2:13 مساءً / 18 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

قرار مجلس الأمن : قراءة في الدلالات والرؤية والتحولات ، بقلم : الصحفي سامح الجدي

قرار مجلس الأمن : قراءة في الدلالات والرؤية والتحولات ، بقلم : الصحفي سامح الجدي

شكّل القرار الذي اعتمده مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أمس، بشأن الوضع في قطاع غزة، محطة سياسية ودبلوماسية مفصلية في مسار الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وفي طبيعة المقاربة الدولية تجاه القطاع بعد عامين كاملين من الحرب المدمّرة. القرار، الذي حاز أغلبية واسعة مع امتناع دولتين دائمتَي العضوية، يفتح الباب أمام مرحلة جديدة قد تحمل معها فرصاً سياسية وإنسانية، لكنها في الوقت ذاته مليئة بالتعقيدات والتحديات.

أولاً: خلفية القرار وسياقه العام

جاء القرار في ظل حالة إنسانية كارثية يعيشها القطاع، وضغط دولي متصاعد لوقف الحرب بشكل نهائي، وتبلور مساعٍ أميركية – دولية لفرض إطار جديد لإدارة المرحلة الانتقالية في غزة. وقد شمل القرار:

دعم خطة متعددة البنود لوقف شامل لإطلاق النار.

إنشاء قوة دولية لتثبيت الاستقرار وتأمين المساعدات.

الإعداد لهيئة انتقالية لإدارة القطاع.

الإشارة – لأول مرة منذ سنوات – إلى مسار سياسي يقود إلى تقرير المصير الفلسطيني.

يمثّل هذا القرار أول استخدام دولي منسّق لمجلس الأمن بهدف وضع “هيكل إدارة انتقالية” لقطاع غزة، ما يعكس إدراكاً بأن الوضع لم يعد قابلاً للعودة إلى ما كان عليه سابقاً.

ثانياً: قراءة تحليلية للقرار

  1. نحو مرحلة انتقالية جديدة

يمهّد القرار لإطلاق فترة انتقالية تُدار فيها غزة وفق ترتيبات أمنية وإدارية دولية، تتضمن إشراف قوة متعددة الجنسيات وتأسيس إدارة مؤقتة. هذا التحول يمثل سابقة في مسار التعاطي الدولي مع القطاع، وينقل الملف من دائرة “الحل العسكري” إلى دائرة “التسوية المؤسسية”.

  1. الاعتراف بالمسار السياسي الفلسطيني

رغم لغة الحذر التي استخدمها القرار، إلا أنه تضمّن لأول مرة صياغة تشير إلى تهيّئة الظروف لإطلاق مسار “قابل للتطبيق” لإقامة الدولة الفلسطينية. وهي إشارة تحمل أبعاداً سياسية مهمة، خصوصاً في مواجهة الرفض الإسرائيلي المتكرر لأي مشروع للدولة.

  1. موازنة مصالح القوى الدولية

اتسم القرار بصياغة توافقية تراعي تعدد الأطراف:

الولايات المتحدة الدفع نحو تثبيت رؤيتها للمرحلة التالية.

أوروبا البحث عن “سلام مستدام” عبر تمويل وإعادة إعمار.

روسيا والصين الامتناع دون الفيتو لإبقاء مساحة تأثير دون الانحياز الكامل.

هذا المزيج يعكس توازنات دولية دقيقة وحسابات مرتبطة بالانتخابات الأميركية، والطموحات الروسية – الصينية في المنطقة، والمكانة الدولية للملف الفلسطيني.

ثالثاً: ماذا يعني القرار للفلسطينيين؟

  1. فرص يجب التقاطها

إعادة الإعمار بغطاء دولي: القرار يضمن آلية دولية ملزمة لإدخال المساعدات وإعادة بناء القطاع.

تخفيف الأزمة الإنسانية: وجود قوة استقرار قد يقلل الانفلات الأمني ويعزز انتظام الإغاثة.

نافذة سياسية جديدة: الإشارة لمسار الدولة يمكن أن تعزّز الموقع التفاوضي الفلسطيني مستقبلاً.

  1. تحديات قائمة

غياب وحدة الموقف الفلسطيني: رفض بعض الفصائل للقرار، مقابل موافقة السلطة، يهدد بخلق ازدواجية في التمثيل.

الغموض حول الإدارة المؤقتة: لا تزال صلاحياتها، آليات تشكيلها، ومدى ارتباطها بالشرعية الفلسطينية غير واضحة.

الموقف الإسرائيلي: تصريحاته الرافضة للمسار السياسي قد تعرقل التنفيذ على الأرض وتبقي غزة في “فراغ سياسي”.

رابعاً: التداعيات الإقليمية والدولية

القرار يعيد تشكيل مقاربة دول الإقليم تجاه غزة:

مصر تعود إلى واجهة الوساطة على أساس تفاوضي جديد.

قطر تواجه تحدي إعادة ضبط دورها الوسيط.

الأردن والسعودية تنظران إلى القرار كمدخل لإحياء الملف السياسي الفلسطيني الأشمل.
أما دولياً، فسيكون القرار اختباراً لقدرة الأمم المتحدة على فرض آلية تنفيذية في بيئة صراع معقدة.

القرار الأممي ليس نهاية الحرب، لكنه بداية مسار سياسي – إداري جديد. قد يشكل فرصة تاريخية للفلسطينيين إذا ما تم توحيد الموقف الوطني وفرض حضور فلسطيني فعّال في ترتيبات المرحلة الانتقالية. وفي الوقت ذاته، هو اختبار لقدرة المجتمع الدولي على ترجمة قراراته إلى واقع، بعيداً عن ازدواجية المعايير أو الضغوط السياسية.

إن نجاح القرار مرهون بمدى قدرة الأطراف على تحويل “النص الأممي” إلى واقع يوقف الحرب، ويعيد الإعمار، ويؤسس لمرحلة سياسية جديدة تحفظ حقوق الشعب الفلسطيني وتضمن أمن واستقرار المنطقة.

شاهد أيضاً

الأردن يدين تصريحات بن غفير التحريضية التي تدعو إلى استهداف القيادة الفلسطينية

الأردن يدين تصريحات بن غفير التحريضية التي تدعو إلى استهداف القيادة الفلسطينية

شفا – أدانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين بأشدّ العبارات التصريحات التحريضية المقيتة المرفوضة الصادرة عن …