
ياسر عرفات.. مطلقُ الوطنية الفلسطينية ، بقلم : محمد علوش
في مثل هذا اليوم، يستيقظ الوجدان الفلسطيني على وجع واعتزاز في آن معاً، ذكرى رحيل القائد الرمز، الشهيد ياسر عرفات، الذي لم يكن مجرد رئيس أو زعيمٍ سياسي، بل كان تجسيداً لمعنى فلسطين ذاتها؛ الإنسان والأرض والهوية والكرامة.
ياسر عرفات، أو “أبو عمار”، لم يأت من فراغٍ سياسي أو تنظيري، بل من رحم التجربة النضالية التي صاغت الوعي الوطني الفلسطيني الحديث، ففي شخصه التقت بندقية الفدائي بعباءة الدبلوماسي، وصوت المخيم بصوت العالم، وحلم اللاجئ بخارطة العودة.
كان يعرف أن الطريق إلى الحرية طويل، وأن العدل لا يستجدى بل ينتزع، ولذلك حمل فلسطين في قلبه إلى كل منبر، من الخنادق إلى الأمم المتحدة، رافعاً البندقية بيد وغصن الزيتون بالأخرى، ومردداً: لا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي.
لم يكن عرفات زعيم مرحلة فحسب، بل مؤسساً لهوية وطنية جامعة صاغت الكيانية الفلسطينية الحديثة، أعاد للشعب الفلسطيني حضوره السياسي بعد أن حاولت قوى كثيرة طمسه، وجعل من منظمة التحرير بيتاً لكل الفلسطينيين، عنواناً للنضال وممثلهم الشرعي والوحيد في وجه مشاريع الإلغاء والتصفية.
رحل أبو عمار جسداً، لكنه بقي في الذاكرة الجمعية وفي تفاصيل الحلم الوطني، وبقي في صورته التي تخترق الزمن بزيّه العسكري وكوفيّته التي صارت رايةً وشعاراً، وبابتسامته التي كانت تقول: إنها ثورة حتى النصر.
بقي رمزاً للوحدة في زمن الانقسام، وصوتاً للعروبة في زمن الانكفاء، ومثالاً للصلابة في وجه الاحتلال والحصار.
في ذكراه، نستعيد ليس فقط القائد، بل الفكرة التي جسّدها: فلسطين أولاً، وفوق كل اعتبار، نستعيد روح الفعل التي رفضت الاستسلام، والعقل الذي آمن أن الحرية تصنع بإرادة الشعوب لا بقرارات الغير.
سلامٌ على روحك يا أبا عمار، يا مطلق الوطنية الفلسطينية، يا من جعلت من الثورة عنواناً ومن الهوية وعداً لا يموت، فما زال صوتك يهتف فينا: على هذه الأرض ما يستحق الحياة.. وما يستحق أن نحيا ونموت من أجله، اسمها فلسطين.
شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .