5:57 مساءً / 13 أغسطس، 2025
آخر الاخبار

يا أجمل الشهداء.. “إلى أنس الشريف” ، بقلم : محمد علوش

محمد علوش

يا أجمل الشهداء.. “إلى أنس الشريف” ، بقلم : محمد علوش

في رحيلك،
لم ينطفئ الضوء كما يظنّون،
بل أضاء سماء غزة بألف نجمة،
وتسلق الغيمات،
ليكتب اسمك بحروف من نار وندى،
ويعلّق صورتك على جبين الفجر،
كأنك تقول له:
“لا تشرق إلا إذا مررتَ على جراحنا أولاً”.

كنت تمشي في أزقّة غزة
كمن يمشي على خيوط الضوء،
تحمل كاميرا لا تعرف الخوف،
وفي قلبك وطنٌ
تتسع حدوده لكل موجة في البحر،
وكل صرخة طفل في المخيم،
وكل حجر صغير ينتظر اليد التي تقذفه.

كنت تعرف أن الصورة ليست لحظة،
بل عمرٌ كامل يتجمّد في إطار،
وأن العدسة ليست زجاجاً،
بل نافذة يطلّ منها العالم على الحقيقة العارية،
حقيقة الدم حين يختلط بالغبار،
وحقيقة الأمهات وهن يخبئن وجوههن
خشية أن يفضح البكاء ما يفيض في الصدور.

أيها العابر بين النار والحقيقة،
أيها الواقف على الحدّ الفاصل
بين الحياة والموت،
كنت تعرف أن الكاميرا طلقة
لا تخطئ الهدف،
وأن الكلمة إذا ارتوت من الدم
تصير رايةً ترفرف في كل رياح الأرض.

أنس..
يا من جعلت الحصار يتكسّر على أهدابك،
يا من حملت وجوهنا في صورك
كما يحمل الموج الملح،
لم تكن شهيداً فقط،
كنت مرآةً لأمّك وهي ترفع عينيها للسماء،
وكنت ظلّ صديقك الذي لم يعد،
وصوتَ الشوارع وهي تنادي:
“هنا شعب لا يُمحى”.

نم قرير العين،
فالعدسة التي سقطت من يدك
تحملها الآن عيوننا جميعاً،
ونحن الذين عاهدناك
أن نبقى شهوداً كما كنت،
أن نحرس الحقيقة بالكلمة،
وبالصورة،
وبالقلب الذي لا يعرف الانحناء.

نم..
فالفجر الذي حلمت به
يتكوّن الآن في رحم الليل،
وكل نجمة فوق غزة
تحمل في قلبها ملامحك،
وكل موجة على شاطئها
تردّد اسمك،
وكل طفل يرفع رأسه نحو السماء
يرى وجهك يبتسم،
ويعرف أن الحرية قادمة،
ولو طال الليل ألف عام.


⦁ محمد علوش – شاعر من فلسطين

شاهد أيضاً

رئيس سلطة الأراضي المستشار علاء التميمي يلتقي القنصل اليوناني ويطلعه على آخر المستجدات

رئيس سلطة الأراضي المستشار علاء التميمي يلتقي القنصل اليوناني ويطلعه على آخر المستجدات

شفا – التقى رئيس سلطة الأراضي المستشار علاء التميمي بالقنصل اليوناني العام، اليوم الأربعاء بمكتبه …