4:51 مساءً / 13 مايو، 2025
آخر الاخبار

العدالة المكانية والتنمية غير المتوازنة في فلسطين ، سلفيت على الهامش؟ بقلم : د. عمر السلخي

العدالة المكانية والتنمية غير المتوازنة في فلسطين ، سلفيت على الهامش؟ بقلم : د. عمر السلخي

العدالة المكانية والتنمية غير المتوازنة في فلسطين: سلفيت على الهامش؟ بقلم : د. عمر السلخي


سؤال العدالة في الجغرافيا الفلسطينية


في ظل الاحتلال الإسرائيلي وما يفرضه من واقع معقد، يتجاوز مفهوم العدالة في فلسطين حدود القضاء والحقوق الفردية، ليمتد إلى العدالة في توزيع الموارد، وتوفير الخدمات، والوصول إلى فرص التنمية، ومن هنا تنبع أهمية مفهوم “العدالة المكانية” بوصفه مدخلًا لفهم التفاوت الجغرافي في التنمية، فهل تحظى جميع المحافظات الفلسطينية بفرص متساوية للتطور؟ أم أن هناك مناطق ما تزال تقف على الهامش؟


محافظة سلفيت تقدم نموذجًا صارخًا لهذا التساؤل، إذ رغم ما تملكه من إمكانيات طبيعية وبشرية، تجد نفسها مقصاه تنمويًا بفعل الاحتلال من جهة، والإهمال الرسمي النسبي من جهة أخرى.


مفهوم العدالة المكانية: حق متساوٍ في التنمية


يشير مفهوم العدالة المكانية إلى توزيع عادل للفرص، والموارد، والخدمات بين مختلف المناطق الجغرافية، بحيث لا يشعر أي إقليم أو محافظة بأنه مُهمل أو مستبعد، وفي السياق الفلسطيني، ترتبط العدالة المكانية عضوياً بالعدالة السياسية والاجتماعية، إذ تؤثر السياسات التنموية المركزية، والإجراءات الإسرائيلية في مناطق (ج)، على شكل التنمية وعمقها في كل محافظة على حدة، ووفق تقرير البنك الدولي (2022)، فإن الفجوات التنموية في فلسطين ليست ناتجة فقط عن الاحتلال، بل تتعمق بفعل غياب سياسات استهداف مناطقي تميز بين المناطق الأكثر هشاشة.


سلفيت: إمكانات كبيرة… وتنمية محدودة


تُعد محافظة سلفيت من المناطق الفلسطينية الغنية زراعيًا، إذ تغطي الأراضي الصالحة للزراعة حوالي 65% من مساحتها، كما تمتاز بموقع جغرافي استراتيجي يربط شمال الضفة الغربية بجنوبها، فضلًا عن توفر الموارد المائية الجوفية بكثافة، وغنية بالمواقع التاريخية والاثرية ، والمحميات الطبيعية مثل واد قانا وواد عين الزرقا، ورغم هذه المقومات، إلا أن سلفيت تعاني من تهميش واضح في حجم الاستثمارات الحكومية، ونسبة المشاريع التنموية.


تشير بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (2023) إلى أن حجم الإنفاق التنموي الحكومي في سلفيت لا يتجاوز 1.5% من إجمالي الإنفاق التنموي في الضفة الغربية، وهي نسبة لا تعكس حجم التحديات ولا الإمكانات، كما أن عدد المشاريع الاستراتيجية التي تم تنفيذها في السنوات الخمس الأخيرة لا يتجاوز عدد أصابع اليد.


الاحتلال كعقبة تنموية دائمة


يشكل الاحتلال الإسرائيلي أحد أبرز عوائق العدالة المكانية في محافظة سلفيت، فحوالي 76% من أراضيها مصنفة ضمن المناطق (ج)، ما يعني أن أي مشروع تنموي يحتاج إلى موافقة إسرائيلية مسبقة، غالبًا ما تُرفض. إضافة إلى ذلك، تنتشر 24 مستوطنة و10 بؤر استيطانية على أراضي المحافظة، ما يعني السيطرة الفعلية عما يزيد من 40% من أراضي المحافظة، ناهيك عن الأضرار البيئية الناتجة عن مياه الصرف الصحي للمستوطنات، إضافة الى الواقع الأمني كذلك يحرم العديد من القرى في سلفيت من الحصول على بنى تحتية حديثة، أو تحسين خدمات أساسية مثل الصحة والتعليم، كما أن الحواجز والبوابات العسكرية تعيق حركة العمال والطلاب، مما يعمق الشعور بالعزلة والهامشية.


ما الذي تعنيه العدالة المكانية لسكان محافظة سلفيت؟


بالنسبة لأهالي سلفيت، فإن العدالة المكانية لا تعني المساواة فقط، بل تعني الاعتراف بحقهم في الحياة والتنمية كغيرهم من الفلسطينيين، تعني أن يتم تخصيص حصة عادلة من مشاريع البنية التحتية، وأن تكون هناك خطة تنموية خاصة تأخذ بعين الاعتبار خصوصية التهديد الاستيطاني، وأن تُمنح البلديات صلاحيات أكبر في إدارة التنمية المحلية.
نحو عدالة مكانية فاعلة: توصيات عملية


⦁ اعتماد مؤشر العدالة المكانية في تخصيص المشاريع والموازنات التنموية الحكومية.
⦁ إعداد خطة إنقاذ تنموي خاصة بمحافظة سلفيت باعتبارها منطقة منكوبة استيطانيًا.
⦁ الضغط عبر المؤسسات الدولية لفتح مناطق (ج) أمام التنمية الفلسطينية.
⦁ تعزيز قدرات البلديات في سلفيت وإعطاؤها استقلالية مالية وإدارية أوسع.
⦁ تطوير مشاريع اقتصادية تستهدف الفئات المهمشة، خاصة النساء والشباب، في المناطق الريفية.


من الهامش إلى مركز الاهتمام


إن استمرار تهميش سلفيت تنمويًا لا يعني فقط ظلمًا لسكانها، بل يُفقد فلسطين ركيزة استراتيجية في معركتها من أجل البقاء، فالمكان ليس مجرد جغرافيا، بل هو سردية سياسية، والعدالة المكانية ليست ترفًا تنمويًا بل شرطًا من شروط الصمود، ولذلك، فإن إعادة الاعتبار لمحافظة سلفيت على الخارطة التنموية الفلسطينية ليس فقط ضرورة إنمائية، بل واجب وطني وأخلاقي.

شاهد أيضاً

الاحتلال يجرف أراضي زراعية ويقتلع أشجار زيتون في مادما

شفا – اقتلعت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، عشرات اشجار الزيتون وجرفت أراضي زراعية في …