7:21 مساءً / 2 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

وَهْم الإصلاح المؤسسي “قضية الأخوين الديك نموذجاً” ، بقلم: د. علاء سليمان الديك

وَهْم الإصلاح المؤسسي "قضية الأخوين الديك نموذجاً" ، بقلم: د. علاء سليمان الديك

وَهْم الإصلاح المؤسسي “قضية الأخوين الديك نموذجاً” ، بقلم: د. علاء سليمان الديك


تناولت مؤخراً العديد من وسائل الإعلام بعض التصريحات من الساسة الفلسطينيون عن فاعلية الإصلاح المؤسسي المتعلقة بالحوكمة وتحقيق سيادة وحكم القانون تجاه قضايا الناس. والجدير بالذكر أن النظام السياسي الفلسطيني برمته، والجميع يدرك ذلك، يتعرض لضغوطات إقليمية ودولية للقيام بإصلاحات جوهرية، على أمل دعم الموازنة العامة لتعزيز صمود المؤسسة للقيام بإلتزاماتها تجاه موظفيها والناس، وتعزيز الشراكة السياسية المستقبلية مع الساسة الفلسطينيين فيما يتعلق بالتطورات والسيناريوهات التي تشهدها القضية الفلسطينية بهدف إعادة الإعتبار لمسار الحل السياسي للقضية الفلسطينية. علماً أن الجهات الغربية الإمبريالية وحلفاؤها لن يقدموا شئ يذكر في هذا الإتجاه حتى لو قام الفلسطينيون بكل الإصلاحات التي طلبت منهم مؤخراً. وعليه، فإن الإصلاح المؤسسي المنشود أصبح بحاجة للمراجعة والتقييم للتأكد من فاعليته الحقيقية عبر دراسة الواقع، وبالتالي الخروج بنتائج من شأنها أن تحقق النتائج المرجوه للناس، خاصة المتعلقة بقضية مازالت تنتظر العدالة الغائبة منذ سنوات، وغيرها من القضايا المماثلة.


في 14/06/2020 توفي الأخوين عمار وضياء رشيد الديك رحمهما الله نتيجة الإهمال والتقصير في إنقاذهما من قبل طاقم الدفاع المدني الفلسطيني في محافظة سلفيت، علماً أن الأخ الأصغر(ضياء الديك) قد تواجد داخل بئر الماء في منزل العائلة بهدف تنظيفه للحصول على مياة صالحة للشرب، فأنقطع عنه الأكسجين، فحاول أخاه الأكبر(عمار الديك) إنقاذه ولكنه لم ينجح بالأمر نتيجة التأخير والإهمال وغياب الجهوزية لدى طاقم الدفاع المدني لمساعدتهما في توفير الأكسجين وإنقاذهما، حيث وصل الطاقم متأخراً أبان الحادثة ولم يستطع إنقاذهما أو إنتشالهما، حتى جاء شخص مدني وقام بإنتشالهما، ولكن بعد فوات الأوان. والجدير بالذكر أن قامت بعض الجهات الرسمية في محافظة سلفيت بتحميل الأخوين الديك مسؤولية ما حدث بهدف إنقاذ المقصرين، وكذلك الإساءة لسمعة الأخوين الديك ولذويهما بهدف نزع التعاطف الشعبي من جهة، ومن جهة أخرى التأثير على الجهات الرسمية العليا (المدنية والأمنية والرقابية) لعدم الإهتمام والإكتراث بالحادثة وما نتج عنها، وكأن شيئاً لم يحدث.


في المقابل، أصدرت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان “ديوان المظالم” في رام الله، تقرير تقصي حقائق بالحادثة، حيث تم نشره على موقع الهئية بتاريخ 22/11/2020، ويمكن الإطلاع عليه بالتفصيل من خلال الموقع الرسمي للهيئة بتاريخه. حيث جاء فيه: أن الدفاع المدني يتحمل مسؤولية التقصير والإهمال الذي أودى بحياة الأخوين الديك أبان الحادثة، وكذلك مطالبة لجنة التحقيق الرسمية في محافظة سلفيت بإعادة النظر في التقرير الرسمي الصادر عنها والتركيز على مجريات الإنقاذ والتحقق من أداء القائمين عليه بدلاً من تحميل الضحية المسؤولية، وأيضاً الإستعانة بخبراء أو جهات مختصة بالإنقاذ، وغياب أي ممثل عن العائلة أو الجهات الحقوقية في فلسطين، وعدم إجراء الدفاع المدني أي تحقيق داخلي بالحادثة والإكتفاء باللجنة التي شكلها محافظ سلفيت أنذاك. والجدير بالذكر أن قامت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بإرسال نسخة عن تقرير تقصي الحقائق بالحادثة لمكتب الرئيس، رئيس الوزراء، شؤون المحافظين، الدفاع المدني والجهات ذات العلاقة، ولكن لم يتم الإهتمام والإكتراث بنتائج وتوصيات ما جاء في التقرير من الجهات المذكورة أعلاه مطلقاً.


