
نحن جيل المنتصف ، بقلم : راويه المصري
نحن أجيال…خرجت من بوابة زمن قديم ولم تدخل تمامًا في الجديد.
نقف عند العتبة، نحمل حقيبة ماضي ثقيلة،
وفي جيبنا هاتف ذكي لا نزال نستخدمه بخوفٍ ودهشةٍ معًا.
نحن الذين كتبنا أول رسائلنا على الورق،
ثم شاهدناها تذوب في شاشة إلكترونية لا رائحة لها.
نحن الذين انتظرنا أغنية على المذياع أسبوعًا،
ثم صرنا نملّ من سماعها بعد ثانية واحدة على “يوتيوب”.
كبرنا ونحن نحلم بعالمٍ أكثر رحمة،
لكننا استفقنا في زمنٍ أسرع من مشاعرنا.
صرنا نضحك على جراحنا كالأطفال،
ونخفي دموعنا كالشيوخ الذين تعبوا من الشرح.
نحمل قلب طفلٍ يُصدّق كل شيء،
وعقل شيخٍ يعرف أن لا شيء يدوم.
نتعلق بالتفاصيل الصغيرة .. رائحة الكتب، ضوء اللمبة الصفراء، نغمة الهاتف القديم
كأنها خيوط تبقينا متصلين بالحياة.
نخاف من المرايا…
ليس لأننا لا نحب ملامحنا،
بل لأننا نعرف أن فيها كل أعمارنا مجتمعة:
الطفل الذي ما زال ينتظر لعبة،
والمراهق الذي كتب أول رسالة حب،
والراشد الذي يتظاهر بالقوة كي لا يقلق الآخرين.
نحن جيل “المنتصف”؛
لا نحن عدنا كما كنا،
ولا صرنا تمامًا كما يريدون.
نحن نكتب كي نتنفس،
ونمزح كي لا نبكي،
ونتظاهر بأننا بخير لأن العالم لم يَعُد يحتمل الضعف.
وربما هذا ما يجعلنا مميزين حقًا:
أننا ما زلنا نحلم رغم كل شيء. ونحمل في صدورنا زمنين
زمن البراءة التي كانت،
وزمن الوعي الذي وجعنا.
فنحن، ببساطة، الجيل الذي يضحك والدمعة في عينه،
يعيش في الحاضر، لكن نصفه ما زال في الأمس…
ينتظر أغنية لم تُكملها الدنيا بعد.
شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .