
شفا – يؤكد اتحاد نضال العمال الفلسطيني أن التقرير الأخير الصادر عن “معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS) “، والذي تناول العلاقة بين دخول العمال الفلسطينيين إلى سوق العمل داخل إسرائيل ومستوى العمليات الأمنية خلال الفترة 2007–2023، يمثل اعترافاً إسرائيلياً مهماً يسقط الادعاءات الأمنية التي استخدمتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لتقييد العمال الفلسطينيين واستغلال ظروفهم الاقتصادي، فبحسب التقرير، لم تسجّل خلال سبعة عشر عاماً سوى ثلاث هجمات نفّذها عمّال يحملون تصاريح عمل أدت إلى أربع وفيات فقط، بينما تبيّن أن 77% من مجمل الهجمات وقعت في سياقات لا علاقة لها بالعمال أو دخولهم إلى إسرائيل.
كما أكد التقرير عدم وجود أي علاقة إحصائية بين حجم العمالة الفلسطينية داخل إسرائيل وبين مستوى العمليات الأمنية، إذ تضاعف عدد العمال من 65 ألفاً إلى 147 ألفاً خلال الفترة نفسها دون أن يؤثر ذلك على المؤشرات الأمنية، وتشكل هذه النتائج، للمرة الأولى، إقراراً إسرائيلياً رسمياً بأن العمالة الفلسطينية ليست خطراً أمنياً ولا عاملاً مؤثراً في مستوى العمليات.
ويرى اتحاد نضال العمال الفلسطيني أن هذا الاعتراف الصادر عن “مؤسسة أمنية إسرائيلية مرموقة” يشكل فرصة سياسية واقتصادية يمكن البناء عليها في الحوار مع الأطراف والمجالس الدولية، وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، من أجل إعادة فتح سوق العمل، وإنهاء سياسات العقاب الجماعي، وتعزيز حماية حقوق العمال الفلسطينيين داخل سوق العمل الإسرائيلي، كما يتيح التقرير مساحة أوسع لمكافحة منظومة السمسرة، ويدعم المطالب الفلسطينية بفرض رقابة حقيقية على المشغّلين الإسرائيليين، وضمان تطبيق القوانين المرتبطة بحقوق وأجور العمال.
ويشير الاتحاد إلى أن تداعيات العدوان الإسرائيلي الشامل على شعبنا، وخاصة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، فاقمت من واقع الطبقة العاملة الفلسطينية التي فقدت عشرات آلاف فرص العمل، وتوقفت مصادر الدخل الرئيسية، وارتفعت نسبة البطالة إلى مستويات غير مسبوقة، ومع استمرار الإغلاق ومنع العمال من الوصول إلى أعمالهم، تعمّقت الأزمات المعيشية، وازدادت الأعباء الاقتصادية على الأسر، خصوصاً تلك التي كان يعتمد دخلها بشكل أساسي على العمل داخل إسرائيل، وقد واجه العمال خلال العدوان ظروفاً قاسية تمثلت في فقدان الاستقرار الوظيفي، وغياب الحماية الاجتماعية، وتراجع القدرة الشرائية، وارتفاع نسب الفقر والاقتراض القسري لتغطية الاحتياجات الأساسية.
ويحذّر الاتحاد من أن استمرار إغلاق سوق العمل أمام أكثر من 150 ألف عامل فلسطيني يشلّ أحد أكبر مصادر الدخل الوطني، ويحرم الاقتصاد الفلسطيني من مئات ملايين الشواكل شهرياً، ويرفع معدلات البطالة والفقر، ويزيد من مستويات الاحتقان الاجتماعي، كما يؤكد التقرير نفسه أن هذه السياسات لا تخدم الأمن، بل تفاقم التوتر وعدم الاستقرار، وأن ربط لقمة عيش العمال باعتبارات سياسية أو أمنية يجعل الاقتصاد الفلسطيني رهينة قرار خارجي ويعمّق هشاشة الوضع المعيشي في الضفة الغربية.
وفي المقابل، يؤكد اتحاد نضال العمال الفلسطيني ضرورة العمل رسمياً وأهلياً على بناء بدائل تشغيل وطنية مستدامة، عبر دعم القطاع الخاص، وتطوير برامج التدريب المهني للشباب، وتعزيز المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ووضع خطة تشغيل وطنية واضحة تحمي العمال وتحدّ من التبعية الإجبارية لسوق العمل الإسرائيلي.
وعليه، يدعو اتحاد نضال العمال الفلسطيني إلى اعتماد التقرير كوثيقة رسمية في المداولات الدولية، وإعداد ورقة سياسات وطنية لمعالجة ملف العمالة بعد حرب الإبادة على قطاع غزة، وتطوير قاعدة بيانات محدثة لقياس أثر العمالة على الاقتصاد.
كما يطالب الاتحاد منظمة العمل الدولية والاتحادات العمالية والنقابية والمؤسسات الحقوقية الدولية للضغط على إسرائيل من أجل احترام حقوق العمال الفلسطينيين وتطبيق كامل معايير الحماية، بما يشمل التقاعد، والتأمين الصحي، وتعويضات إصابات العمل، وساعات العمل القانونية، والنقل الآمن، وفي حال استمرار الإغلاق، يدعو الاتحاد إلى خطة فلسطينية طارئة تشمل التدريب القطاعي، ودعم المشاريع الصغيرة، وبرامج التحفيز الاقتصادي.
ويؤكد اتحاد نضال العمال الفلسطيني أن تقرير INSS يمثّل فرصة مهمة لإعادة بناء الخطاب الفلسطيني حول ملف العمالة، وتثبيت حق عمالنا في العمل والتنقل، وحماية الاقتصاد الوطني من التبعية والابتزاز، وإغلاق الباب أمام استخدام الذرائع الأمنية للتحكم في معيشة شعبنا.
اتحاد نضال العمال الفلسطيني
شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .