9:28 مساءً / 12 يوليو، 2025
آخر الاخبار

الذكاء الاصطناعي و الاندفاعة نحو البحث العلمي و الدكتوراة ، بقلم : د. فواز عقل

الذكاء الاصطناعي و الاندفاعة نحو البحث العلمي و الدكتوراة ، بقلم : د. فواز عقل

الذكاء الاصطناعي و الاندفاعة نحو البحث العلمي و الدكتوراة ، بقلم : د. فواز عقل

تعني هذه الشهادة Doctor of Philosophy و يرمز لها PhD و هي جواز سفر لدخول ميدان التعليم الجامعي و الأكاديمي و البحث العلمي و هي ليست نهاية الطريق بل بداية التعلم.


-و تعني أن من يحمل هذه الشهادة قد وصل إلى درجة المعلمانية و هو مصطلح دارج باللغة العربية أي الدرجة الأعلى في التخصص.
-و تعني أن حاملها امتلك فلسفة تخصصه
-و تعني القدرة على التنظير في تخصصه
-و تعني القدرة على التفكير و توليد أفكار جديدة في تخصصه
-و تعني أن صاحبها أصبح مؤهلا و صاحب رأي في كلامه و بإمكانه أن يقول : أنا أقترح/أنا أرى/أنا أزعم/أنا أنصح/أنا أعتقد
-و تعني أن حاملها له مساهمة إيجابية في تخصصه
-و تعني أن حاملها أصبح مرجعا في تخصصه و له إنتاج أكاديمي متواصل حتى لا تصبح الشهادة ورقة تعلق على الجدار.
-و تعني أن السلوك الأخلاقي لمن يحمل هذه الشهادة يجب أن يجمع بين النزاهة و الشفافية و الإخلاص في العمل و التواضع مع الطلاب و المجتمع.
بدون ذلك يصبح الأستاذ الجامعي الأكاديمي مجرد موظف يردد ما تعود على تدريسه و ينتظر نهاية عمله و التقاعد.
و يرى عبد الوهاب المسيري أن كلمة أكاديمي فقدت معناها و أصبحت تشير إلى شخص عديم الخيال، يلحق ببحثه قائمة طويلة من المراجع و يشرح أطروحته بطريقة مملة و لا يبدي أي رأي، و ينتج دراسات و أبحاث أكاديمية تؤهله إلى الترقية مع أن الأبحاث و الدراسات قد تكون خالية من أي هموم إنسانية و لا تخدم المجتمع الذي يعيش فيه.
و هنالك أكثر من 200 ألف رسالة دكتوراه من 170 جامعة في الوطن العربي لم ينتج عنها تنمية اقتصادية و اجتماعية سوى البحث عن الألقاب العلمية المفرغة من مضمونها العلمي و الحصول على زيادة في الراتب والترقية.
و في السنوات الأخيرة و مع ظهور الذكاء الاصطناعي، لم يكن الناس مبهورين بنوعية البحوث التي تجري في الجامعات و ربما سمعنا أو قرأنا عن حالات تتعلق بتجاوز أخلاقيات البحث العلمي في كثير من بلدان العالم، و من الملاحظ في دول العالم الثالث أن صانعي القرار يولون اهتماما ضئيلا بنتائج البحوث التي تجري في الجامعات لأن الغاية منها الترقيات و الحصول على شهادة معينة ، و لا تشير إلى درجة النضج التي وصل إليها حامل الشهادة من جهة و علاقة الأبحاث باحتياجات المجتمع بشكل عام و المؤسسات المختلفة بشكل خاص، و هنا أقول لسنا بحاجة إلى طالب جيد أو باحث جيد و انما بحاجة إلى مواطن جيد.
و يقول ناصر الدين سعيدوني أن قيمة الأستاذ الجامعي الأكاديمي تقوم على ثلاثة أمور و يخطئ من يتجاوزها
أولا: مؤهل علمي باعتباره جواز سفر في ميدان التعليم.
ثانيا: إنتاج أكاديمي متواصل حتى لا تصبح الشهادة مجرد ورقة في الأرشيف.
ثالثا: سلوك أخلاقي يجمع بين النزاهة و الشفافية و الإخلاص في العمل و التواضع في التعامل مع الآخرين.
و يقول عزت بيجوفيتش : هنالك أناس يكدسون المعارف في عقولهم من دون أن تتسع رؤيتهم، فهذا الاتساع لا يتحقق إلا من خلال الأفكار، و هنالك من يقول : في ناس بتروح على دول شهاداتها أرخص من الحبر التي انكتبت فيه و بعدين بيجي بنافس أوائل جامعات عريقة.
