أطفال التراب… قادة النصر القادم ، لوحة الفنان محمد الدغليس ، كلمات : د. وليد العريض

أطفال التراب… قادة النصر القادم ، لوحة الفنان محمد الدغليس ، كلمات : د. وليد العريض

من ديوان: “مقاوم خاص”

بدايتنا:

من بين الركام يولد الضوء على هيئة طفلٍ يرفع يده للسماء.
في لوحته الجديدة، يسكب محمد الدغليس ألوانه كما يُسكب الدعاء في فجرٍ باكٍ؛
أطفالٌ بأجسادٍ صغيرة وقلوبٍ أكبر من الوطن وجوههم لم تكتمل بعد، لكنهم يحملون ملامح الجيل الذي سيُعيد صياغة التاريخ.

في عيونهم بقايا دمعٍ وماء حياة
وفي شفاههم وعدٌ لا ينكسر:
أن يبقوا فرحين رغم الحطام.
يضحكون ليؤكدوا أن الألم لا يقتل الفرح
ويغنون ليقنعوا القمر بأن الليل ليس أبديًّا.
يرفعون أصابعهم بعلامة النصر، لا تقليدًا للكبار، بل إيمانًا بأن الحق لا يُهزم مرتين.
كأنهم يقولون: “نحن الجيل الذي وُلد من الرماد ليكتب بداية النور”.
وجوههم تشبه التراب حين يبتسم بعد المطر
وأيديهم الصغيرة تمسح عن الوطن وجعه كأنها صلاة على قلب الأرض.

هؤلاء الصغار ليسوا شخوصًا في لوحةٍ رمزية،
بل عنوان المرحلة القادمة وصوت الغد، وملامح الكرامة التي لا تنحني.
في كل طفلٍ منهم قصة بطولة
وفي كل ضحكةٍ منهم وثيقة بقاء.
لقد تعلّموا أن البطولة ليست أن تنتصر بالسلاح،
بل أن تبقى واقفًا بعد الهزيمة،
تبتسم للغبار وتقول:
ما زلتُ أؤمن أن التراب يعرف أصحابه.

ومن هنا تبدأ القيادة…
من طفولةٍ تتحدى الموت بحلوى
ومن عيونٍ صغيرةٍ ترى في الدخان قوس قزح
ومن جيلٍ لم يعرف الراحة، لكنه عرف المعنى:

أن تُحب الحياة رغم أنف الموت
وأن تكون شاهدًا على القيامة اليومية لأرضٍ اسمها فلسطين.

وخاتمتنا:

حين نرسم أطفال فلسطين، نحن لا نرسم طفولةً عادية،
بل نُوثّق معجزةً تمشي على قدمين صغيرتين
وتحمل في راحتيها أمانة التاريخ.
في كل ضحكةٍ تحت الأنقاض رسالة
وفي كل عينٍ تحدّق في السماء عهدٌ جديد:

أن النصر ليس حدثًا، بل طريقة حياة.

سيكبر هؤلاء الأطفال وسيعرف العالم أنهم لم يكونوا ضحايا،
بل طليعة الأمل
وأن المقاومة تبدأ من لوحةٍ ودمعةٍ وضحكةٍ في وجه الركام.

قصيدة:

سيُزهِر التراب نصرًا

يا طفلَ غزّةَ… يا ملوّنَ بالدخانِ
تغنّي للحياةِ على الحِطامِ وتستعيدُ الأمانِ

كم مَرَّ موتٌ من أمامِكَ فابتسمتَ لهُ
كأنَّكَ تسخرُ من سيوفِ الزمانِ

فيكَ العنادُ وفيكَ من وجعِ الأمهاتِ سِراجُ
وفيكَ من صبرِ الجبالِ بيانِ

ترفعُ رايتكَ والريحُ ضدّكَ
لكنّكَ الريحُ إن غضبتَ والإعصارُ إن حانَ الأوانِ

ستُزهِرُ الأرضُ يومًا من دمائِكُمُ
ويُولَدُ الفجرُ من ضحكاتِ الصغارِ

وسيعلمُ الكونُ أنَّ فلسطينَ تُنجِبُ نصرًا
حتى من بينِ الرمادِ والغبارِ