2:22 مساءً / 13 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

ياسر عرفات… الزعيم الذي صاغ الذاكرة الفلسطينية ، بقلم : بشار مرشد

ياسر عرفات… الزعيم الذي صاغ الذاكرة الفلسطينية

ياسر عرفات… الزعيم الذي صاغ الذاكرة الفلسطينية ، بقلم : بشار مرشد

رمزٌ خرج من بين الركام:


بعد أكثر من عقدين على رحيله، لا تزال شخصية الرمز ياسر عرفات وكاريزميته حاضرة في الوعي الفلسطيني والعربي، بل وحتى لدى أجيال لم تعاصره. لم يكن الزعيم أبو عمار مجرد قائد سياسي، بل ظاهرة متكاملة صاغتها التجربة والمعاناة. خرج من رحم اللجوء ليؤسس هوية سياسية لشعبٍ كان يبحث عن ذاته، فحوّل المأساة إلى مشروع، والمنفى إلى خريطة وطن.


خطابٌ مزدوج بذكاء الفطرة:


أدرك الشهيد الرمز منذ البداية أن المعركة الفلسطينية لا تُخاض بالسلاح وحده، بل بالكلمة أيضاً. كان يخاطب الداخل بلهجة الوجدان والعاطفة، ويخاطب الخارج بلغة السياسة والمصالح. رفع الكوفية رمزاً للمقاومة، ورفع غصن الزيتون رمزاً للسلام الممكن، ليُبقي القضية الفلسطينية على طاولة العالم رغم العواصف.

قدرة فريدة على جمع الأضداد:


امتلك الزعيم أبو عمار رحمه الله موهبة نادرة في استقطاب أبناء شعبه على اختلاف مشاربهم، حيث كان يجد طريقه إلى قلب الغني وإلى وجدان الفقير، إلى عقل المثقف كما إلى روح الثائر، إلى مكتب الأكاديمي و إلى ورشة العامل. لم يكن يفصل بين الناس بمعايير الطبقة أو الأيديولوجيا، بل جمعهم حول فكرة واحدة هي فلسطين. وهنا يكمن سر قوته؛ فإنه وإن اختلف معه الكثيرون في التكتيك أو القرار، لم يختلف أحد على مكانته القيادية ورمزيته الوطنية كأب للثورة. كان يفهم لغة الشارع كما يفهم لغة الدبلوماسية، يبتسم للمقاتل في الميدان كما يصافح العالم في المؤتمرات. في حضرته كان كل فلسطيني يرى نفسه جزءاً من الحكاية، وهذا سرّ قوته التي لم تهتز رغم اختلاف الأزمنة والانقسامات.

مدرسة القيادة بالتجربة لا بالتنظير:


لم تتكوّن شخصيته في مدارس السياسة الكلاسيكية، بل في ميدانها المباشر. جمع بين الحلم الثوري والبراغماتية الواقعية، بين العناد الوطني والمرونة الدبلوماسية، وقد ظلّ صادقاً في هدفه إلى أن استشهد، وهو أن يثبت للعالم أن الفلسطيني باقٍ، مهما تغيّرت الظروف وتبدّلت المعادلات.

المركزية فسحة المناورة والتكتيك:


أبو عمار لم يحكم دولة مكتملة الأركان، بل قاد ثورة وسلطة في آنٍ واحد. كان يرى أن وحدة القرار ضرورة وجودية تحت الاحتلال، لا ترفاً تنظيمياً. لذلك كانت مركزيته جزءاً من فلسفة البقاء، أكثر منها رغبة في مركزية القرار، وحيث تتطلب المناورة فسحة للتحرك حينما يشتد الحصار.

الدستور غير المكتوب:


ترك الشهيد أبو عمار خلفه إرثاً وطنياً ما يشبه “دستوراً غير مكتوب” في الوجدان الفلسطيني، قوامه الإيمان بالحق والتمسك بالهوية ووحدة المصير. حتى من عارضه يجد نفسه يتحرك ضمن الإطار الذي رسمه هو؛ لأنه لم يترك مؤسسات بقدر ما ترك وعياً جمعياً صعب اقتلاعه.

الفينيق الذي لا يموت:


كانت فكرته رحمه الله ولا تزال كطائر الفينيق الفلسطيني. في كل محاولة لتجاوزه كانت تنتهي بإعادة إحيائه رمزاً. لم يُخلّد بقرار، بل بذاكرة، لأن رمزيته تجاوزت حدود الزمن والسياسة. إنه الزعيم الذي لم يقدّم نموذج “الرئيس”، بل “الفكرة” التي قاومت الفناء، وظلّت تنهض من تحت الركام كلما دعا الأمر محفورة في التاريخ والوجدان كرمز لفلسطين والقضية.

شاهد أيضاً

قوات الاحتلال تعتقل 40 مواطنا على الأقل من مدن وبلدات ومخميات الضفة الغربية

قوات الاحتلال تعتقل 40 مواطنا على الأقل من مدن وبلدات ومخميات الضفة الغربية

شفا – قال نادي الأسير الفلسطيني، إنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي شّنت منذ مساء أمس وحتّى …