11:21 مساءً / 3 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

“شينجيانغ” في عيون زائر عربي.. الاستقرار والتنوع الديني ونهضة مبادرة الحزام والطريق على خطى طريق الحرير ، بقلم : علي السنتريسي

"شينجيانغ" في عيون زائر عربي.. الاستقرار والتنوع الديني ونهضة مبادرة الحزام والطريق على خطى طريق الحرير ، بقلم : علي السنتريسي

“شينجيانغ” في عيون زائر عربي.. الاستقرار والتنوع الديني ونهضة مبادرة الحزام والطريق على خطى طريق الحرير ، بقلم : علي السنتريسي

منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم هي أكبر وحدة إدارية على مستوى المقاطعة في الصين من حيث مساحتها تصل 1.6649 مليون كيلومتر مربع، أي ما يعادل حوالي سدس إجمالي مساحة الصين. وشينجيانغ إقليم شاسع يحاذي بريا منغوليا، روسيا، كازاخستان، قيرغيزستان، طاجيكستان، أفغانستان، باكستان، والهند، ومثلت زيارتي القصيرة الى هذا الاقليم من خلال زيارتي مدينة اورومتشي والتي تقع جنوب شرق شينجيانغ، على طريق الحرير قديما، والتي تطل عليها جبال تيانشان (أو الجبال السماوية) المكسوة بالثلج الابيض، مثلت تجربة غنية بالمعرفة والإلهام والابداع، وأتاحت لي الفرصة للاطلاع على تاريخ وحضارة هذه المنطقة الفريدة ذات التعددية اللافتة في القوميات، حيث تتعايش 56 قومية صينية بانسجام، ويتجلى هذا التنوع جليا في محتوى المتاحف والمعارض التراثية والارشيفية، واللوحات في الشوارع، ليعكس كل هذا الزخم من التنوع، لوحة غنية من التراث والثقافة والحضارة الضاربة في القدم .

وتعد شينجيانغ الحدودية ( فسيفساء قومية بامتياز) ونموذجاً مشرقاً للتنمية المستدامة والتقدم الحضاري، بفضل الرؤية الحكيمة والجهود المتواصلة للحزب الشيوعي الصيني والحكومة المركزية، لقد نجح هذا العمل الدؤوب في تحويل التحديات إلى فرص، وتعزيز البنية التحتية، ودعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بما يحقق الازدهار والاستقرار لشعوب المنطقة. في 19 سبتمبر 2025، أصدرت الحكومة الصينية الورقة البيضاء بعنوان “الممارسة الناجحة لاستراتيجية الحزب في إدارة شينجيانغ في العصر الجديد”، والتي قامت باستعراض منهجي لمسيرة إدارة شينجيانغ من قبل السلطات المركزية الصينية عبر العصور التاريخية والمسار التاريخي لإدارة الحزب الشيوعي الصيني لشينجيانغ، وركزت على شرح جوهر استراتيجية إدارة شينجيانغ في العصر الجديد والإنجازات التنموية المحققة تحت توجيهها. ومما اطلعت عليه من معلومات ومشاهدات ، فان الالتزام الراسخ بالابتكار والتطوير الشامل لشينجيانغ ، عكس وبشكل واضح قدرة الصين على بناء مجتمعات متقدمة ومزدهرة، ويشكل مثالاً مشجعاً يحتذى به في تحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة على المستوى الوطني والإقليمي ، وشينجيانغ ليست مجرد منطقة حدودية، بل هي العمود الفقري لـ مبادرة الحزام والطريق، التي أطلقها الرئيس شي جين بينغ، هذه المبادرة العالمية ساهمت في تُحوّل الإقليم إلى مركز لوجستي وتجاري حيوي، يربط الصين بآسيا الوسطى وأوروبا، وتُعد محركًا هائلاً للاستثمار في البنية التحتية، مما يُفسر الوتيرة السريعة في التطور العمراني والاقتصادي الذي لاحظته في زاوية وشارع ومؤسسة زرتها وشاهدتها.

وتتميز شينجيانغ بطبيعتها الخلابة، وتفتخر بها القيادة الصينية، والحزب الشيوعي، والشعب، والفنانون، والديانات المختلفة، إنها نموذج متقدم لتكامل الحضارة العريقة مع جهود الحفاظ على وحدة الصين الشعبية واستقرارها، وتجسد آثار التطور البنيوي والعمراني والمشاريع الاقتصادية والسياحية المتناغمة مع التاريخ، ما يجعلها مثالاً حيًا على التنمية المستدامة والنهضة المتوازنة.

كعربي مسلم، لفت انتباهي بشكل خاص العدد الكبير من المساجد والمعابد، والكتابة بالأحرف العربية على اليافطات والمباني والمؤسسات والمتاجر، مما يعكس الاحترام العميق للتنوع الديني والثقافي، إن الاهتمام الكبير الذي يوليه الحزب الشيوعي الصيني لهذه المنطقة الحدودية جعل منها مركز جذب سياحي وتنموي، وسمح بمواجهة التحديات الأمنية والإرهاب الذي ضرب المنطقة سابقًا نتيجة تدخلات خارجية، مؤكداً التزام الشعب الصيني ووحدته حول قيادته، ودفاعه عن أراضيه وحضارته بكل حزم وتضحيات مثلت اسطورة اخرى من اساطير الصين الممتدة الى 5 الاف عام.

شينجيانغ منطقةٌ تعايشت فيها الأديان منذ القدم، حيث تزدهر فيها البوذية والطاوية والإسلام والكاثوليكية والمسيحية، و تُطبّق شينجيانغ سياسة الحزب بشأن حرية المعتقد الديني تطبيقًا كاملًا ودقيقًا وأمينًا، من خلال احترام معتقدات الشعب الدينية، وإدارة الشؤون الدينية وفقًا للقانون، والسماح للجماعات الدينية بإدارة شؤونها الخاصة، وتوجيه الأديان لتكون متوافقةً مع المجتمع الاشتراكي، وانطلاقًا من مبدأ توافق الأديان في الصين مع واقعها، عززت المنطقة التوجيه النظري والسياسي للأوساط الدينية، وأدخلت العلم الوطني والدستور والقوانين واللوائح والقيم الأساسية الاشتراكية والثقافة الصينية التقليدية الراقية في أماكن الأنشطة الدينية، وبُذلت جهودٌ لإلهام الشخصيات الدينية والمؤمنين للتماهي بشكل أوثق مع الوطن الأم والأمة الصينية والثقافة الصينية والحزب الشيوعي الصيني والاشتراكية ذات الخصائص الصينية.

وتدعم حكومة منطقة الحكم الذاتي الدوائر الدينية في دراسة النصوص المقدسة، وتشجع على تفسير العقائد والمبادئ الدينية بما يتماشى مع التطور المعاصر والثقافة الصينية التقليدية، مما يعزز الهوية الثقافية الصينية للمتدينين، ولضمان التطور السليم للدين في شينجيانغ، أصدرت المنطقة خططًا لتدريب الشخصيات الدينية لتنمية المواهب التي تتقن كلاً من العقائد الدينية الكلاسيكية والثقافة الصينية التقليدية، كما عززت حوكمة الشؤون الدينية وفقًا للقانون، وتدعم الدوائر الدينية في مكافحة التطرف الديني ومنع تسلله، كما أنها ترشد وتدعم المجتمع الديني لممارسة الحكم الذاتي الكامل والصارم، وتحسين التعليم الذاتي والإدارة الذاتية والانضباط الذاتي، وقيادة أتباعها للمساهمة في بناء أمة عظيمة وتحقيق نهضة الأمة الصينية.

زيارة شينجيانغ كانت بحق تجربة ثقافية ملهمة، تجسد نجاح الصين والحزب الشيوعي في تحويل التحديات إلى فرص، وتحقيق تنمية شاملة ومستدامة، وتحافظ على وحدة الوطن، وتؤكد على أهمية التنوع الثقافي والديني كقوة للتقدم والازدهار ، وجائت زيارتي الى المقاطعه بعد المشاركة الهامه في المؤتمر الدولي “الوهم والحقيقة: الشمول الديني ومناهضة التمييز من منظور مبادرة الحضارة العالمية GCI”، الذي نظمته الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، بمشاركة أكثر من 100 باحث وأكاديمي ورجل دين وإعلامي من الصين ودول عدة، حيث ركز المؤتمر على تعزيز التبادلات بين الحضارات، والعمل المشترك لبناء مجتمع بشري مستدام، وتسليط الضوء على الدور الحيوي للحوار الأكاديمي في المجال الديني، وتجاوز الصراعات الحضارية، مع استكشاف فرص التعلم المتبادل بين الكونفوشيوسية والإسلام، والمساهمة الإسلامية في الثقافة العالمية.

