9:18 مساءً / 9 يوليو، 2025
آخر الاخبار

اليسار الفلسطيني ، من التيه إلى التوحّد ، نداء لتأسيس قيادة وطنية يسارية موحدة ، بقلم : المهندس غسان جابر

في زمن الانهيارات السياسية والاجتماعية المتتالية، وبين احتلالٍ يزداد شراسة، وانقسامٍ يعمّق العجز، تقف القوى اليسارية الفلسطينية مشتتة، ضعيفة، ومتفرقة، رغم أنها كانت يومًا صوت الفقراء، وضمير الطبقات المهمّشة، وقلب المشروع الوطني التقدمي.

اليسار الفلسطيني، بكل فصائله التاريخية ومكوناته الجديدة، لم يمت كفكرة، لكنه فقد المبادرة كقوة سياسية موحدة. ومع تزايد تراجع دوره في الشارع، وتآكل حضوره في المعادلة الوطنية، أصبح من الضروري إطلاق مبادرة جريئة لإعادة بناء موقعه، لا من خلال تكرار الشعارات، بل عبر إنتاج آلية وحدة نضالية جديدة تحفظ تنوعه وتؤسس لمستقبل موحد.

لأن ما نعيشه لم يعد يحتمل الترف السياسي أو الحزبي. التحديات تتجاوز قدرة أي فصيل يساري بمفرده على مواجهتها:

الاحتلال يمضي في مخططاته لتفكيك الأرض والشعب.

الانقسام دمر البنية الوطنية وأضعف الثقة الشعبية بكل الفصائل.

الاقتصاد منهار، والعدالة الاجتماعية مغيبة، والفقر والبطالة في تصاعد مخيف.

الشباب فقدوا الأمل، وابتعدوا عن العمل السياسي، أو انجرفوا نحو الانغلاق أو اللامبالاة.

في هذا السياق، يصبح غياب قيادة موحدة لليسار خيانة لدوره التاريخي. لا يمكن أن ندّعي تمثيل المهمّشين ونحن نختلف على تفاصيل لا تغيّر الواقع، ولا يمكن أن نطالب بإنهاء الانقسام ونحن نعاني من انقسام داخلي صامت بين قوى يسارية لا يجمعها إلا الحنين للماضي.

ليس المطلوب حلّ الفصائل اليسارية أو محو هوياتها التنظيمية، بل المطلوب:

  1. تشكيل إطار قيادي وطني يساري موحد، يضم كافة الأحزاب والقوى اليسارية، على قاعدة الشراكة والاحترام، دون تبعية أو تفرد.
  2. إنشاء أمانة تنسيقية مشتركة، تمثّل هذا الإطار، وتعمل على بلورة مواقف سياسية موحدة تجاه القضايا الوطنية والاجتماعية الكبرى.
  3. الاتفاق على برنامج سياسي موحد، يدمج بين النضال ضد الاحتلال، والالتزام العميق بالعدالة الاجتماعية، والحقوق الديمقراطية.
  4. فتح الباب أمام الطاقات الشابة والمستقلة، لتكون جزءًا من هذا المشروع، ليس فقط كأنصار، بل كقادة فعليين ضمن الهيئات المركزية والقاعدية.
  5. تنظيم مؤتمرات شعبية قاعدية في المدن والمخيمات والجامعات، تعيد اليسار إلى الشارع، وتستفتي الناس في قضاياهم وهمومهم.
  6. تشكيل لجان عمل ميدانية موحدة، تعيد البُعد الاجتماعي لحضور اليسار: في قضايا العمال، الطلبة، النساء، البيئة، الثقافة، والقضايا الحقوقية.

إن تشكيل قيادة موحدة لليسار الفلسطيني ليس نهاية الطريق، بل بدايته. هذه الخطوة يمكن أن تكون نموذجًا وطنيًا ملهِمًا، يمهّد لتشكيل قيادة وطنية موحدة على مستوى كل القوى السياسية، على قاعدة الشراكة لا الاحتكار، والبرنامج لا المصالح.

فكما كانت قوى اليسار في تاريخنا من قادة المبادرات التوحيدية الوطنية، فإن من واجبها اليوم أن تكسر صمتها، وتجمع شتاتها، وتستعيد روحها. الوحدة ليست خيارًا تنظيميًا، بل ضرورة وطنية ملحّة.

الشعب الفلسطيني يحتاج اليوم إلى قوة سياسية تقول له: لم ننسَ، ولم نستسلم.


واليسار الفلسطيني قادر أن يكون هذه القوة، إن امتلك الشجاعة للخروج من قمقم التشرذم، وبنى قيادة واحدة تُعبّر عن إرادة التغيير بصدق.

م. غسان جابر – مهندس و سياسي فلسطيني – قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية – نائب رئيس لجنة تجار باب الزاوية و البلدة القديمة في الخليل.

شاهد أيضاً

أسعار الذهب اليوم الأربعاء

أسعار الذهب اليوم الأربعاء

شفا – جاءت أسعار الذهب اليوم الأربعاء 9 يوليو كالتالي : سعر أونصة الذهب عالمياً …