12:03 مساءً / 16 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

اليوم الدولي للتسامح : منظور قانوني والتزامات دولية ، بقلم : المحامي عمر محمد زين

عمر محمد زين

اليوم الدولي للتسامح: منظور قانوني والتزامات دولية ، بقلم: المحامي عمر محمد زين


في اليوم الدولي للتسامح 16/11/2025، نحتفل بمبدأ قانوني وحقوقي جوهري. فالتسامح يمثل الأساس الذي تقوم عليه المجتمعات المتحضرة، ويعكس قدرة الدولة على حماية حقوق جميع المواطنين على قدم المساواة.


التسامح هو الضمانة التي تحمي المجتمع من الانقسام والعنف، وهو معيار يقيّم مدى احترام الدول لحقوق الإنسان والحريات الأساسية. ومن دونه، تصبح المجتمعات عرضة لتنامي الخطاب المتطرف وانتشار الكراهية التي تهدد السلام الاجتماعي والاستقرار السياسي.


على الصعيد الدولي، رسّخت المعاهدات والمواثيق هذا المبدأ، وجعلته التزامًا قانونيًا يجب على الدول تنفيذه ليس فقط عبر القوانين، بل من خلال السياسات والتدابير العملية. فعلى سبيل المثال، تُلزِم الاتفاقيات الدولية الدول بإنشاء أجهزة رقابية لمراقبة التمييز، وتطوير برامج تعليمية تُعزز الحوار بين الأديان والثقافات المختلفة، بما يضمن تطبيق مبدأ التسامح على أرض الواقع.


إن تعزيز التسامح لا يقتصر على الحماية من التمييز، بل يشمل أيضًا خلق بيئة مؤسسية واجتماعية تُشجع الحوار والحلول السلمية للنزاعات. فالمدارس والجامعات والمؤسسات الثقافية يمكن أن تلعب دورًا محوريًا في تعليم الأجيال أهمية التسامح، بما يعزز قدراتهم على التعامل مع التنوع الاجتماعي بوعي واحترام.


في هذا الإطار، تُعد القوانين الوطنية، المستوحاة من الالتزامات الدولية، أدوات حاسمة لضمان مشاركة الجميع في الحياة العامة دون خوف من التمييز أو التضييق على الحقوق. كما أنها تمنح المواطنين وسائل قانونية فعالة للطعن أو تقديم الشكاوى عند تعرضهم للتمييز، مما يحول القانون من نصوص جامدة إلى أداة حماية فعلية للمجتمع.


على سبيل المثال، يمكن للدول أن تُنشئ آليات قانونية لتلقي الشكاوى ضد خطاب الكراهية، وتوفير برامج إصلاحية للمتعصبين، بما يدمج البعد الوقائي مع البعد العقابي. وهذا يضمن معالجة الأسباب الجذرية للتعصب ويتيح إعادة دمج الأفراد في المجتمع بطريقة إيجابية، بدل الاقتصار على العقوبة فقط.


ومن منظور قانوني عملي، لا يكفي اعتماد التشريعات فقط، بل يجب أن تتواكب مع سياسات تعليمية وإعلامية مستمرة تعزز فهم الأفراد لحقوقهم وواجباتهم تجاه الآخرين. فالفرد الذي يعرف حقوقه وواجباته يكون أكثر قدرة على احترام حقوق الآخرين، ويصبح شريكًا فعالًا في تعزيز التسامح على المستوى الاجتماعي والقانوني.


كما أن تكامل المؤسسات القضائية مع مؤسسات المجتمع المدني يُعدّ شرطًا أساسيًا لتحقيق التسامح على أرض الواقع. حيث يمكن لهذه الشراكة أن توفر رقابة حقيقية على تطبيق القوانين، وتدعم الحملات التوعوية، وتُسهم في بناء ثقافة قانونية متينة تحمي جميع المواطنين.


إنّي أؤكد أن التسامح مسار قانوني وأخلاقي وحقوقي متكامل، يرسّخ العدالة ويحمي الحقوق. ويحوّل اليوم الدولي للتسامح من مناسبة رمزية إلى التزام يومي يظهر في سلوكنا اليومي، في القوانين التي نصيغها، وفي المؤسسات التي نديرها، ليكون التسامح واقعًا ملموسًا وليس شعارًا فقط.


إن الكيان الصهيوني يضرب بعرض الحائط كل هذه المفاهيم ويمثل كياناً عنصرياً ونازياً وفاشياً وعنوان جرائمه الإبادة الجماعية دون حسيب أممي. وعليه يقتضي أن تقوم دول العالم في إجراء المحاسبة والمساءلة وتنفيذ إجراءاتها بحقه والعمل على طرده من الأمم المتحدة اليوم قبل الغد حتى لا يبقى كل ما ذكرناه حبراً على ورق. وهنا يتبين ما إذا كانت الدول في العالم تتمتع بالمفاهيم التي ذكرناها آنفاً.


وأختتم بالقول: ” التسامح الحقيقي لا يتحقق بالكلمات وحدها، بل بالعدالة، بالمحاسبة، وبالتربية القانونية المستمرة التي تغرس الاحترام والمساواة في النفوس.”


ولذلك، يجب أن يتحول مبدأ التسامح إلى ممارسة يومية، تبدأ من الفرد وتمتد إلى المجتمع والدولة، بما يضمن حماية حقوق الجميع ويعزز السلم الاجتماعي.

شاهد أيضاً

الصين تحذر الفلبين من القيام بمزيد من الاستفزازات في بحر الصين الجنوبي

الصين تحذر الفلبين من القيام بمزيد من الاستفزازات في بحر الصين الجنوبي

شفا – حثّ الجيش الصيني اليوم الأحد الفلبين على التوقف فورا عن إثارة الحوادث وتصعيد …