منظموا الندوة في بكين ومرافقونا في الجولة في اورومتشي، بذلوا جهودا كبيرا لنتمكن وخلال فترة قصيرة من زيارة اهم المتاحف المتنوعه، والمدارس الدينية، والمساجد، والجامعات، والادارات المحلية، وكانت زيارتنا للمواقع الدينية عميقة الأثر، حيث قمنا بالصلاة في المسجد القديم بأورومتشي، واستمعنا الى قراءات متنوعه لايات من الذكر الحكيم، تلاها علينا شيخ الازهر من مصر والمشارك معنا في الزيارة والقراء من باكستان والسعودية ودول اوروبا الشرقية ، كما اتيح لنا زيارة مؤسسة تعليم ديني تهتم بتخريج شخصيات دينية مُؤهلة تتقن العلوم الدينية الكلاسيكية وتفهم الثقافة الصينية العريقة، بما يضمن تطور الدين في إطار التوافق مع المجتمع الاشتراكي، وبحماية القانون والدستور الصيني.

حدثتني نجمه ، الانسة الصينية التي تتحدث العربية بطلاقه ، والتي رافقتنا خلال المؤتمر في بكين والجولة اورامتشي ، ان الإنجازات العظيمة في السعي إلى الإصلاح والتنمية والاستقرار في شينجيانغ في العصر الجديد تعود في الأساس إلى قيادة الأمين العام شي جين بينغ باعتباره جوهر اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني والحزب بأكمله، وتوجيه فكر شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، والتنفيذ الكامل والدقيق والمخلص لمبادئ الحزب التوجيهية لحكم شينجيانغ في العصر الجديد .

واضافت نجمه بافتخار: ان شينجيانغ والتي يبلغ تعداد سكانها 26 مليون نسمه، تتمتع بالاستقرار والوئام الاجتماعي، والوحدة العرقية والتقدم، وزخم تنمية قوي، و إنها منطقة ازدهار ثقافي ووئام ديني، حيث ينعم الناس بالسلام والرضا في الحياة والعمل، تنعم الأراضي الشاسعة على جانبي جبال تيانشان بالسلام وتنبض بالحيوية والنشاط، حيث واصلت شينجيانغ تحسين نظام الضمان الاجتماعي متعدد المستويات الذي يغطي جميع السكان في المناطق الحضرية والريفية، لضمان عدالة هذا النظام وتوحيده وموثوقيته وحسن تنظيمه واستدامته، وتسريع بناء شبكة أمان قوية تضمن رفاهية الشعب ، وهذا يرسخ الشعور بوحدة الأمة الصينية، وهو محور عمل الحزب الشيوعي الصيني في الشؤون القومية في العصر الجديد، ومحور جميع أعماله في مناطق الأقليات القومية.

وبما انني شاركت في الورشة بصفتي مديرعام مكاتب حقوق الانسان في منظمة التحرير،وممثلا لمعالي رئيس الدائرة ، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية السيد احمد التميمي، فقد ركزت خلال حديثي مع المحاضرين والمساعدين في الورشة وفي الزيارة حول هذه القضية الهامه، ومدى تعزيز حماية حقوق الإنسان في تشينجيانج والصين بشكل عام، فتبين لي ان احترام حقوق الإنسان وحمايتها مبدأً دستوريًا في الصين، ويُعدُّ التقدم الشامل في مجال حقوق الإنسان سعيًا مستمرًا لجميع القوميات في شينجيانغ وجميع أبناء الشعب الصيني، وقد أدرجت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، وفي قلبها شي جين بينغ، هذا المبدأ في مبادئ الحزب التوجيهية لحكم شينجيانغ في العصر الجديد، وبذلت جهودًا حثيثة وحثيثة لحماية الحقوق الأساسية لجميع أبناء القوميات في المنطقة، وهنا اتيح لي من خلال هذه التبادلات والحوارات والزيارات الميدانية فرصة هامة، لسماع روايات حقيقية ومباشرة ومختلفة عن تلك التي يتم تداولها في بعض وسائل الإعلام الغربية، وتؤكد على أن تحقيق الاستقرار الاجتماعي هو أساس متين لحماية الحقوق الأساسية لجميع القوميات في المنطقة.

