9:08 مساءً / 25 أغسطس، 2025
آخر الاخبار

قراءة نقدية ممتعة من قبل الشاعر والناقد عادل جوده والشاعرة والناقدة رانية فؤاد مرجية للنص حين يزهر الفجر

قراءة نقدية ممتعة من قبل الشاعر والناقد عادل جوده والشاعرة والناقدة رانية فؤاد مرجية للنص حين يزهر الفجر

حينَ يُزهِرُ الفَجر…!
نص ٌ بقلم: د. عبدالرحيم جاموس

أيُّها المَجدُ…
اِنحنِ…
مِن بَينِ الرُّكامِ يَنهَضُ صَدى الحَياة،
ومِن تَحتِ الرَّمادِ يَتَفَتَّحُ غُصنُ الزَّيتون…
دُموعُ الأُمَّهاتِ شَلالاتُ وَجَعٍ،
لكنَّها أيضًا أنهارُ أملٍ …
تَسقي تُرابَ فِلسطينَ باليَقين….
*
أيُّها المَجدُ…
صَفِّقْ،
لِلأَطفالِ الَّذينَ يَكتُبونَ أَسماءَهُم…
على جُدرانِ اللَّيلِ بِحُروفِ النُّور،
لِلشُّيوخِ الَّذينَ يَشُدُّونَ أَزرَ الأَرضِ …
كَيلا تَنحَني لِلعاصِفَة،
لِلنِّساءِ الَّلواتي يُخبِّئنَ الفَجرَ …
في صُدورِهِنَّ،
لِلرِّجالِ القابِضينَ …
على جَمرِ الثَّورَة،
كَأَنَّهُمُ المآذِنُ …
تَشقُّ غُبارَ السَّماء…
*
أيُّها النَّصرُ…
تَقَدَّمْ،
وازرَع خُطاكَ في الأَزِقَّةِ …
والبيوتِ المُهدَّمَة،
واكتُب على جُدرانِ القُدسِ:
هُنا يُولَدُ فَجرٌ جَديد،
هُنا لا يَنكسِرُ الحُلمُ …
وَلَو سالَ نَهرُ الدَّم…
*
في غَزَّةَ،
في نَابُلسَ والخَليل،
في حَيفا وعَكَّا والجَليل،
في بَيتِ لَحمٍ وأَريحا ورَفَح،
في طولكرمَ ودَيرِ البَلَحِ والنَّقَب…
هُنا تُزرَعُ القَصيدَةُ دَمًا ووُرودًا،
وهُنا يَرتَفِعُ عَلَمٌ واحِدٌ …
لا يَعرِفُ الانكسار…
*
أيُّها النَّصرُ…
أَعلِن بَيانَك:
شَعبُ فِلسطينَ ..
لا يَرفَعُ إلّا رَاياتِ الوَحدَة،
رَاياتِ الثَّورَةِ …
حتّى آخِرِ حَجَر،
حَتّى آخِرِ قَلبٍ …
يَخْفِقُ في المَنفى،
حتّى يَنكسِرَ القَيدُ …
وتُفتَحَ أَبوابُ الفَجرِ …
على مِصاريعِها….
*
سَنَصبِرُ…
وَإِن طالَ اللَّيل،
وَنَثبُتُ…
كَالجُذورِ في صَخرِ الجِبال…
لَن تَذْهَبَ التَّضحِياتُ هَباء،
فمِن دَمِ الشُّهَداءِ ..
يَنهَضُ الوَطَن،
ومِن جِراحِهِ..
تُزهِرُ الحُرِّيَّة…
سَتَتَحَقَّقُ الأَمانِي…
ومَهْما طالَ السَّفَر،
سيَعودُ الحُلمُ…
وَيُزهِرُ الفَجْر من جَديدْ …!
د. عبدالرحيم جاموس
الرياض / الأحد
24/8/2025 م

