
شفا – وو يافي – اختتمت الدورة الكاملة الرابعة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني بنجاح قبل فترة، حيث تم اعتماد “مقترحات اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني بشأن وضع الخطة الخمسية الـ15 للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية”، مما وضع التصميم على المستوى الأعلى والتخطيط الاستراتيجي لعملية التحديث الصيني النمط في السنوات الخمس المقبلة، وأتى بإمكانيات لا حدود لها لتطوير الشراكة الاستراتيجية الشاملة القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة لمستقبل أفضل بين الصين والدول العربية.
توافق أعمق في المفاهيم. أشارت المقترحات إلى ضرورة تعزيز التضامن والتعاون مع الدول النامية، والتنفيذ الشامل لمبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية ومبادرة الحوكمة العالمية، والدفع بتطور النظام الدولي نحو اتجاه أكثر إنصافا وعدلا. طوال السنوات الماضية، عانت الدول العربية من ويلات الحروب والاضطرابات، وتواجه مشاكل بارزة من العجز في الأمن والتنمية والحوكمة، ودامت الصراعات العرقية والدينية بدون توقف فيها، وأصبحت رغبة شعوب المنطقة في السلام والتنمية أكثر إلحاحا من أي وقت مضى. إن ما طرحه الرئيس شي جينبينغ من المبادرات الأربع المذكورة أعلاه تدعو إلى المفهوم التنموي القائم على المنفعة للجميع والشمول، والمفهوم الأمني القائم على التعاون والاستدامة، والمفهوم الحضاري القائم على التسامح والاستفادة المتبادلة، ومفهوم الحوكمة القائم على التشاور والتعاون والنفع للجميع، وتكسر صورة نمطية مفادها أن “التحديث يساوي التغريب”، وتوفر للدول العربية خيارات جديدة لتحقيق الأمن والتنمية حسب ظروفها الوطنية، وقد حظيت بالتجاوب الحار والتأييد الواسع النطاق. كما أشارت المقترحات إلى ضرورة معارضة الهيمنة والطغيان والتنمر بحزم، والدفاع عن العدالة والإنصاف الدوليين. يدل ذلك على أن الصين ستدعم كالمعتاد القضية العادلة للدول العربية، وتواصل المضي قدما كتفا بكتف مع الدول العربية في طريق الاستقلالية الاستراتيجية وتقوية الذات عبر التضامن.
تعاون أكثر حيوية في الابتكار التكنولوجي. أشارت المقترحات إلى أن الصين ستعمل على تسريع وتيرة تحقيق المستوى العالي من الاعتماد على النفس وتقوية الذات في مجال العلوم والتكنولوجيا وريادة تطوير القوة الإنتاجية الحديثة النوعية. في الوقت الحالي، يشهد التعاون الصيني العربي في مجال الابتكار التكنولوجي تطورا مزدهرا. فقد وصل معدل تغطية شبكة الجيل الخامس التي بنتها شركة هواوي في السعودية إلى 85%، مما وضع أساسا متينا لتطبيقات حديثة مثل إدارة الحج في “مدينة مكة الذكية” وأنظمة النقل الذكي. كما أن فرع المركز الصيني العربي لنقل التكنولوجيا في دبي قد نجح في مواءمة 150 مشروعا في مجال التكنولوجيا المتقدمة والحديثة، تشمل مجالات متطورة متعددة مثل الطاقة الجديدة والطب الحيوي. ويقدم القمر الصناعي لرصد الأرض الذي تم تطويره بشكل مشترك بين الصين والجزائر خدمات دقيقة لرصد الزراعة والتخطيط البيئي في منطقة شمال إفريقيا. خلال السنوات الخمس المقبلة، من المؤكد أن التعاون الصيني العربي في الابتكار التكنولوجي سيشهد نموا صاروخيا مع تقدمات اختراقية ستحققها الصين في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الفضاء والمعلومات الرقمية.