و شهادة الدكتوراه لها معايير للحصول عليها و تتمسك بها كثير من الجامعات، و من هذه المعايير-1: إنهاء مجموعة من المساقات الأكاديمية ذات العلاقة بالتخصص وجاهيا
2-اجتياز امتحان لغة أجنبية
3-اجتياز امتحان كفاءة معرفية أو امتحان شامل
4-إنتاج أطروحة في تخصصه.
5-نشر بحث خلال دراسته الجامعية و نشر بحث آخر بعد مناقشة الأطروحة مستل من الأطروحة.
و هنالك من يقول: أن الشهادة في كثير من دول العالم الثالث مثل السلعة الصينية ، فهنالك سلعة صينية بجودة عالية و تراعي المعايير و أسعارها مرتفعة، و هنالك سلعة لا تراعي معايير الجودة و سعرها أرخص و عليك أن تختار.
و قد بدأت بعض الجامعات في العالم بتحديد صلاحية الشهادة بمدة زمنية محددة مثل المعلبات و الدواء لتجبر حاملها على المواكبة و التطور الذاتي.
و هنالك خريجين عندما تطلب منهم أن يعرفوا أنفسهم يقول: أنا خريج الجامعة الفلانية.
و في الدول العربية هنالك اندفاعة هائلة نحو الدراسات العليا و شهادة الدكتوراه في جميع التخصصات للحصول على اللقب و الترقية و المكانة و المزايا الاجتماعية، و لا توجد منظومة تربوية عربية لتطوير معايير تربوية تراعي متطلبات العصر،حيث أصبح العلم و الشهادة غاية، فالشهادة هي فرحة للخريج و لكن الفرحة ليست بالحصول على الشهادة أو إنهاء فترة التعلم الجامعي و إنما قدرة الخريج على تطبيق ما تعلمه بطرق و أساليب جديدة ليثبت قدرته على استيعاب المعرفة الجامعية و تطبيقها في الواقع و استفادة الآخرين من علمه و تعلمه الجامعي.
فمن هو الأكاديمي؟ سؤال سأله طلاب الدكتوراه،
فالأكاديمية ليست مجرد لقب وظيفي، كالطبيب و المهندس و المحامي و المحاسب أو مكتب داخل الجامعة.
و تعني أن يدرك الأكاديمي أنه ليس فقط ناقل للمعرفة و ليس فقط صانع معرفة، بل هو حارس وعي و مهندس أمل و كما قال عبدالله بن مسعود: كونوا للعلم رعاة ولا تكونوا له رواة.
و تعني أن الأكاديمي مسؤول عن كل كلمة أو معلومة يقولها في محاضرته
فالأكاديمي يجب أن يكون سلما أو شمعة أو مصباحا أو شفاء أو ضوءا أو صاحب ضمير علمي.
و تعني أن يكون الأكاديمي جسرا يعبر عليه الطلاب ثم يدمر الجسر ليقوم الطلاب ببناء جسورهم الخاصة، والأكاديمي هو جسر بين الجامعة و المجتمع و بين القول و الفعل.
و تعني أن يترك الأكاديمي بصمة و حضور لا ينسى عند طلابه و في المجتمع.
و تعني أن يكون حاضرا في فكر الطلاب و في هموم المجتمع و تطوير المؤسسة التي يعمل فيها و هو في حوار دائم.
لأن العلم لا يسكن في الأبراج بل ينبت في العقول بين الناس.
الأكاديمي يجب أن يبتعد عن التلقين لأن التلقين يخلق إنسان غير واعي متعود على ترديد المعلومة كالببغاء و الخضوع بدون إرادة مكبل العقل مما يجعله محصورا في ما يتلقاه من الأكاديمي.
و هنالك مقولة شهيرة باللغة الانجليزية أن حامل الدكتوراه يعرف الكثير جدا عن موضوع صغير جدا.
لأن أعظم إنجازات الأكاديمي ليست في الدروس التي يلقيها أو الأبحاث التي ينشرها بل في الفضول الذي يشعله و الأحلام التي يلهمها و العقول التي يوقظها.