وانطلاقًا من رؤية حقوق الإنسان التي تُركّز على المواطن، جعلت شينجيانغ تحسين حياة الشعب الهدف الأسمى لجميع أعمالها، وحافظت على الانسجام والاستقرار الاجتماعيين وفقًا للقانون، وسرّعت وتيرة التنمية عالية الجودة، وضمنت وحسّنت مستويات المعيشة، وطوّرت ووطّدت الوحدة القومية، وحمت حرية المعتقد الديني بموجب القانون، وأولت أهمية بالغة لحماية الثقافة التقليدية العريقة لجميع القوميات والحفاظ عليها، وتُضمن حقوق جميع القوميات في شينجيانغ في العيش والتنمية بشكل فعال، وتُطبّق حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية وغيرها على أكمل وجه.

لقد تم احراز ُتقدمٌ غير مسبوق في قضية حقوق الإنسان في شينجيانغ، بفضل عوامل متعددة، فالنظام الاشتراكي الصيني يوفر ضمانةً مؤسسيةً قوية، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية عالية الجودة في الصين تُرسي أساسًا ماديًا متينًا، والاستقرار الاجتماعي المستدام يُهيئ ظروفًا مواتيةً لتنميتها.

وبعد اختتام زيارتي بايام قليلة، زار الرئيس الصيني شينجيانغ حيث تم التحضير لهذه الزيارة من خلال هبه شعبية، التقى فيها القائد بابناء شعبه، في العاصمة الإقليمية أورومتشي للمشاركة في الاحتفالات بالذكرى السبعين لتأسيس منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم، وقد تمنيت لو ان زيارتي للمدينة، توافقت مع هذه الزيارة التاريخية للقائد واعضاء الحزب، لما اظهر عليه ابناء الاقليم من ترحاب وشوق ولهفة وزينه وعروض فنيه ، ملئت الشوارع والمؤسسات وملئت قلوبهم ، وشاهدناها في عيونهم من خلال ما تم بثه عبر وسائل الاعلام، التي اتحفتنا بالالوان الزاهية والاعلام المختلفة والازياء التراثية المتعددة والابتسامات الجميلة على محيا ووجوه ابناء المنطقة من جميع الاعراق والقوميات، واسعدني هذا المشهد ، تماما كما اسعدني الدعم الكبير للقضية الفلسطينية من الجمهور والجانب الشعبي في الصين الشعبية، وكذلك اللفته الرائعه من الجمهور والشباب لاخذ صور فوتغرافية مع الكوفية واللفحة الفلسطينية التي كنت اعتمرها، وحصلت بسببها على حصة كبيرة من المشاعر الدافئة وقسط من التمجيد والاعتزاز بالنضال الذي ترمز له الكوفية، المرتبطة بالقضية الجليله التي تمثلها، وايضا جهود الصين ممثلة بالجانب الرسمي الحكومي والحزب والقيادة والدبلوماسية، والتي تعكس التزامها بمبادئ العدالة الدولية ، وبتحقيق المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، ووقف الابادة الجماعية في غزة، وانهاء اطول واخر احتلال على وجه الارض ، وهي رسالة قوية تتردد أصداؤها في كل أرجاء الصين عموما، وفي المقاطعات العشر التي زرتها سابقا، وفي شينجيانغ التي انهيت للتو زيارتي لها ، الفريدة والغنية والتي لا تنسى.

شاهد أيضاً

مدفيديف : الغرب أرسل إلى أوكرانيا 500 مليار يورو ونظام كييف سرق كميات ضخمة منها

مدفيديف : الغرب أرسل إلى أوكرانيا 500 مليار يورو ونظام كييف سرق كميات ضخمة منها

شفا – أعلن نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف أن الغرب أرسل 500 مليار …