تحول أخضر أكثر شمولية. تحتل الصين مكانة رائدة عالميا في صناعة الطاقة الجديدة، وستدفع التحول الأخضر والمنخفض الكربون بشكل شامل خلال فترة “الخطة الخمسية الخامسة عشرة”. تتمتع الدول العربية بموراد غنية من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، الأمر الذي يمنحها مزايا فريدة في التعاون مع الصين في مجال التحول الأخضر. تعد محطة الظفرة للطاقة الشمسية الكهروضوئية التي بنتها الصين والإمارات معا أكبر محطة مستقلة في العالم لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، وهي قادرة على تقليل انبعاثات الكربون بمقدار 2.4 مليون طن سنويا. كما تم مؤخرا شحن الدفعة الأولى من وحدات توليد طاقة الرياح التي صنعتها شركات صينية لمشروع طاقة الرياح في ولاية الدقم العمانية. مع إعلان الصين عن دعمها لتنفيذ مزيد من المشاريع الخضراء في الخارج، فإن آفاق التعاون بين الجانبين الصيني والعربي في مجالات إنتاج وحدات الطاقة الكهروضوئية وتطوير تكنولوجيا الهيدروجين الأخضر وبناء شبكات الكهرباء الذكية ستكون رحيبة في السنوات الخمس المقبلة. وإن ذلك لن يساعد فقط الدول العربية على تحسين هيكلها الطاقوي والتقليل من اعتمادها على النقط، بل سيساهم بشكل ملموس في قضية حوكمة تغير المناخ العالمية.
الانفتاح الثنائي الاتجاه على مستوى أعلى. أشارت “المقترحات” إلى ضرورة توسيع نطاق الانفتاح العالي المستوى على الخارج وفتح أفاق جديد من التعاون والكسب المشترك. لغاية نهاية عام 2024، وقعت الصين مع جميع الدول العربية الـ22 وجامعة الدول العربية على وثائق التعاون بشأن مبادرة “الحزام والطريق”. إن الطريق السيار الذي يربط شرق الجزائر بغربها وميناء خليفة الإماراتي المزدحم بحاويات الشحن ومنطقة الأعمال المركزية للعاصمة الإدارية الجديدة بمصر وغيرها من المشاريع الكبرى التي تشارك الشركات الصينية في إنشائها قد أصبحت رموزا بارزة تجسد مدى نشاط مشاركة الدول العربية في بناء مبادرة “الحزام والطريق”. وفي الوقت نفسه، تضع شركات الدول العربية الرائدة المخططات للاستثمار في السوق الصينية بنشاط أيضا، بما يحقق “التفاعل المتبادل” بين الجانبين. خلال السنوات الخمس المقبلة، مع مواصلة الصين خفض مستويات التعريفات الجمركية وتبسيط إجراءات النفاذ إلى الأسواق وتعزيز بناء مناطق التجارة الحرة، ستفتح أبواب الجانبين على الجانب الآخر على نطاق أوسع، كما سيتم إطلاق مزيد من الإمكانيات الكامنة للتعاون في مجالات تجارة الخدمات والمدفوعات عبر الحدود والتمويل الرقمي وغيرها.
إن العام المقبل هو بداية لـ”الخطة الخمسية الخامسة عشرة” للصين، وكذلك يصادف الذكرى السبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والدول العربية، وستستضيف الصين القمة الصينية العربية الثانية. عند نقطة الانطلاق التاريخية الجديدة، ستتفاعل وتتوافق الخطة الخمسية الخامسة عشرة للصين مع استراتيجيات التنمية للدول العربية، بما يأتي بمزيد من عوامل الاستقرار على منطقة الشرق الأوسط، وبمزيد من الفرص للتعاون الصيني العربي، ويقدم مساهمات أكبر لبناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد.
المؤلف: وو يافي، مراقب القضايا الدولية
شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .