
حين يُعيدنا الكون إلى ما نستحق ، بقلم : ناديه كيوان
نعيش أحيانًا وكأننا نحمل قلوبنا باليد لا بالصدر. نمدّها للناس كأنهم أطفال يخافون الظلام، نواسي، نسمع، نهدّئ، نرتّق شقوق أرواحهم بخيطٍ من صبرنا، وننسى أن لنا في المسافة جرحًا ما زال يقطر.
نعيش لنُسعِد، لا لأننا ملائكة ولا لأننا بلا حاجة، بل لأن في داخلنا ذلك الصوت الذي يقول: “يا الله، اجعل مروري في حياة أحدهم أخفّ من ألمه”. نعطي لأن العطاء يعيد إلينا شيئًا منّا كنّا نظنّه مات.
ومع ذلك… يحدث أن نمدّ يدنا فلا نجد يدًا تُمسكها. نمنح دفئًا فنعود لسريرٍ بارد. نُطمئن قلوبًا وننام وقلبنا وحيد ومرهق.
لكن المفارقة التي يصنعها الكون، تلك التي تكاد تكون معجزة صغيرة، هي أن الله لا يترك قلبًا كريمًا يتدحرج في الحياة دون سند. الناس اللي نسعدهم قد يرحلون، قد يخذلون، وقد لا يفهمون وزن ما فعلناه، لكن لا يحدث أن نُهمل. لا يحدث أن يُطفأ نورٌ أشعل بصدق.
يأتي آخرون… بقدرٍ أنيق.
يأتون كاستجابة غير معلنة.
كأن الله يقول لنا بلطفه: “ما خاب من جعل قلبه سبيلًا للخير.”
هؤلاء لا نبحث عنهم، ولا ندعو عليهم في لحظة غضب، ولا ننتظر قدومهم، ومع ذلك يظهرون. يربتون على روحك بطريقة لم تتوقعها، يعطونك بلا طلب، ويقفون قربك بلا مقابل. وكأن الحياة تقول لك:
أنت لم تكن يومًا وحدك… أنت فقط كنت في الطريق نحو من يشبهك.
العطاء الحقيقي لا يخسر صاحبه.
يستنزفه لحظة، نعم…
يربكه، يرهقه… لكنّه لا يتركه فارغًا.
هناك سر خفي في الكون: كلما أعطيت بصدق، عاد إليك ما هو أجمل.
وقد يأتيك العوض في كلمة، أو في صديق، أو في صدفة، أو في نور صغير يمرّ في قلبك فجأة فيقول: “هون عليك… ما زال الخير يعرفك.”
وهكذا… نعيش بين الأخذ والعطاء، بين الجبر والانكسار، بين رحيل من لا يشبهنا ووصول من كُتب أن يكون لنا خيرًا.
وهكذا نفهم أن السعادة ليست في أن يعترف الناس بجميلنا، بل في أن يبقى الله أقرب من كل خذلان… وأكرم من كل نوايا البشر.
وصدقًا… ما دام قلبك يعطي، فانتظري دائمًا أن تأخذي، حتى لو تأخر الطريق.
ناديه كيوان
شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .