10:50 مساءً / 25 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

حرمان أهل غزة من “ذهبهم الأخضر” ،،، بقلم : د. سهير يوسف سحويل

حرمان أهل غزة من "ذهبهم الأخضر" ،،، بقلم : د. سهير يوسف سحويل

حرمان أهل غزة من “ذهبهم الأخضر”،،، بقلم: د. سهير يوسف سحويل

تدمير ممنهج يقتلع شجرة الزيتون وذاكرة الأرض،،


لطالما ارتبطت شجرة الزيتون بالهوية والتراث الفلسطيني، فهي ليست مجرد مصدر رزق، بل رمز للصمود والتجذر في الأرض. وفي قطاع غزة، كان موسم قطف الزيتون بمثابة عرس وطني واجتماعي، تتجمع فيه العائلات لتحتفل بحصاد “الذهب الأخضر”. لكن هذا المشهد التراثي المبهج تحول إلى ذكرى مؤلمة، حيث يُحرم أهالي القطاع للعام الثاني على التوالي من موسمهم، بعد أن حولت الحرب أراضيهم الخضراء إلى خراب و تدمير واسع النطاق للقطاع الزراعي قد أدت الحرب المستمرة إلى تدمير ممنهج وواسع النطاق للقطاع الزراعي في غزة. وتشير التقديرات إلى أن ما يزيد عن 90% من الأراضي الزراعية لشجر الزيتون قد دُمرت. فقبل الحرب، كان قطاع غزة يضم حوالي 44 ألف دونم مزروعة بأشجار الزيتون، منها 35 ألف دونم مثمرة. أما اليوم، فقد أتت عمليات التجريف والقصف على ما يقارب 1.85 مليون شجرة زيتون، مما أخرج أكثر من 75% من الأراضي الزراعية عن الخدمة، هذا التدمير لم يقتصر على الأشجار فقط، بل طال البنية التحتية الزراعية بأكملها، حيث تعرضت آبار المياه وأكثر من نصف الآبار الزراعية لأضرار جسيمة. كما تم تدمير معظم معاصر الزيتون، فلم يتبق سوى 4 معاصر من أصل 37 كانت تعمل في القطاع .

يقول حاج فلسطيني من غزة “كان الموسم تراثًا وهوية بالنسبة لنا، وتعبيرًا واضحًا عن ارتباطنا بأرضنا وتجذرنا فيها… لكن الحرب حرمتنا من الاحتفال بالموسم بعد أن دمرت كل ما نملك”.

آثار اقتصادية واجتماعية كارثية، فقد كان قطاع الزراعة ركناً أساسياً في اقتصاد غزة، حيث ساهم بنحو 11% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2022. وكان زيتون غزة وزيته يصنفان من بين الأجود عالمياً، ويصلان إلى أسواق الخليج والعراق ومصر. قبل الحرب، كان القطاع ينتج ما يكفي لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الزيتون وزيته، بل ويصدر الفائض أما اليوم، فقد تحول الوضع بشكل مأساوي. الخسائر اليومية المباشرة في الإنتاج الزراعي تقدر بنحو 1.6 مليون دولار أمريكي نتيجة توقف الإنتاج. وأصبح آلاف المزارعين وعائلاتهم، الذين كانوا يعتمدون على الأرض كمصدر رزق أساسي، يعتمدون الآن على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة.

بعد الحرب مستقبل غامض وتحديات إعادة الإعمار أكبر ، إن حجم الدمار الذي لحق بالقطاع الزراعي يهدد الأمن الغذائي بشكل خطير ويفاقم من خطر المجاعة التي أعلنت عنها الأمم المتحدة. كما أن تلوث التربة بالمتفجرات والمواد السامة مثل الفسفور الأبيض يطرح تحديات بيئية طويلة الأمد قد تؤثر على خصوبة الأراضي لعقود قادمة.

إن إعادة إعمار هذا القطاع المدمر تتطلب جهودًا ضخمة وشاملة، تبدأ من فحص التربة والمياه، مرورًا بإعادة بناء شبكات الري وتوفير مصادر الطاقة، وصولًا إلى توفير أشتال جديدة للمزارعين. لكن الأهم من ذلك كله، يبقى ارتباط الفلسطيني بأرضه وإصراره على العودة لزراعتها من جديد هو الأمل في أن تعود حقول الزيتون لتزهر مرة أخرى في غزة.

شاهد أيضاً

الجزائر : أكاديمية الوهراني للدراسات العلمية والتفاعل الثقافي تنظم ندوة: جزائر خضراء…نحو تنمية مستدامة

شفا – نظمت أكاديمية الوهراني للدراسات العلمية والتفاعل الثقافي الندوة الوطنية الموسومة ب “الجزائر خضراء.. …