3:31 مساءً / 25 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

إيقاع الحياة: كيف نصنع التوازن بين السرعة والسكينة ، بقلم : سماحه حسون

إيقاع الحياة: كيف نصنع التوازن بين السرعة والسكينة ، بقلم : سماحه حسون

إيقاع الحياة: كيف نصنع التوازن بين السرعة والسكينة ، بقلم : سماحه حسون

في عالمٍ تتسارع فيه الأيام كأنها قطار بلا فرامل، تصبح “السرعة” سيدة الموقف، تُعلَّم لنا في كل زاوية، نراها في كل شاشة، نسمعها في كل حديث، وكأننا أصبحنا عبيدًا لها، لا نعرف كيف نتنفس بدونها. نركض خلف الزمن، نلاحق اللحظات التي تفرّ من بين أصابعنا كالماء، نعتقد أننا إذا أسرعنا في خطواتنا سنصل إلى مكانٍ أفضل، ولكن ما ننساه هو أن الطريق الذي نركض فيه قد يكون هو ذات الطريق الذي يسرق منا كل لحظة جميلة.

في عصر السرعة، أصبحنا لا نملك وقتًا لنلتفت حولنا، لا لنتأمل في جمال التفاصيل الصغيرة التي تشكل حياتنا. نحاول إنجاز المزيد في وقت أقل، ولكن في النهاية، هل نحقق أكثر؟ أم أننا نضيع في هذا التسرع؟

إننا نعيش في مجتمع أصبح فيه “النجاح” مرهونًا بالقدرة على إنجاز المهام بأسرع وقت ممكن، لكن في غمرة هذا السباق، نغفل عن حقيقة بسيطة: أن السرعة قد تكون ألد أعداء الجودة. عندما نركض دائمًا، نفقد القدرة على أن نعيش اللحظة كاملة. نبتسم بسرعة، نتحدث بسرعة، نأكل بسرعة، حتى أننا نحب بسرعة! وأين الجمال في السرعة؟ أين لحظات الفرح الصافية التي نعيشها حين نتأمل في وجه أحبائنا أو عندما نشعر بنسمة هواء باردة تحت شجرة قديمة؟

في النهاية، السرعة قد تعني الكثير من الأشياء التي نعتقد أنها مفيدة، لكنها ليست بالضرورة مفيدة لنا كأفراد. السرعة قد تستهلكنا، وتمنعنا من العيش بحيوية، وقد نكتشف في النهاية أننا فقدنا جزءًا كبيرًا من أنفسنا في محاولتنا لأن نكون أسرع.

لنقتطع من عجلة الزمن لحظات من الهدوء، ولنُبطئ خطواتنا قليلًا. لنعطي أنفسنا الفرصة لأن نتنفس بعمق، لأن نعيش بما هو أبعد من الأرقام والساعات. لنستمتع بجمال ما حولنا، ولنتأمل في التفاصيل التي قد تكون غائبة عن أعيننا لو واصلنا الجري دون توقف.

العجلة قد تمنحنا شعورًا وهميًا بالتقدم، ولكن في الحقيقة، نحن نبتعد عن أنفسنا. بينما الهدوء يمنحنا فرصة لإعادة الاتصال بعالمنا الداخلي، يعطينا فسحة للتفكير العميق، ولإعادة بناء شغفنا في الحياة. في هدوء اللحظات، نجد أنفسنا مجددًا. وفي تباطؤنا، نجد ما افتقدناه في زحام الحياة.

عندما نُبطئ، نُعطي أنفسنا الفرصة للابتكار والتفكير بعمق، ولإعادة النظر في أهدافنا ومبادئنا. نسمح لأنفسنا بأن نعيش الحياة كما هي، دون الحاجة للركض وراء السراب. نكتشف أن النجاح الحقيقي لا يكمن في الوصول أولًا، بل في الإحساس بكل خطوة نخطوها، وفي تقدير كل لحظة نعيشها.

دعونا نتعلم كيف نُبطئ، كيف نُقدر اللحظات الصغيرة التي تمر بنا، كيف نستطيع أن نكون أكثر وعيًا بأنفسنا وبالعالم من حولنا. لأن الحياة ليست سباقًا، بل هي رحلة تحتاج منا إلى الحكمة والرفق. فلنسرع أحيانًا، ولكن لنأخذ الوقت الكافي للاستمتاع بكل ما يحيط بنا. حينئذٍ فقط سنشعر بأننا نعيش بالفعل، وأننا لا نركض وراء السراب.

شاهد أيضاً

الصين فلسطين

وزارة التربية والتعليم الفلسطينية تعلن توفر عدد من المنح في مجال الدراسات العليا في الصين

شفا – أعلنت وزارة التربية والتعليم العالي في فلسطين، اليوم الثلاثاء، توفر عدد من المنح …