9:07 صباحًا / 2 ديسمبر، 2025
آخر الاخبار

الانتخابات الفلسطينية ، الطريق الوحيد لاستعادة الشرعية وبناء نظام سياسي قادر على البقاء ، بقلم: المهندس غسّان جابر

الانتخابات الفلسطينية ، الطريق الوحيد لاستعادة الشرعية وبناء نظام سياسي قادر على البقاء ، بقلم: المهندس غسّان جابر

تمرّ القضية الفلسطينية بمرحلة دقيقة تتطلب وضوحًا في الرؤية، وصدقًا في التشخيص، وشجاعة في اتخاذ القرار. وفي قلب هذه المرحلة، يبرز سؤال جوهري لم يعد ممكنًا تجاهله: كيف يمكن لنظام سياسي يعيش انقسامًا وتراجعًا وتآكلًا في الشرعيات أن يواصل قيادة مشروع تحرري بحجم المشروع الوطني الفلسطيني؟

هذا السؤال، بتفرعاته المختلفة، يقود إلى حقيقة واحدة:


لا يمكن إعادة بناء البيت الوطني من دون انتخابات شاملة تُعيد الشرعية، وتجدّد القيادة، وتفتح أبواب المشاركة أمام الناس.

أولاً: الشرعية ضرورة وطنية وليست إجراءً تنظيميًا

القيادة التي لم تُجدد تفويضها منذ سنوات طويلة تفقد تدريجيًا صلتها الطبيعية بجمهورها.


فالشرعية ليست مجرد منصب أو قرار، بل علاقة ثقة تمنح القيادة وزنًا سياسيًا وقدرة على اتخاذ القرارات الصعبة.
ومع غياب الانتخابات، تآكلت هذه العلاقة، وبدأت المؤسسات تفقد دورها ووظيفتها، وتحولت إلى أطر تعمل بالحد الأدنى لحفظ توازن داخلي هش.

تجديد الشرعيات اليوم ليس مطلبًا سياسيًا فقط، بل ضرورة وطنية تتعلق بقدرة النظام نفسه على البقاء.

ثانيًا: الانقسام لا ينتهي بالمصافحات… بل بإرادة الشعب

ستة عشر عامًا من الانقسام أظهرت أن الحوارات وحدها لا تكفي، وأن الاتفاقات المرحلية تنهار عند أول اختبار.
الشعب وحده هو صاحب الكلمة الفصل، وهو القادر على منح كل طرف حجمه الحقيقي، وتحديد اتجاه المرحلة المقبلة.
والانتخابات هي الإطار الوحيد الذي يمكن أن يعكس إرادة الناس بعيدًا عن حسابات الفصائل وغرف التفاوض.

من دون تفويض شعبي جديد، سيبقى الانقسام قائمًا، وسيبقى النظام السياسي عاجزًا عن استعادة وحدته.

ثالثًا: واقع سياسي متحوّل لا يرحم الضعفاء

الاحتلال يتقدم على الأرض، يفرض وقائع في القدس والضفة، ويواصل حربه على غزة، ويستفيد من كل ضعف داخلي.
وفي ظل هذا المشهد، القيادة غير المنتخبة تفقد وزنها أمام العالم، وتفقد قدرتها على مواجهة الضغوط.
أما القيادة التي تستند إلى شرعية انتخابية حديثة، فتكون أقدر على تمثيل الشعب، وعلى بناء استراتيجية سياسية موحدة.

رابعًا: المشاركة الشعبية أساس بناء المستقبل

الشعب الفلسطيني، وخاصة الشباب، يريد دورًا حقيقيًا في صناعة القرار.


يريد مؤسسات متجددة، وبرامج سياسية واضحة، وقيادات تستمد قوتها من الناس لا من الواقع القائم.
من دون انتخابات، تبقى الأبواب مغلقة أمام التجديد السياسي، ويبقى المستقبل محصورًا بين وجوه قديمة وأساليب لم تعد تناسب المرحلة.

خامسًا: الانتخابات ليست معركة فصائل… بل إعادة تأسيس للنظام السياسي

الفصائل ستتنافس، لكن جوهر الانتخابات أبعد من التنافس التنظيمي.
هي عملية إعادة تأسيس للنظام السياسي على قاعدة المشاركة والتمثيل الحقيقي.
هي فرصة لبناء مشروع وطني يعكس أولويات الناس، ويحدد مسار المرحلة المقبلة، ويضع حدًا لحالة «إدارة الأزمة» المستمرة.

سادسًا: التحديات موجودة… لكن الإرادة الوطنية قادرة على تجاوزها

التعقيدات الأمنية والسياسية، وصعوبات القدس وغزة، وتدخلات الاحتلال—كلها حقائق قائمة.
لكن التجربة الفلسطينية أثبتت أن الشعب قادر على فرض إرادته عندما تتوفر القيادة الموحدة والقرار الوطني.
وقد تم إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية سابقة في ظروف لم تكن أقل صعوبة مما نعيشه اليوم.

نقول : لا وحدة بلا شرعية… ولا شرعية بلا انتخابات

إن إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني يبدأ بخطوة واحدة واضحة:
العودة إلى الشعب.
لا يمكن لنظام سياسي أن يستعيد قوته من دون تجديد شرعياته، ولا يمكن لمؤسسات أن تنهض من جديد ما لم تُفتَح أبوابها أمام الناس.
الانتخابات ليست معجزة، لكنها الباب الذي تبدأ منه كل المعجزات السياسية:


المصالحة، الوحدة، المشاركة، وتجديد القيادة.

لقد آن الأوان لقرار شجاع يعيد للشعب دوره، وللنظام السياسي قدرته، وللقضية الفلسطينية مستقبلها.

  • – م. غسان جابر – قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية.

شاهد أيضاً

الاحتلال يعلن تصفية منفذ عملية الخليل

الاحتلال يعلن تصفية منفذ عملية الخليل

شفا – اعلن جيش الاحتلال عن تصفية منفذ عملية الدهس في الخليل أمس. وأفاد في …