
المنظومة التعليمية على حافة الانهيار ، بقلم : آمنة الدبش
الحرب لا تقتل البشر فحسب بل تقتل الأمل والأحلام وتدمر أهم ما تملكه الشعوب “التعليم” فعند اشتعال حرب الابادة الجماعية على غزة كان من أولويات الاحتلال الإسرائيلي استهداف المدارس والجامعات حيث تحولت مقاعد الدراسة إلى ذكرى مؤلمة في ذاكرة الأجيال وأصبحت الفصول أنقاضاً والمناهج مجرد أوراق ضائعة على حافة الطرقات.
▪︎ اضعاف المجتمع
تعد المنظومة التعليمية في غزة إحدى الركائز الأساسية لبناء مجتمع متماسك قادر على مواجهة التحديات غير أن الحصار والاعتداءات والانتهاكات التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي أضعفت بنيتها التحتية وعرضتها للانهيار تحت وطأة القصف والدمار لتُحرم أجيال كاملة من حقها الطبيعي في التعلم وفي المقابل يعيش آخرون في مناطق أكثر أماناً ظروفاً أفضل ، ما يخلق فجوة معرفية واجتماعية يصعب ردمها حتى بعد انتهاء الحرب.
▪︎ رسالة في زمن الموت
المعلمون في غزة يدفعون ثمناً باهظاً مثلهم مثل بقية فئات المجتمع إذ استهدفت الحرب الشرسة الكوادر التعليمية التي تُعد الركيزة الأساسية لإعادة بناء الأجيال.
فالكثير من المعلمين فقدوا عائلاتهم أو بيوتهم أو حتى حياتهم ، ورغم ذلك يواصل بعضهم أداء رسالته التربوية في ظل ظروف قاسية بدءاً من تدمير المدارس والجامعات مروراً بويلات الحرب وتداعياتها من نزوحٍ قسري تنعدم فيه أدنى مقومات الحياة وصولاً إلى تحويل المدارس إلى مراكز إيواء للنازحين بهذا يفقد التعليم مكانه الطبيعي ودوره الحيوي في حياة المجتمع الغزي.
ومع كل هذا الألم يبقى المعلم الفلسطيني رمزاً للصمود يزرع الأمل في عقول الأجيال حتى في أكثر اللحظات ظلمة مؤمناً بأن المعرفة هي السلاح الأقوى في وجه الدمار وأن بناء الإنسان هو الخطوة الأولى نحو إعادة بناء الوطن.
▪︎ أعين معلقة بالأمل
إن انهيار المنظومة التعليمية في غزة خلف آثاراً عميقة ومتعددة على الطلاب نفسياً واجتماعياً وأكاديمياً مما جعلهم من أكثر الفئات هشاشةً ومعاناة ، فقد بات كثير من الأطفال والشباب يواجهون واقعاً مأساوياً يدفعهم إلى شبح الموت في سبيل البحث عن وسائل لكسب المال السريع لتلبية احتياجاتهم ومساندة عائلاتهم ، ولم تتركهم الأجندات الخارجية وشأنهم بل خيمت ظلال المؤامرات الأمريكية–الصهيونية باسم “الإنسانية” و”العدالة” على طبيعتهم البشرية مستهدفةً وعيهم وسلب مستقبلهم لتغريهم بالمال وتبعدهم عن طريق العلم في ظل غياب منظومة تعليمية فعالة توفر لهم فرص التعلم والتطوير.
هذا الواقع يثقل كاهلهم نفسياً وجسدياً ويخلق جيلاً مضغوطاً يفتقد إلى فرص تعليم مستقرة ويعيش حالة من القلق المستمر بشأن مستقبله الأكاديمي والمهني في ظل عالم لا يرحم الضعفاء ولا يمنحهم فرصة حقيقية للنهوض.
▪︎ مخططات الاحتلال
إنّ استهداف التعليم في غزة لا يمكن اعتباره مجرد انعكاس جانبي للحرب أو نتيجة عرضية للأزمات بل هو جزء من مخططٍ ممنهج يهدف إلى طمس الهوية الوطنية الفلسطينية وتفريغ الأجيال من وعيها وثقافتها وانتمائها ، فالتجهيل هنا ليس صدفة بل أداة من أدوات الاحتلال لإبقاء المجتمع الفلسطيني في حالة ضعفٍ وتشتتٍ دائم.
ومن هذا المنطلق فإن مسؤولية إنقاذ التعليم لا تقع على جهة بعينها بل هي واجب وطني وإنساني وأخلاقي مشترك يتطلب تضافر الجهود بين المؤسسات المحلية والدولية والمجتمع المدني والأسر لدعم الطلاب والمعلمين وإعادة إعمار المدارس وتوفير بيئة تعليمية آمنة ومستقرة، كل خطوة في هذا الاتجاه تمثل استثماراً مباشراً في مستقبل فلسطين ورسالة صمود في وجه محاولات الإبادة الثقافية والمعرفية.
استمرار التعليم هو فعل مقاومة وسلاح في معركة الوعي ووسيلة لبناء جيلٍ قادر على تحويل المعاناة إلى إبداع والدمار إلى بناء واليأس إلى أمل إنه الرهان الحقيقي على أن غزة رغم الجراح ستبقى منارة للعلم والحياة.
- – آمنة الدبش – صحفية من قطاع غزة
شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .