
لماذا تُستهدف القيادة السياسية الفلسطينية في بعض المحطات العربية؟ بقلم : معروف الرفاعي
في لحظة تاريخية فارقة يعيشها الشعب الفلسطيني تحت وطأة الاحتلال، وفي ظل اشتداد حلقات التهويد والاستيطان، يخرج بعض الإعلام العربي – للأسف – ليفتح منصاته للهجوم على القيادة السياسية الفلسطينية، عبر خطاب التخوين والتشكيك، وكأن المعركة الحقيقية ليست مع الاحتلال، بل مع من يقود دفة الشعب الفلسطيني في معركته الوطنية.
من الواضح أن فتح الباب أمام هذا الخطاب التخويني يخدم، بشكل مباشر أو غير مباشر، أجندة الاحتلال الإسرائيلي، فحين يتم استهداف القيادة السياسية الفلسطينية بالتقزيم والتشهير، فإن ذلك لا يصب إلا في مصلحة الاحتلال الذي يسعى منذ عقود إلى نزع الشرعية عن كل تعبير سياسي فلسطيني، وتشويه صورة المناضلين وإضعاف إرادة الشعب، إذا إن محاولات إظهار القيادة الفلسطينية وكأنها عبء أو طرف متواطئ إنما تصب في خانة سياسية واحدة، هي شرعنة المشروع الاستعماري الإسرائيلي، وتصفية القضية الفلسطينية عبر تشويه ممثليها.
لماذا يهاجم أبواق الاحتلال المواقف الوطنية؟
الجواب بسيط: لأن كل موقف وطني فلسطيني يفضح الاحتلال ويعريه أمام العالم، ولذلك تتحرك جوقة إعلامية منظمة مرتبطة بالمشروع الإسرائيلي، تعمل على تقزيم الجهود السياسية والدبلوماسية التي تبذلها القيادة الفلسطينية في المحافل الدولية، والتشكيك في المناضلين والرموز الوطنية حين يتعرضون للاعتقال أو الإقامة الجبرية أو تقييد الحركة، وكأن الهدف إفراغ نضالهم من مضمونه، وتشويه الذاكرة الوطنية عبر محاولة صناعة رأي عام عربي وفلسطيني مشوه، يرى في الضحية مشكلة، ويغضّ الطرف عن الجلاد.
الأخطر في هذه الحملات أنها تتزامن مع تسارع مخططات الاحتلال: ضم، استيطان، تهويد، قمع، وتضييق على المقدسيين، ففي اللحظة التي يفترض أن تتوحد فيها الجهود خلف القيادة الوطنية الفلسطينية لمواجهة هذا الخطر الوجودي، يجري تفتيت الصف عبر سهام إعلامية مسمومة تستهدف روح الصمود الفلسطيني.
المطلوب اليوم من الإعلام العربي والفلسطيني المسؤول أن يدرك خطورة الانزلاق وراء خطاب التشكيك والتخوين، وأن يتعامل مع القيادة الفلسطينية باعتبارها تعبيراً عن نضال طويل وتضحيات جسام قدمها الشعب الفلسطيني، فالاختلاف السياسي والنقد الموضوعي أمر مشروع، لكن تحويل النقد إلى منصة للتشهير والاصطفاف مع رواية الاحتلال يمثل خطيئة وطنية وأخلاقية.
استهداف القيادة السياسية الفلسطينية في هذا التوقيت يخدم الاحتلال الإسرائيلي أولاً وأخيراً، إذ أن كل جهد وطني، وكل موقف سياسي فلسطيني، هو جزء من معركة الوجود ضد مشروع التصفية، ومن واجب الإعلام والرأي العام العربي أن يدرك أن محاولات تقزيم القيادة، والتشكيك في رموز النضال، ليست سوى وجه آخر لحرب الاحتلال على الشعب الفلسطيني، فالمعركة الحقيقية كانت وستبقى مع الاحتلال، لا مع من يمثل إرادة الفلسطينيين وصمودهم.