11:45 مساءً / 18 أغسطس، 2025
آخر الاخبار

اللحظة الفلسطينية الحاسمة ، السعودية تدفع نحو الدولة … فهل تلتقط القيادة الإشارة ؟ بقلم : المهندس غسان جابر

اللحظة الفلسطينية الحاسمة : السعودية تدفع نحو الدولة … فهل تلتقط القيادة الإشارة؟ بقلم : المهندس غسان جابر

في عالمٍ يفيض بالصخب والضجيج، لا يحدث أن يلتفت العالم فجأة إلى فلسطين بوصفها أكثر من “عنوان مأساة”. لكن العدوان المستمر على قطاع غزة فعل ما لم تفعله المؤتمرات والمبادرات خلال عقدين؛ لقد ألقى الضوء على سؤال الجوهر: هل باتت فلسطين جاهزة للتحول من سلطة محاصرة إلى دولة مكتملة الأركان؟

في خضم هذا التحول، صدر المرسوم الرئاسي بتشكيل لجنة صياغة الدستور المؤقت، تمهيداً للانتقال السياسي بعد وقف العدوان وانسحاب قوات الاحتلال. ومن يقرأ هذا المرسوم باعتباره “إجراء شكلي”، يفوته أن توقيته أبلغ من أي خطاب.

ثلاث حقائق لا يمكن تجاهلها

1- إن غزة لم تعد ملفاً إنسانياً فقط، بل أصبحت مركز الثقل السياسي في المنطقة، ومن دون التعامل مع صمودها بوصفه جزءاً من المشهد الوطني، لا يمكن لأي ترتيبات أن تصمد.

2- السلطة الفلسطينية فقدت الكثير من شرعيتها الشعبية خلال سنوات غياب الانتخابات، وهي تعرف اليوم أن استعادتها تتطلب مشروعاً وطنياً حقيقياً – لا انخراطاً بيروقراطياً في لعبة “إدارة الأزمة”.

3- المعادلة الإقليمية تغيّرت تماماً: السعودية أصبحت طرفاً مقرِّراً في تحديد شكل “اليوم التالي”، وليست مجرد مراقب أو ممول خارجي.

الموقف السعودي… دعم سياسي بصيغة استراتيجية

للمرة الأولى منذ سنوات، تتحرك المملكة العربية السعودية ليس فقط دعماً لغزة في وجه آلة التدمير، إنما كرأس حربة في هندسة الفرصة السياسية التي تلي وقف إطلاق النار.

الرسالة التي تقرأها القيادة الفلسطينية من الرياض واضحة:

نحن إلى جانبكم في وقف العدوان، وسنستخدم وزننا الإقليمي والدولي، لكن شرطنا الوحيد أن تكونوا مستعدين لمرحلة الدولة، لا لعودة “الحكم الإداري المؤقت”.

هذا التحول السعودي من الدعم التقليدي إلى المرافعة السياسية عن الحق الفلسطيني في بناء دولة، يجعل من خطوة تشكيل اللجنة خطوة ضرورية – كي لا تبدو القيادة وكأنها غائبة عن لحظة التشكّل.

الدور الفرنسي… تعزيز الغطاء القانوني

باريس بدورها تتحرك بفعالية، وتسعى إلى لعب دور “الضامن الدستوري” في إطار المبادرة الدولية لمرحلة ما بعد الحرب. لكن الحقيقة أن الضوء الأخضر القادر على تحويل المبادرات إلى مسارات تنفيذية يأتي من الرياض أولاً، ثم من العواصم الغربية.

ولهذا بالضبط جاء المرسوم الرئاسي بمثابة إعلان غير مباشر للعالم:
“نحن جاهزون، ولسنا تابعين.”

الدستور… ليس وثيقة بل بوابة لعقد اجتماعي جديد

جوهر المسألة ليس في عدد أعضاء اللجنة، ولا في السير الذاتية المشرفة لبعضهم، بل في أن فلسطين – لأول مرة منذ إعلان الاستقلال – تُحاول أن تعيد صياغة مشروعها الوطني من داخلها، لا بتوصيات من الخارج.

لكن هذه الفرصة التاريخية لن تكتمل إلا إذا التزمت القيادة بثلاثة شروط واضحة:

1- إشراك القوى السياسية الفاعلة وعلى رأسها قوى المقاومة،
2- تحويل الدستور إلى عقد اجتماعي جامع،
3- ربط الانتقال من “السلطة” إلى “الدولة” بمبدأ المشاركة لا الإقصاء.

نقول دائماً إن لحظات التحول الكبرى في الشرق الأوسط لا تتكرّر. إمّا أن تُمسك بها كما هي، أو تتبدّد وتعود بعد سنوات على شكل فرصة مفقودة.

اليوم، الدم الذي سال في غزة فتح نافذة نادرة تقول:

لقد آن أوان أن تتحوّل فلسطين من “قضية” إلى “دولة”… ومن خطاب حقوقي إلى مؤسسات دستورية.

السعوديون يمنحون الغطاء السياسي،
الفرنسيون يضمنون الإطار القانوني،
والكرة الآن في الملعب الفلسطيني.

الفرصة حاضرة… والسؤال الآن:
هل ستُستخدم لصياغة مشروع وطني جامع، أم تُهدر كسابقاتها تحت ضغط الحسابات الضيقة؟

  • – م. غسان جابر – مهندس وسياسي فلسطيني
    قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية
    نائب رئيس لجنة تجار باب الزاوية والبلدة القديمة في الخليل

شاهد أيضاً

أسعار الذهب اليوم

أسعار الذهب اليوم

شفا – جاءت أسعار الذهب اليوم الأثنين 18 أغسطس كالتالي :عيار 22 69.800عيار 21 66.600