5:53 مساءً / 9 يونيو، 2025
آخر الاخبار

الميليشيات العميلة في غزة ، خطر داخلي يُهدد النسيج الوطني ، بقلم: علاء عاشور

الميليشيات العميلة في غزة ، خطر داخلي يُهدد النسيج الوطني ، بقلم: علاء عاشور

الميليشيات العميلة في غزة: خطر داخلي يُهدد النسيج الوطني ، بقلم: علاء عاشور

في أزقة غزة المحاصرة، حيث تتقاطع خطوط الفقر، والألم، والمقاومة، ينبثق اليوم تهديد جديد لا يقل خطورة عن الاحتلال ذاته: ظهور ميليشيات عميلة، مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بالعدو الإسرائيلي، تستغل الواقع المأزوم وتتحرك في الظل، متخفية بعباءة “توفير الأمن”، ومبررة نشاطها بشعارات خادعة تتلاعب بحاجة الناس واحتقانهم.

ما يجري ليس مجرد نشاط استخباري تقليدي عبر العملاء الفرديين، بل تطور نوعي في أدوات العدو، يتجلى في تفريخ كيانات محلية صغيرة مسلحة أو منسّقة، تسعى لضرب الاستقرار الداخلي وتفكيك الجبهة الاجتماعية من الداخل، من خلال تجنيد عناصرها على أساس الحاجة الاقتصادية، أو الاستغلال العاطفي لشعور متنامٍ بالخذلان من أداء النخب السياسية، وخصوصاً من حركة حماس التي تمسك بزمام السلطة في غزة.

ما بين الغضب والخيانة: خيط رفيع

لعلّ أكثر ما يُثير القلق في هذا المشهد هو اختلاط المفاهيم، وغياب الخطوط الفاصلة بين حق الناس في التعبير عن غضبهم السياسي والمعيشي، وبين انزلاق بعضهم نحو خيانة الوطن تحت ذريعة الرفض.


فمن حقّ أي مواطن أن ينتقد السلطة القائمة، وأن يعارض سياساتها في الحكم أو في المقاومة، ولكن ليس من الحق ولا من الشرف أن يتحول هذا الاعتراض إلى مبرر للتعاون مع العدو، أو للانخراط في شبكات تهدد أمن المجتمع الفلسطيني وتفكك صموده.

إن الفرق الجوهري بين المعارض الوطني والخائن، أن الأول يسعى للتغيير من داخل الصف الوطني، بينما الثاني يمد يده للعدو الذي لا هدف له سوى سحق كل ما هو فلسطيني.

ظروف قاتلة… وعدو متربّص

غزة، التي تعاني من إبادة جماعية تحت أنظار العالم ، وتعاني منذ سنوات من حصار إسرائيلي خانق، وتعيش تحت ضغط اقتصادي واجتماعي هائل، باتت بيئة خصبة لتسلل الأفكار المشبوهة.


في ظل انهيار الخدمات، وتفشي البطالة، وغياب الأفق السياسي، تصبح الحاجة أداة للابتزاز، ويصبح المال “النجس” الذي يقدمه الاحتلال – عبر وسطاء أو غطاء ميليشياوي – وسيلة سهلة لاختراق المجتمع.

الاحتلال الإسرائيلي لا يوفّر فرصة للانقضاض على الحاضنة الشعبية للمقاومة، وهو يدرك أن المعركة لم تعد تقتصر على طائرات تقصف وكتائب تقاتل، بل صارت معركة وعي وصراع داخل النفوس. لذا، يسعى لإعادة تدوير أدواته عبر عملاء محليين يتحدثون لغة الناس، ويرفعون مطالبهم، لكنهم يضربون نسيجهم الوطني في العمق.

على النخب أن تعي خطورة اللحظة

إن السكوت عن هذه المظاهر أو التهوين من خطورتها، جريمة مزدوجة؛ فهي تسمح للعدو بالتغلغل، وتمنح العملاء فرصة للتمدد تحت غطاء “الشرعية الشعبية”.


لذا، فإن المسؤولية اليوم ليست على الأجهزة الأمنية فحسب، بل على المثقفين، ورجال الدين، والنشطاء، وكل من لديه منبر أو تأثير في الرأي العام، لتسمية الأمور بمسمياتها، وتنبيه الناس إلى أن العدو حين يأتي بوجه فلسطيني، يكون أكثر خبثاً وأشد فتكاً.

وفي الوقت ذاته، فإن السلطة الحاكمة – وتحديداً حركة حماس – مطالبة بمراجعة أدائها السياسي والمعيشي، وعدم تجاهل الأصوات الغاضبة. فالفشل في إدارة المرحلة لا يُعالج بالقمع أو الإنكار، بل بفتح باب الإصلاح الحقيقي، وإعادة الاعتبار لثقة المواطن بالبيت الوطني، وإلا فإن الفراغ ستملؤه أجندات لا تعرف سوى الولاء لمن يدفع.

كلمة أخيرة: بين الخوف والأمل

لقد أثبت التاريخ الفلسطيني أن شعبنا، رغم كل ما واجهه من نكبات وخيانات، قادر على فرز الخبيث من الطيب، والعميل من المقاوم. ولكن هذا لا يعني أن نركن إلى ذاكرة التاريخ وحدها، بل أن نرفع الصوت اليوم قبل أن نُفاجأ غداً بطعنات من خاصرتنا.

في النهاية، ليس كل من ينتقد حماس عميلاً، وليس كل من يعارض فصائل المقاومة خائناً. لكن كل من يبيع ولاءه للعدو، أو يتحرك في الظلام لإضعاف صمود الناس لحساب الاحتلال، هو خنجر في قلب غزة، مهما تزيّن بالشعارات أو تنكّر باللباس المحلي.

الخيانة ليست وجهة نظر.
والحرمان لا يبرّر الانهيار الأخلاقي.
وما زال في غزة رجال يعرفون كيف يحمونها من الداخل .

شاهد أيضاً

أسعار الذهب اليوم الأثنين

أسعار الذهب اليوم الأثنين

شفا – جاءت أسعار الذهب اليوم الإثنين 9 يونيو كالتالي :عيار 22 69.400عيار 21 66.300