وعليه، يتساءل الكاتب، هل الحادثة وما نتج عنها (وفاة شابين، ينتمون لعائلة فلسطينية تتمتع بالحقوق، وحق المساواة لإنفاذ القانون بعدل وإنصاف) لا تستحق من المؤسسة الإهتمام بقضيتهم والتحقق من الحادثة وما رافقها من تطورات بشكل صريح ومهني، وبالتالي الوقوف على الحقائق ومحاسبة المقصرين، ومساءلة من قام بالإساءة للأخوين الديك ولذويهما في محافظة سلفيت أبان الحادثة دون دليل يذكر! أم أن هناك معايير أخرى في حقوق المواطنة الفلسطينية أصبحت لا تنطبق على الأخوين الديك وذويهما! وهذا يقودنا لنتساءل: إذا كان الساسة الفلسطينيون يتحدثون عن الإصلاح المؤسسي بأنه شامل وفعال، بمعنى أنه ملموس تجاه كافة القضايا التي تخص المواطنين، عندئذ هل قضية الأخوين الديك التي لها علاقة وتندرج في إطار مسؤولية الجهات التنفيذية والقضائية للتحقق مما حدث، خارج إطار الإصلاح المؤسسي الذي نسمع عنه مؤخراً! إضافة لذلك، هل تقارير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان “ديوان المظالم”، التي أنشأت بقرار “وطني رسمي” لحماية وصون حقوق المواطن الفلسطيني من التعسف أو الإيذاء وفقاً للقانون، أصبحت بلا معنى وإهتمام للمتابعة والإستفادة منها لإنجاح مسيرة الإصلاح المؤسسي المنشود!


في المحصلة، لا بد من تذكير الساسة الفلسطينيون أن الإصلاح المؤسسي الشامل “الحازم والفعال” يتطلب مراجعة شاملة لأداء القائمين على العمل في المؤسسة العامة، والتحقق أن ذلك الأداء يلبي حاجات الناس ويحترم حقوقهم عند إنفاذ القانون وفق الأصول بدون إستثناء أو تمييز، أي تحقيق وتجسيد “الحوكمة في المؤسسة الفلسطينية” وهذا لم يحدث مطلقاً. كذلك إن أي عملية إصلاح مؤسسي يجب أن تتبلور من واقع الظلم والإضطهاد وغياب العدالة التي يشعر بها الناس، الأخوين الديك وذويهم نموذج فعال لذلك، بعيداً عن الإستجابة للإملاءات أو المجاملات أو الضغوطات الإقليمية والدولية للقيام بذلك، مع العلم أن الرهان على أؤلئك الإمبرياليين الغرب وحلفائهم الجدد لم يحقق شيئاً للشعب الفلسطيني فيما يتعلق بتعزيز صموده وصون مؤسساته أو بتحقيق أهدافه السياسية. وايضاً، إن عملية الإصلاح المؤسسي المعلن عنها لا ترتبط بإجراءات ذات مصداقية ووضوح، فمثلاً إن قضية الأخوين الديك تنظر أمام محكمة بداية رام الله منذ مايو 2021، ولم يتم الدخول في الأساس أو البت فيها لليوم، وبالتالي هل الإصلاح المؤسسي المنشود يتزامن مع إجراءات فعلية للتحقق من أداء المؤسسات التنفيذية والقضائية والقائمين عليها لإنجاح العمل المطلوب وتحقيق العدالة لقضايا الناس!


وعليه، فإن الإصلاح المؤسسي عندما يتعلق الأمر بغياب عدالة قضية الأخوين الديك هو “وَهْم”، فحجم الحادثة يتطلب من الساسة الفلسطينيون تحمل مسؤولياتهم وإحترام تضحيات الناس “بحزم وثبات”، الأخوين الديك وذويهم نموذجاً حياً لذلك، فأي إصلاح مؤسسي تتحدثون عنه وأم الأخوين الديك وذويهما في حالة من الألم والقهر والظلم نتيجة عدم الإكتراث والإهتمام بالحادثة وما رافقها من أحداث منذ خمسة سنوات من قبل الجهات المكلفة بإحترام وصون إنفاذ القانون وتحقيق العدالة، وهذا يؤكد أن المشهد الفلسطيني الحالي فيما يتعلق بفاعلية الإصلاح المؤسسي لا يلبي الحد الأدنى من إحترام حق الأخوين الديك وذويهما في تحقيق العدل والإنصاف ومحاسبة المقصرين والمتنفذين في قضيتهم، فكيف سيكون قادراً على تلبية وتحقيق حقوق الأخرين مستقبلاً.

صورة الأخوين عمار وضياء رشيد الديك رحمهما الله، من بلدة كفرالديك في محافظة سلفيت، فلسطين.

  • – د. علاء سليمان الديك – باحث ومختص بالشأن الصيني والدولي

شاهد أيضاً

تصريح صحفي صادر عن مؤسسة شمس لدعم السجناء السياسيين وحقوق الإنسان

شفا – تصريح صحفي صادر عن مؤسسة شمس لدعم السجناء السياسيين وحقوق الإنسان حول استشهاد …