قراءة أدبية لنص: “حينَ يُزهِرُ الفَجر…!” للدكتور عبدالرحيم جاموس**

‏يُقدِّم د. عبدالرحيم جاموس في نصه الشعري “حينَ يُزهِرُ الفَجر…!” لوحةً أدبيةً مهيبةً تجمع بين القوة والرقة بين الألم والرجاء، وبين الواقع المرير وطموح الحرية.
‏إنه نصٌ لا يُقرأ فقط بعيني القارئ بل يُستشعَر بعمق القلب ويُتغنى به الصوت المتوجع المُلِه المُصِرّ على الحياة.المُل

‏أولًا: البنية الفنية واللغوية

‏يُبنى النص على تكرارٍ مُؤثرٍ لعناصرٍ خطابيةٍ، كأنه نداءٌ متصاعدٌ من أعماق الأمة:
‏- “أيُّها المجدُ… اِنحنِ”
‏- “أيُّها المجدُ… صَفِّقْ”
‏- “أيُّها النصرُ… تقدَّمْ”
‏- “أيُّها النصرُ… أَعلِن بَيانَك”

‏هذه الدعوات ليست مجرد تكرار بل تصاعد دراميّ في الخطاب يبدأ بالانحناءة احترامًا للتاريخ والدم، ثم يتحول إلى تصفيقٍ للصمود، ثم إلى دعوةٍ حاسمةٍ للنصر، ثم إلى إعلانٍ صريحٍ ببيان التحرير.
‏ إنها بنيةٌ تشبه صلاةً ثورية أو ترانيمَ ثأرٍ ورجاء.

‏والأسلوبُ شعريٌّ رائق يمتزج فيه التصوير بالرمز ويُصاغ بلغةٍ فصيحةٍ عذبة بعيدةً عن التعقيد لكنها حاملةٌ لأقصى درجات البلاغة.
‏فالكلمة هنا ليست مجرد وسيلة
‏ بل سلاحٌ وعلمٌ وشعلة.

‏ثانيًا: الرموز والصور الشعرية

‏يُحْكَم النصُّ بالرمزية العميقة التي تُنبض بالهوية الفلسطينية:

‏- “من بين الركام ينهض صدى الحياة”
‏ صورةٌ تُجسّدُ المفارقة بين الدمار والحياة وكأن الصوت وحده كافٍ لإنقاذ الوجود.
‏الركام لا يُسكت الحياة بل يُولد صداها.

‏- “من تحت الرماد يتفتّح غصن الزيتون”
‏ الزيتون شجرة الجذور شجرة الوفاء شجرة الأرض. أن يُزهر من تحت الرماد فهو دليلٌ على أن فلسطين لا تموت وإن اختنقَ ظاهرها فإن باطنها ينبض بالحياة.

‏- “دُموع الأمهات شلالات وجع، لكنها أيضًا أنهار أمل”
‏ تحوّل دموع الحزن إلى مصدر ريّ للأرض كأن الألم نفسه يُصبح وقودًا للثورة.
‏هنا، الأم ليست فقط رمزًا للحزن بل للإنتاج للبذر للإحياء.

‏- “يكتبون أسماءهم على جدران الليل بحروف النور”
‏ الأطفال يُقاومون بالكتابة،بالهوية، بالنور.
‏الليل لا يملك عليهم سلطانًا لأنهم يُضيئونه بأنفسهم. إنها صورةٌ مهيبةٌ عن مقاومة الهوية.
‏سلطان
‏ – “النساء يُخبئن الفجر في صدورهنّ”
‏ الفجر ليس حدثًا آتيًا بل كنزٌ مُختزَن في قلوب النساء اللواتي يحملن المستقبل في صدورهنّ كأن كل امرأة فلسطينية حاملٌ بالحرية.

‏- “الرجال القابضون على جمر الثورة”
‏ الجمر رمز الألم لكنه أيضًا رمز الدفء والحياة. القبض عليه دون تردد يُظهر التمسك بالثورة ولو احترقت الأيدي.

‏ ثالثًا: الجغرافيا كهوية

‏يُحشد الشاعر تعدادًا جغرافيًا مؤثرًا:
‏ غزة، نابلس، الخليل، حيفا، عكا، الجليل، بيت لحم، أريحا، رفح، طولكرم، دير البلح، النقب…
‏إنها ليست مجرد أسماء مدن، بل تُراثٌ، وذاكرة، ودمٌ، وانتماء.
‏ التعداد يُشعر القارئ بأن فلسطين لا تُجزّأ وأن كل حجرٍ فيها يُنادي بالحرية.
‏ إنها فلسطين كاملة من بحرها إلى نهرها، من شمالها إلى جنوبها.

‏ رابعًا: الوحدة والثورة حتى النهاية

‏الشاعر لا يتحدث عن نصرٍ سهل بل عن نصرٍ مُستحَقّ بالدم والصمود:
‏”شعب فلسطين لا يرفع إلا رايات الوحدة… حتى آخر حجر، حتى آخر قلب…”
‏هنا يُقدّم مفهومًا جوهريًا:
‏ الوحدة ليست خيارًا، بل هي جوهر المقاومة.
‏والثورة ليست مرحلة، بل حالة وجود.

‏والتكرار في “حتى آخر…” يُوحي باللا محدودية بالاستمرار حتى النهاية كأن الثورة ليست مشروعًا بشريًا عاديًا، بل وعدًا أزليًا مع الأرض.

‏ خامسًا: الصبر واليقين

‏الختام يُعيدنا إلى الفجر لكنه فجرٌ لم يُولد بعد بل هو وشيك:
‏”سَنَصبِرُ… وَإِن طالَ اللَّيل، وَنَثبُتُ… كَالجُذورِ في صَخرِ الجِبال…”
‏الصبر هنا ليس سكونًا بل مقاومة صامتة، ثابتة، كجذور الشجرة التي لا تُهزم بالعاصفة.

‏والمقطع الأخير:
‏”مِن دَمِ الشُّهَداءِ يَنهَضُ الوَطَن، مِن جِراحِهِ تُزهِرُ الحُرِّيَّة…”
‏هو تحوّل جذري من الموت إلى الحياة من الجرح إلى الازدهار.
‏فالدم ليس نهاية، بل بذرة.
‏ والجراح ليست خسارة، بل تربة.

‏سادسًا: الدلالة الزمنية والمكانية

‏التوقيع في (الرياض، 24/8/2025) لا يُقلل من قوة النص، بل يُظهر أن فلسطين ليست حكرًا على أرضها فقط، بل تُنبض في قلوب المُسلمين والمُحبين في كل مكان.
‏الشاعر في مغتربٍ جغرافي، لكنه في قلب المعركة.

‏خاتمة: الفجر الذي لا ينتهي

‏”حينَ يُزهِرُ الفَجر…!” ل
‏يس نصًا عن الأمل فقط، بل عن اليقين.
‏الفرح ليس في النصر القادم بل في أن النصر حتميّ لأن الشعب لا ينكسر لأن الأرض لا تنسى لأن الدم لا يُهدر سُدى.

‏هذا النص هو نداءٌ، وصلاةٌ، وبيانٌ ثوريّ، كُتب بلغةٍ شعريةٍ فائقة الجمال، تلامس الروح وتُوقظ الضمائر.
‏هو صرخةُ حياةٍ من قلب المأساة
‏ وهو ضوءٌ يشقُّ ظلام القهر.

‏ نعم …سيُزهر الفجر…
‏وليس لأنه ممكن، بل لأنه “محتوم” ما دام في قلوب الفلسطينيين نبض وفي أيديهم جمر، وفي أعينهم نور.

‏ تُوفي النص في القلب قبل أن يُقرأ على الورق.
‏وتُنبت القصيدة، كالزيتون، في صخر المعاناة.
‏وتبقى فلسطين…
‏حُلمًا لا ينكسر، وفجرًا لا يغيب.

‏تحياتي واحترامي. ا. عادل جوده

قراءة نقدية وارفة وجدانية في نص “حين يُزهر الفجر…!”
بقلم: رانية مرجية

مدخل وجداني

حين تتفتح الكلمة على شرفات الدم، وحين تتزيّن اللغة بدموع الأمهات وصمود الرجال، وحين ينهض النص من بين الركام كزهرة زيتون، ندرك أننا أمام كتابة ليست عابرة، بل أمام شهادة وجدانية، وصرخة شعرية تحمل بين ثناياها معنى الانتماء والخلود. نص الدكتور عبد الرحيم جاموس “حين يُزهر الفجر…!” ليس مجرد بوح، بل هو نشيد مقاوم، يزهر فيه الحرف كما يزهر الفجر بعد ليلٍ طويل من الغياب.

بلاغة العنوان

العنوان بذاته وعد، يحمل في طياته صورة ولادة جديدة: الفجر يزهر. والفجر عادةً يُشرق، يطلع، يتوهج؛ لكن الشاعر جعله يزهر، ليحوّل الزمن إلى حياة، وليجعل من الضوء كائنًا ينمو، منغرسًا في الأرض والدم معًا. هذا الاختيار البلاغي يضعنا منذ البداية في فضاء النص: فضاء التحول من الرماد إلى الغصن، من الدم إلى الوردة، من الليل إلى الفجر.

صور الألم والرجاء

يمتاز النص بمزجٍ بديع بين ثنائية الألم والرجاء:
• دموع الأمهات تظهر شلالات وجع، لكنها تنقلب إلى أنهار أمل تسقي التراب باليقين. هنا تتحول المعاناة إلى طاقة حياة.
• الأطفال والشيوخ والنساء والرجال يتوزعون في مشهدية متكاملة، ينسجون خيوط الصمود بأدوارهم المختلفة، في لوحة شمولية تُظهر أن الوطن لا يقوم على فرد، بل على جماعة موحدة تحمل الحلم.
• المآذن التي تشق الغبار تتحول إلى رمزٍ للثبات، فهي ليست فقط معمارًا دينيًا، بل جسد ثائر يعلن أن النصر روح قبل أن يكون مكانًا.

الجغرافيا كقصيدة

النص لا يكتفي بالصور، بل يفتح لنا خريطة فلسطين كأنها مقطع شعري ممتد: غزة، نابلس، الخليل، حيفا، عكا، الجليل… هذا التعداد ليس جغرافيًا بقدر ما هو استحضار وجداني، يُحوّل الأمكنة إلى شواهد على البقاء، ويؤكد أن الفجر القادم ليس محدودًا بمدينة بل يزهر على أرض كاملة، من النقب حتى رفح.

الإيقاع والبيان

يتسم النص بإيقاع خطابي/شعري قوي، يعتمد على نداءات متكررة: “أيها المجد… أيها النصر…”. هذه النداءات تذكّر بالبيانات الثورية، وتُضفي على النص بعدًا ملحميًا. لكن جماله يكمن في كونه لا يكتفي بالشعار، بل يُطعِّمه بصورة وجدانية حية: شلالات، جذور، غصون، أنهار، أزقة… وهكذا يتحول البيان السياسي إلى قصيدة قلبية.

خاتمة وجدانية

“حين يُزهر الفجر…!” ليس مجرد نص يُقرأ، بل هو نص يُعاش. فيه صوت الأمهات، فيه دم الشهداء، فيه خفق المنفى، وفيه يقين العودة. إن عبد الرحيم جاموس يكتب هنا قصيدة الوطن الممتدة بين الرماد والنهوض، بين الليل والصبح، بين الغياب والحضور.

النص يحمل إلينا حقيقة واحدة: أن الفجر لا يكتفي بالشروق، بل يزهر من جديد، لأن الأرض التي ارتوت بالدم والدموع، لا تعرف إلا الإزهار . رانية فؤاد مرجية

شاهد أيضاً

"إجديدة الخيرية" توزّع سلالًا غذائية على ثلاثة مخيمات للنازحين بمدينة غزة

“إجديدة الخيرية” توزّع سلالًا غذائية على ثلاثة مخيمات للنازحين بمدينة غزة

شفا – نفّذت جمعية إجديدة الخيرية للإغاثة والتنمية، مبادرة إغاثيًا لتوزيع سلال غذائية على مئات …