11:30 صباحًا / 9 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

العراق والسعي لفرض السيادة ودبلوماسية التوازن بين القوى الخارجية ، بقلم : كريستين حنا نصر

العراق والسعي لفرض السيادة ودبلوماسية التوازن بين القوى الخارجية

العراق والسعي لفرض السيادة ودبلوماسية التوازن بين القوى الخارجية ، بقلم : كريستين حنا نصر

منذ سقوط نظام صدام حسين في عام 2005م والتدخل الامريكي وتفاقم النفوذ الايراني بما في ذلك الشؤون الدينية والعقدية والمؤسسات السياسية والاقتصادية وبالطبع دور هذا النفوذ في الحرب الطائفية والعرقية التي فرقت البلاد ، خاصة في مجال الانقسام والشرخ السني الشيعي ، وتحديداً بعد الانسحاب الامريكي من العراق عام 2011م ، والذي ترك فراغاً أمنياً كبيراً على الساحة العراقية ، والذي ظهر بالاخص أثناء سقوط الموصل بيد تنظيم داعش في عام 2014م ، ودخول العراق بما يعرف بفترة محاربة فلول داعش ، وعند استلام حيدر العبادي رئاسة الوزراء ، فقد قدمت امريكا حينها الدعم العسكري لمحاربة التنظيم الذي هُزم أنذاك في عام 2017م ، وبعدها بدأ المشهد العراقي يظهر فيه حالة من الصعود اللافت للفصائل المسلحة الشيعية والمدعومة من ايران ، والتي تحولت أيضاً الى قوى سياسية من خلال الحشد الشعبي ، الذي عمق النفوذ الايراني في العراق ، ومنذ هذه الفترة أصبحت العراق دولة فاقدة للسيادة ، خصوصاً بعد تزايد النفوذ الايراني في مفاصل دولتها.

والآن وخلال فترة حكم رئيس الوزراء العراقي الحالي محمد شياع السوداني ، فقد حاولت هذه الحكومة جاهدةً تحويل العلاقة مع امريكا الى تعاون سياسي واقتصادي في ظل استمرار النفوذ الايراني في العراق ، ولكن الجانب الامريكي بقيت نظرته للعراق بانه دولة ما تزال فاقدة للسيادة وذلك بسبب النفوذ الايراني المستشري في العراق ، وبسبب الفصائل المسلحة التابعة لايران ، وأثناء ادارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب عين مبعوثاً خاصاً للعراق ( مارك سافايا ) ، في وقت ترى فيه الحكومة العراقية من جانبها ان ذلك فرصة لاعادة وضبط العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع امريكا ، ولكن هذا الامر لم يكن محبذاً من قبل القوى الداخلية العراقية المدعومة من ايران ، ومنذ عقدين وبعد سقوط نظام البعث الحاكم ممثلاً بصدام حسين والى اليوم ما يزال العراق يحاول بناء سياساته الخارجية ومصالحه خصوصاً مع امريكا ، والتي تملك اوراق قوية ومهمة في الملف العراقي الداخلي بالرغم من نفوذ ايران في المؤسسات العراقية ، ولكن الطموح العراقي يبقى في اهداف جوهرية تتمثل بتمكين الدولة العراقيه وبسط سيادتها وسعيها أن تُعامل العراق كدولة ذات سيادة كاملة ، وليس ساحة لصراعات لنفوذ ايران ومليشياتها ، وأيضاً ساحة صراع بين ايران وامريكا ، لذا فإن العراق يجد نفسه متواجد بين دولتين تتقاطع مصالحهما على أرضه وسياسته بالتوازن بين الطرفين ، وفي نفس الوقت العمل على استعادة قواه السياسية والاقتصادية وبسط سيادته .

