12:38 صباحًا / 8 أغسطس، 2025
آخر الاخبار

من الثورة ، إلى الإرهاب ، كيف يُزوَّر التاريخ وتُقلب الروايات ، بقلم : بديعة النعيمي

من الثورة ، إلى الإرهاب ، كيف يُزوَّر التاريخ وتُقلب الروايات ، بقلم : بديعة النعيمي

في كتابه سلام بيغن/قصة الأرغون الصادر عن دار الشجرة للنشر والتوزيع/دمشق، يطرح “مناحيم بيغن” زعيم منظمة “الأرغون الصهيونية الإرهابية” وأحد مؤسسي دولة الاحتلال، سؤالا فلسفيا يحاول من خلاله التوفيق بين الأحداث التاريخية وصانعيها. ويتمثل السؤال ب “هل الرجال هم من يصنعون الأحداث، أم أن الأحداث تصنع الرجال؟”. لكنه ما يلبث أن يقر بأن الفكرة، حين تتجسد، تخلق الرجال الذين يحملونها إلى نهاياتها، ويضيف بثقة “إذا قبض علينا أو أسرنا أو قتلنا… فإن آخرين سيأخذون مكاننا ويحاربون النظام حتى يهزم”. ويفصد هنا بالنظام، الاستعمار البريطاني، الذي سار مع الحركة الصهيونية جنبا لجنب في مراحلها جميعا إلى يوم قيام دولة الاحتلال، إلا أنه لم يكن بالنسبة ل “بيغن” سوى عقبة في طريق مشروعه الاستيطاني.

وإن ما يثير الدهشة لا يكمن فقط في التوصيف الذي منحه “بيغن” ل “الارغون”، تلك المنظمة التي ارتكبت مذبحة دير ياسين والطنطوره وغيرها من المذابح، باعتبارها طليعة “ثورة”، ولكنه التواطؤ العالمي الذي شرعن لهذا المشروع اللاشرعي ومنح قياداته غطاء سياسيا وقانونيا، كان من نتيجته إقامة دولة على أنقاض شعب بأكمله.


هذا الشعب، الذي كان ضحية لما أطلق عليه “بيغن” ثورة” يُطلب منه اليوم أن يتخلى عن سلاحه، وأن يرضخ للاحتلال الذي لم يعترف يوما بحقه في الأرض.

فحين يُطلب من فصائل المقاومة في غزة تسليم سلاحها، فإن الذي يجري هنا هو نزع آخر أدوات المقاومة في وجه دولة إحلالية فاشية، تمارس الحصار والتجويع والإبادة وتفرض العقوبات الجماعية على أكثر من مليوني صاحب حق.
يُطلب من هذا الصاحب، الذي ما زال يعيش تحت وطأة تهجير تاريخي لم يُعترف به، أن يتخلى عن مقاومته، بينما يُحتفى ب “مناحيم بيغن” في الذاكرة الغربية ك “رجل سلام”، ويتسلم جائزة نوبل بعد مجازر يندى لها جبين الإنسانية.

والمفارقة هنا تكمن في النظام العالمي نفسه، الذي ينظر إلى الفعل الفلسطيني المقاوم كشكل من “الإرهاب”، بينما إلى دموية الاحتلال كدفاع عن “الأمن القومي”.


وإذا كان “بيغن”، الذي لم يكن يملك “شبرا في فلسطين”، يعتقد أن فكرته “تخلق الرجال الذين يجعلونها تثمر”، فإن الفلسطيني الذي لا يملك وطنا آخر، ليس فقط حاملا لفكرة، بل ساعيا لاسترداد أرض تضرب جذوره فيها لآلاف السنين.

ومن هنا فإن ما ينتظره العالم من غزة إنما هو استسلاما للرواية الصهيونية. تسوية تقوم على إلغاء جوهر النكبة، وتطبيع تاريخ مزوّر، وتجريد الفلسطيني من حقه في مقاومة مشروعة كفلها ما يسمى ب “القانون الدولي” لكافة الشعوب إلا للفلسطيني، لكنه لن يُسلّم ولو اجتمع العالم كله ضده.

وأخيرا فإن كان “بيغن” الإرهابي كتب كلماته من قبو سري، فإن غزة اليوم تكتب خطابها تحت القصف والحصار، وأن من يقاوم اليوم، إن سقط، سيحمل رايته من يأتي بعده، وهذه حقيقة تاريخية يعرفها كل من قرأ جيدا ما كتبه بيغن نفسه.

شاهد أيضاً

بيان صادر عن اللجنة التحضيرية لانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني

شفا – عقدت اللجنة التحضيرية لانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني، اجتماعها الأول في مقر اللجنة التنفيذية …