8:57 صباحًا / 19 يونيو، 2025
آخر الاخبار

(هذيان العشق وشفاء القلب) ، بقلم : نور الجمال

(هذيان العشق وشفاء القلب) ، بقلم : نور الجمال

(هذيان العشق وشفاء القلب) ، بقلم : نور الجمال

“بعض الحب لا يمرّ بنا، بل يستقرّ فينا كمرضٍ مزمن، لا يُشخّصه أحد… إلا حين نكاد نموت بسببه.”

(1) العاشقة التي تسكن المصحّ

لم يكن حبًّا عاديًا،
كان زلزالًا عاطفيًا هدم أعمدة الإدراك في عقلي،
غافلني وأنا أظنّ أنّني مُحصَّنة…
أنّني أقف على أرضٍ ثابتة.
لكنه جاء، لا كما يأتي العاشقون،
بل كما يداهم الحنينُ قلبَ يتيمٍ في حضرة الذاكرة.

في البداية، كنت أراه في نومي،
ثم بدأ يمرّ أمام عيني،
حتى حين كانت عيني مغلقة.

كنت أسمع صوته يتهجّى اسمي،
كأنّ اسمي لا يُنطَق إلا من شفتيه.
وكلّما اختفى لحظة، تهيّأ لي أنّه يناديني من بعيد،
من شرفة، من هاتفٍ لا يرنّ،
من صدى أفكاري أنا، لا أفكاره هو.

قالوا: “أنتِ مريضة عشق…”
لكنّهم لم يعرفوا أنّ العشق، حين يتجاوز جرعته،
يتحوّل إلى هوس،
وأنّ الحبيب حين يسكن عقلك أكثر من الواقع،
يصير هلوسات سمعية وبصرية.

أصبحت أعيش على حدود العقل،
كأنّني أقيم في جناحين:
جناح الواقع، حيث لا وجود له،
وجناح الوهم، حيث هو كلّ شيء.

كنت أضحك وحدي،
وأبكي وحدي،
وأجري نحوه في حلم يقظتي،
ثم أستفيق على فراغٍ يُشبه الموت السريري للمشاعر.

قالت الأخصائية:
“أنتِ مصابة باضطراب التعلّق المرضي،
تضخّمين حضوره، وتبنين عليه ذاتكِ،
وتنهارين في غيابه.”

لكنّ قلبي لا يفهم التشخيص،
ولا يعترف بجلسات التحليل،
هو فقط يعرف أنّه رأى إنسانًا وأحبّه حتى الجنون.

الحب حين لا يُبادَلك،
يتحوّل إلى سجن،
وأنتِ فيه السجّان والسجينة والسجّانة.
إلى أرقٍ مستمر،
إلى اضطراب أكلٍ لا شهية فيه،
إلى نوبات ذعر تبدأ باسم وتنتهي بالفراغ.

كنت أعيش في “مصحّ قلبي”،
أكتب رسائل إليه ولا أرسلها،
أعتذر له عن أخطاء لم تحدث،
وأغار عليه من وجوه لا أعرفها.

لقد أحببته كما لم يُحبّه أحد،
لكنّني أيضًا مرضت به كما لم يمرض أحد.

(2) الشفاء من الهوس المقدّس

مرّت شهورٌ وأنا أمارس طقوس الفقد،
كأنني أرملة لحبيبٍ لا يعرف أنّه مات في قلبي…
كنت أرتدي الحنين كعباءة،
وأدفن نفسي كلّ ليلة تحت غطاء الأوهام،
كأنّ الحبّ قبرٌ مفتوح لا يُغلق إلا حين نُشفى.

لكنّ شيئًا بداخلي بدأ يتمرّد…
صوتٌ خافت، لكنه عنيد،
همس لي في إحدى الليالي:
“هل أحببتِه، أم كنتِ تهربين به من نفسكِ؟”

وقفت أمام مرآتي،
رأيت وجهي الحقيقي لأول مرة:
عينان تتوسلان الحبّ ممّن لا يراهما،
شفاهٌ جفّت من تكرار الحكاية ذاتها،
و”أنا” كدت أفقدها… وأنا أحاول أن أُشبهه.

أدركت أنّني كنت أبحث فيه عنّي،
عن أمان لم أعرفه من قبل،
عن دفءٍ لم أجده،
عن اعترافٍ بوجودي من خلال انعكاسه.

فبدأت أتعلم – لا كيف أنساه – بل كيف أستعيد نفسي بعده.
استبدلت رسائل الشوق،
بمذكراتٍ أكتبها لنفسي،
لـ”أنا” التي دفنتها تحت ركامه.

أعدت ترتيب غرفة قلبي،
مسحت بصماته من الذاكرة،
ليس كُرهًا… بل رحمةً بي.

وبدأت أفهم أنّ الحب ليس مرضًا حين يُبادَلك،
لكنه يصبح وباءً حين تذوب فيه حتى لا تعود تعرف نفسك.

اليوم…
أراه من بعيد، صورة باهتة في كتاب قديم،
أبتسم… لا اشتياقًا، بل فخرًا.
لقد شُفيت.

لستُ تلك المهووسة به بعد الآن،
أنا امرأة نجَت من وهم الحبّ،
واختارت أن تعشق نفسها أولًا.

نور الجمّال – نابلس

نادي أحباب اللغة العربية الفلسطيني

شاهد أيضاً

اتحاد نضال العمال الفلسطيني

بيان صادر عن اتحاد نضال العمال الفلسطيني حول الاعتداءات المتواصلة على الحركة النقابية في أوكرانيا

شفا – قال اتحاد نضال العمال الفلسطيني في بيان صدر عنه ، انه يتابع ببالغ …