فهل التطورات الراهنة وبشكل خاص بعد احداث السابع من اكتوبر عام 2023م أي صراع اسرائيل وحركة حماس في غزة وتداعياتها ، سوف يؤثر على الساحة العراقية وبالاخص كما هو الحال في المشهد اللبناني ؟ ، وهل ينجح العراق في فرض سيادته العراقية الكاملة ويقلص النفوذ الايراني والميليشيات المدعومة منه ، ويستقل العراق لاعادة بناء دولته التي تعاني منذ أكثر من عقدين من الزمن ؟، يدخل العراق مرحلة جديدة من تاريخه ، خاصة بعد تداعيات حرب غزة وخصوصاً على محور المقاومة وما يسمى بوحدة الساحات ، الذي يدعم حركة حماس في الحرب والتي تفاقمت لتخرج خارج حدود غزة ، كذلك الدعم الايراني لحركة حماس الى الحرب بين اسرائيل وحزب الله و نجاح اسرائيل بتقليص القوى العسكرية لحزب الله واستشهاد الكثير من عناصره فيما يسمى عملية أو حادثة البيجر ، اضافة لاستشهاد أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله والذي استشهد خلال الضربات الاسرائيلية على جنوب لبنان ، ثم ما تبع ذلك من تطورات تمثلت بما يسمى بحرب ( 12 ) يوماً ، والتي اندلعت بين اسرائيل وايران حيث تمّ خلالها شل الكثير من قدرات ايران العسكرية والنووية والصاروخية ، ونتيجة هذه الحرب تمّ تجميد قدرات ايران بشن صواريخ من اراضيها وتقليص الدعم الايراني العسكري أيضاً لحزب الله في لبنان وكذلك العراق واليمن . وكل هذه التطورات وتبعات حرب السابع من اكتوبر بدأ واضحاً خلالها تقليص نفوذ حركة المقاومة المدعومة من ايران ، والتضييق على امكانية حدوث ما يسمى بوحدة الساحات ، خاصة بعد الوصول الى المصالحة بين اسرائيل وحركة حماس والسعي الامريكي لوقف الحرب في غزة وتسليم الرهائن من الطرفين وبموافقة دولتي تركيا وقطر اللتان تدعمان حركة حماس وايضاً موافقة دول عربية واسلامية لوقف الحرب في غزة ، وكل هذه التطورات أثرت بشكل كبير و واضح على المشهد اللبناني الحالي والسعي لحصر السلاح بيد الدولة والجيش اللبناني ، والان تدخل لبنان مرحلة ثانية من الحرب بين اسرائيل وحزب الله ، الذي يرفض تسليم سلاحه حتى الآن .

أعتقد أن المرحلة المقبلة ومبدأ حصر السلاح بيد الدولة والجيش سوف يؤثر أيضاً على المشهد العراقي ، ومسألة السعي الى تقليص نفوذ الميليشيات المدعومة من ايران على الاراضي العراقية في المرحلة القادمة بعد الانتهاء من حل الوضع في لبنان ويمكن ان يكون متوازياً معه ، ولكن الوضع في العراق هو أكثر تعقيداً منه في لبنان ، باعتبار ان ايران متغلغلة في المؤسسات السياسية والاقتصادية العراقية ، وسوف تكون هدفاً أصعب للسعي الى فرض سيادة الدولة العراقية بسهولة ، وخاصة رجال الدين المدعومين من ايران ولها أي ايران حاضنة قوية في العراق ، والسؤال الأبرز هنا هل العراقيون والتي يتواجد فيها عدة قوميات ومذاهب ، هل هم جميعاً يهدفون فعلياً الى عدم التبعية الى ايران وبغض النظر عن انتمائهم المذهبي الشيعي مثلاً ، وهل الولاء الوطني هو الذي سيطغى على الولاء الديني والتبعية الى ايران ؟ ، إذا اراد الشعب العراقي الاستقلال وفرض السيادة و الامن على اراضيه ، فيجب عليه أن يحظى الشعب العراقي بكامل مكوناته بولاء وطني وبغض النظر عن المعتقد والمذهب والقومية ، ويجب ان يكون الشعب جميعاً متحدين لبناء دولة مدنية ذات سيادة تجمع جميع الفرقاء ولهدف واحد هو وحدة العراق واستقلاله الكامل على أرضه وحصر السلاح بيد الدولة ، اي بدون تواجد ميليشيات مدعومة من ايران او من دولة اخرى .

وللأسف العراق هي دولة نفطية ولكن السؤال الاكبر ، هو أين تذهب مقدرات النفط فيها ؟ وللأسف تفاقم الفساد الاداري والتبعية الى قوى خارجية تسيطر على موارد الدولة النفطية والاقتصادية ، ان المفروض اليوم هو فرض سيادة الدولة ليس عسكرياً وسياسياً فقط ، ولكن أيضاً فرض سيادة الدولة على الموارد النفطية والتي سوف تعيد توفير الخدمات وانشاء البنية التحتية للدولة العراقية . وحتماً فان الدور قادم للعراق بعد سوريا ولبنان ، اي السعي الى حصر السلاح بيد الدولة فقط وتقليص النفوذ الايراني في دول الشرق العربي ، واعتقد ان الايام القادمة سوف تكون أيضاً مليئة بالتطورات المتسارعة وليس فقط لبنان فحسب ، ولكن كذلك الحال سيكون في العراق واليمن .

فهل الشرق العربي سوف ينفض غبار نفوذ القوى الخارجية الطاغية على بعض بلدانه ، أتمنى أن يدخل الشرق العربي مرحلة جديدة من السيادة وإعادة بناء الدول سياسياً و اجتماعياً و اقتصادياً ، واعتقد أيضاً بأن المنطقة تفاقمت فيها الحروب والازمات وعدم الاستقرار وحان الوقت الى فرض السيادة واستقلالية الدول وفرض السلام والانتعاش الاقتصادي .

شاهد أيضاً

المكتب السياسي لجبهة النضال : مشروع القرار الأمريكي بمجلس الأمن محاولة لفرض وصاية على الشعب الفلسطيني

شفا – ندد المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، بسعي واشنطن لاستصدار قرار من مجلس …