنهاية” – هذه ليست عبارات عاطفية شخصية، بل هي إعلان انتماء أبدي للأرض التي لا يشيخ حلمها، للأرض التي تستمر أناشيدها جيلاً بعد جيل.

البزوغ الجديد: فجر جماعي

يختتم النص بومضة تفاؤل: “أبصر في الأفق بزوغ فجر جديد”. هنا نلمس روحًا صوفية تتجاوز الألم نحو الأمل. تضحك المآذن والكنائس معًا، وكأن النص يحلم بعالم يتعانق فيه الأذان مع أجراس الكنائس، بوطن يتسع للتعدد، وينهض من تحت ركام الحروب نحو حياة أكثر عدلاً وبهاءً.

جمالية النص


• الموسيقى الداخلية: النص مكتوب بإيقاع شعري متدفق، يحاكي جريان النهر نفسه.
• التكرار الرمزي: تكرار فعل “امضِ” يمنح النص قوة دفع، ويؤكد إصرار الذات على الاستمرار رغم العوائق.
• الصور الشعرية: من مثل “العيون أرهقها الانتظار” و”الكنائس والمآذن تضحك معًا”، نجد صورًا تزاوج بين الحسي والرمزي، بين الممكن والحلم.

خاتمة: النص وعدٌ أبدي

“اِمضِ بنا يا نهر” ليس مجرد نص أدبي؛ إنه وثيقة وجدانية تعبّر عن ثبات الروح الفلسطينية والعربية أمام التيه والخذلان. هو دعوة للاستمرار، لتجديد الحلم رغم الانكسار، للتشبث بالأرض والوفاء والحرية. النص يختزل فلسفة البقاء والمقاومة في جملة واحدة: “فالآتي أجمل”.

وبهذا، ينجح الدكتور عبد الرحيم جاموس في صياغة نص يشبه صلاة جماعية للنهر والحياة والوطن، نصّ يستحق أن يُقرأ في أرقى المنابر وأرفع الصحف.
رانية

شاهد أيضاً

اسعار المحروقات لشهر سبتمبر 9

اسعار المحروقات لشهر سبتمبر 9

شفا – نشرت الهيئة العامة للبترول الفلسطينية، اسعار المحروقات والغاز لشهر أيلول (9/2025)، على النحو …