هنالك تحولات كثيرة في العملية التعليمية بشكل عام و البحث العلمي بشكل خاص و أهم هذه التحولات ظهور الذكاء الاصطناعي و تدفق المعلومات بلا نهاية حيث أصبح الذكاء الاصطناعي يعرض محتوى عابر للقارات في رمشة عين، و كثير من الجامعات تلقفت الذكاء الاصطناعي باهتمام كبير لأنه يوفر فرص جديدة لتطوير العملية التعليمية و على الرغم من أهمية الذكاء الاصطناعي إلا أن استخدامه في البحث العلمي يجب أن يراعي أخلاقيات البحث العلمي، و يواجه كثير من الباحثين تحديات كبيرة عن استخدام الذكاء الاصطناعي، سواء في كتابة الأبحاث العلمية أو في كتابة رسائل الماجستير و الدكتوراه، و يعتقد الكثير منهم أن الذكاء الاصطناعي و أدواته يمكن استخدامها في كتابة الأبحاث و رسائل الدكتوراه و الماجستير بدون بذل جهد من قبل الباحث، فلا بد من التأكيد على أن الأبحاث العلمية التي تحظى باهتمام بين الباحثين هي الأبحاث التي يبذل الباحث في كتابتها جهدا كبيرا من أجل الحصول على نتائج موثوقة، أما الأبحاث التي لا يبذل الباحث فيها جهدا كبيرا ،لا تحظى بأي اهتمام، لأن نتائجها غير موثوقة و تبقى في الملفات و هنا تقع على عاتق الباحث أن يختار نوع الأبحاث التي سيقوم بها لأن أفضل الأبحاث هي التي يهتم الباحث فيها بكل كلمة أو مصطلح أو فكرة.
و هنالك أسئلة تثقل كاهلي و كاهل الكثير من المهتمين بالتعليم:
1-ما مستقبل الجيل غير الملم بتقنية الذكاء الاصطناعي؟
2-هل سيسطر جيل z كما يسمونه في الغرب أو جيل الانترنت أو جيل الخوارزميات (هذا الجيل الذي ولد و فتح عيونه على الانترنت و الذكاء الاصطناعي) على المستقبل ؟
3-هل سيؤدي الذكاء الاصطناعي إلى إبطاء قدراتنا العقلية بعد أن أصبحت المهارة عبارة عن كبسة زر؟
4-ماذا لو قام الذكاء الاصطناعي بتشكيل أمورنا الحياتية اليومية؟
5-هل البشر يستخدمون الذكاء الاصطناعي أم الذكاء الاصطناعي يستخدم البشر و هل سيكتفي البشر بالمراقبة؟
6-هل استخدام الذكاء الاصطناعي لكتابة الأبحاث هو انتهاك لأخلاقيات البحث العلمي؟
7-هل سيفقد الانسان شغف المعرفة و البحث و لم يعد مضطر للبحث؟
8-ما دام الذكاء الاصطناعي يمكنه حل أي مسألة في ثواني فلماذا نتعلم الرياضيات؟
9-إذا كان الذكاء الاصطناعي يمكنه أن يترجم أبحاث من لغات مختلفة فلماذا نتعلم اللغات؟
10-هل سيسلم الانسان أمره إلى الذكاء الاصطناعي ولا يرغب في بذل جهد أو وقت؟
11-هل سيؤثر الذكاء الاصطناعي على القدرة الكتابية الإبداعية؟
12-هل ظهور الذكاء الاصطناعي أدى إلى ارتباك في المعايير الأكاديمية في ما يتعلق في الأبحاث و منح الشهادات العليا؟
13-هل الخطر يكمن في الذكاء الاصطناعي أم في أدواته و طرق استخدامه؟
14-هل يجب أن يكون هنالك إشراف بشري لضمان التطبيق الأخلاقي الفاعل لهذه التكنولوجيا؟
15-هل هنالك حاجة إلى ذكاء البشر خصوصا في مواجهة التحديات الجديدة التي تتطلب التفكير خارج الصندوق؟
16-هل سيستغني الذكاء الاصطناعي عن الذكاء البشري؟
16-كيف يمكن حفظ التوازن بين استخدام هذه التكنولوجيا و ضمان أن لا تحل محل البشر في العاطفة و الأخلاق؟
و أقول، نحن التربويون، المحاورون، أصحاب اليقظة، أصحاب البوصلة ، نصنع البوصلة لليوم التالي ولا ننتظرها.

  • – د. فواز عقل – باحث في شؤون التعليم و التعلم

شاهد أيضاً

جبهة النضال الشعبي تعقد المؤتمر الفرعي في محافظة اريحا والاغوار

جبهة النضال الشعبي تعقد المؤتمر الفرعي في محافظة اريحا والاغوار

د. مجدلاني والفتياني يؤكدان على تعزيز الوحدة لمواجهة تحديات المرحلة ومحاولات تقويض السلطة الوطنية شفا …