10:41 مساءً / 6 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

الذكاء الاصطناعي في فلسطين : بين التحول الرقمي والتحدي البنيوي ، بقلم : وصال أبو عليا

الذكاء الاصطناعي في فلسطين : بين التحول الرقمي والتحدي البنيوي ، بقلم : وصال أبو عليا

الذكاء الاصطناعي في فلسطين: بين التحول الرقمي والتحدي البنيوي ، بقلم : وصال أبو عليا

بات الذكاء الاصطناعي (AI) واقعًا لا يمكن تجاوزه في المشهد العالمي، وتنعكس تأثيراته المتسارعة على كل مجالات الحياة، من التعليم والإعلام إلى الاقتصاد والسياسة. وفي فلسطين، كما في سائر دول العالم، فرض الذكاء الاصطناعي حضوره تدريجيًا من خلال الأدوات الرقمية وبرمجيات التحرير والإخراج والمونتاج التي تحولت منذ عام 2020 إلى أنظمة ذكية متطورة، غير أن هذا التحول ما يزال يصطدم بجملة من التحديات البنيوية والتعليمية.

مدى انتشار استخدام الذكاء الاصطناعي في فلسطين


يؤكد الأكاديمي والمختص في الإعلام د. غسان نمر أن نحو 60% من الفلسطينيين الذين ينشطون في قطاعات العمل والدراسة والإعلام والتجارة يتعاملون مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي بشكل يومي، سواء للحصول على معلومات، أو صياغة محتوى، أو تطوير أفكار.

ويشير إلى أن هذه النسبة تعكس انتشارًا ملموسًا للذكاء الاصطناعي بين الأفراد، إذ أصبح مرافقًا لكل هاتف ذكي، وأداة أساسية في الحياة الرقمية اليومية.


لكن على الرغم من هذا الاستخدام الواسع، فإن الوعي بالحدود الأخلاقية والقانونية لهذه التقنيات لا يزال محدودًا، ما يستدعي –بحسب نمر– ضرورة التعامل معها بحذر، خاصة في ظل إمكان استخدامها في أغراض مشبوهة أو خاضعة للمراقبة كما حدث في بعض الحالات داخل إسرائيل.

موقع الجامعات الفلسطينية من التحول الذكي


من زاوية أكاديمية، يكشف د. محمود خلوف، أستاذ الإعلام الرقمي في الجامعة العربية الأمريكية والباحث في مجال الذكاء الاصطناعي، عن نتائج دراسات أجراها ونشرت في مجلة النجاح للعلوم الإنسانية (حزيران 2024)، تناولت مدى جاهزية المؤسسات الإعلامية الفلسطينية للانتقال نحو الذكاء الاصطناعي، حيث تشير النتائج إلى أن التحول الرقمي في المؤسسات الإعلامية جاء استجابة لواقع الممارسة، لا لتخطيط استراتيجي، في ظل غياب البنية التحتية المؤهلة لمجاراة الثورة الصناعية الرابعة والخامسة.

أما في الجامعات، فيوضح د. خلوف أن نتائج دراسة مشتركة مع الباحث عبد الله مصلح من جامعة خضوري أظهرت واقعًا “غير مشجع”، إذ ما تزال المناهج تقليدية، والكوادر التدريسية غير مهيأة تقنيًا لتدريس مساقات تتعلق بالذكاء الاصطناعي أو صحافة الروبوت، كما تفتقر الجامعات إلى الموازنات والمختبرات والمعدات اللازمة للدمج الفعّال لهذه التقنيات في العملية التعليمية.

ويرى د. خلوف أن الحل يكمن في مسارين متوازيين: تهيئة البنية التحتية وتخصيص الموارد المالية المناسبة، وتدريب الكوادر الأكاديمية على أدوات الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى تطوير المناهج بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل وبناء شراكات داخلية بين كليات الإعلام والهندسة والذكاء الاصطناعي والوسائط المتعددة.

الذكاء الاصطناعي كأداة للنهوض الوطني


يتفق الباحثان على أن الذكاء الاصطناعي لا يمثل خطرًا بقدر ما يشكل فرصة استراتيجية للفلسطينيين إذا أُحسن توظيفه. فبرأي د. خلوف، يمكن لهذه التقنيات أن تسهم في نقل الرواية الفلسطينية إلى العالم وفضح جرائم الاحتلال، وكشف التضليل الإعلامي والسياسي الممارس ضد القضية الفلسطينية، من خلال أدوات تحليل البيانات والترجمة والرصد الذكي للمحتوى.

كما يرى د. خلوف أن دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم والإعلام يمكن أن يخلق جيلًا فلسطينيًا قادرًا على الإبداع والتكيّف مع متطلبات المرحلة، بدلًا من البقاء في دائرة البطالة الناتجة عن استمرار التعليم الكلاسيكي. أما على الصعيد البحثي، فيمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز الدقة والنزاهة العلمية من خلال الكشف عن الأبحاث المزورة وتحسين جودة الإنتاج الأكاديمي.

تحديات أخلاقية وقانونية


رغم هذه الفرص، يشير المتحدثان إلى أن الذكاء الاصطناعي يطرح إشكاليات قانونية ومجتمعية معقدة تتعلق بالملكية الفكرية، والاعتماد المفرط على الأنظمة الذكية في مجالات إنتاجية متعددة.


ويؤكد د. خلوف أن على المشرعين الفلسطينيين الإسراع في سنّ أطر قانونية تضمن التكامل بين الإنسان والآلة، بحيث يكون الذكاء الاصطناعي مساعدًا للإنسان لا بديلًا عنه.

خلاصة


الذكاء الاصطناعي في فلسطين يسير بخطى متسارعة على المستوى الفردي، وبخطى بطيئة على المستوى المؤسسي. وإذا ما تم الاستثمار فيه بشكل مدروس عبر تطوير البنية التعليمية والإعلامية والبحثية، فإنه قد يتحول من مجرد أداة رقمية إلى رافعة وطنية للنهوض بالتنمية، والوعي، والسردية الفلسطينية أمام العالم.

شاهد أيضاً

تحاد نضال المرأة

اتحاد نضال المرأة الفلسطينية يكرم أمهات الشهداء والأسرى

شفا – على شرف اليوم الوطني للمرأة كرم اتحاد نضال المرأة الفلسطينية في محافظات قطاع …