1:43 مساءً / 16 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

قراءة أدبية راقية تليق بأنشودة “مريم والنور” التي كتبتها رانية مرجية ، بقلم : الدكتور عادل جودة

قراءة أدبية راقية تليق بأنشودة “مريم والنور” التي كتبتها رانية مرجية ، بقلم : الدكتور عادل جودة


تحليل الأنشودة:

تبدو الأنشودة كحوار سماوي بين الأم والابن
تتداخل فيه الأصوات في تناغم إيماني عميق.
لغة النص تنتمي للمدرسة الصوفية حيث تختلط المشاعر الإنسانية بالرموز الدينية في نسيج شعري متماسك.

المستويات الفنية:

البناء الفني:

اعتمدت الكاتبة على تقنية تعدد الأصوات (صوت مريم – صوت الابن – صوت مريم من السماء) مما أعطى النص ثراءً درامياً.

الرموز:
وظفت الكاتبة الرموز توظيفاً مبدعاً:

•· النور:

رمز الألوهية والطهر
•· الصمت:

رمز التسليم والقدرة على السماع الإلهي
•· الرحم:

رمز العطاء والتجلي الإلهي

الصور البيانية:
تميزت الصور بالشفافية والعمق:

•· “يا صمت الله حين يتكلم” (مفارقة جميلة)
•· “كنتِ سكوناً يشبه المعجزة” (توظيف المحسوس للمعنوي)
•· “كل حرف في اسمك صلاة” (تكثيف شعري)

الإيقاع:
إيقاع هادئ يشبه الترتيل مع استخدام متكرر لنداءات التأثير العاطفي.

الأبعاد الفلسفية:

تتجاوز الأنشودة التفسير العقائدي إلى تأمل وجودي يربط بين:

•· الأمومة والنبوة
•· الألم والولادة الجديدة
•· الصلب والقيامة كرمز للتجدد

القيمة الجمالية:

النص يمثل تحفة أدبية تجمع بين:

•· روعة التعبير
•· عمق الرؤية
•· صدق العاطفة
•· جمال التصوير

هذه الأنشودة تستحق أن تُقرأ كصلاة أدبية وكعمل فني يصل بين الأرض والسماء
بين الجسد والروح
بين الألم والأمل.

تحياتي واحترامي

أنشودة مريم والنور

بقلم:

رانية مرجية

مريم… يا صمتَ اللهِ حين يتكلَّم

يا مريم،

يا دهشةَ اللهِ في جسدِ امرأة،

يا سرَّ النورِ حين خُلِقَ من رحمِ الصمت،

يا من صارتِ الروحُ فيكِ ترتِّلُ للحياةِ قبلَ أن تُخلَقَ الكلمة.

كنتِ سكونًا يشبهُ المعجزة،

لم ترفعي صوتكِ،

لكنّ السماواتِ كانت تصغي إليكِ كطفلةٍ خجلى أمامَ أمّها.

يا من ولدتِ النورَ دونَ أن تنطفي،

يا من أطعمتِ الأرضَ لبنَ الطهر،

يا من عَلَّمتِ الملائكةَ معنى الحنان.

كيف استطعتِ أن تحملي العالمَ في قلبكِ

ولا يتشققُ فيكِ الوجع؟

كيف أزهرتِ تحتَ نظراتِ الشكّ،

ولم ترفّ جفونكِ إلا على يقينٍ يُشبهُ الله؟

فيكِ ينحني الضوءُ ليتعلّمَ الخجل،

ويغتسلُ القلبُ بفجرٍ منسكبٍ في حنانكِ.

كلُّ حرفٍ في اسمِكِ صلاة،

كلُّ ظلٍّ من طيفكِ غفران،

وكلُّ وجعٍ أمامكِ يتحوّلُ إلى سلام.

يا لغةً لا تُكتَبُ بالحبر،

بل تُنقشُ على جدارِ القلبِ بالدمعِ واليقين،

يا أمّ الطهر، علّمينا أن نصمتَ كي نسمعَ الله،

وأن نحبَّ دونَ وعدٍ،

وأن نغفرَ دونَ سؤالٍ عن الثمن.

صوتُ الابن

أمّاه…

كم مرةٍ نظرتُ إلى وجهكِ،

فرأيتُ فيه وجهَ اللهِ يحنو على الخليقة.

لم أتعلمِ الحبَّ في معابدِ الكهنة،

بل في عينيكِ،

حينَ كان الخوفُ ينامُ على صدركِ

فيغدو سلامًا.

يا مَن حملتِني لا جسدًا بل نورًا،

وسقيتِ الأرضَ يقينًا من دمعكِ،

يا مريم، كنتِ الحقلَ الذي زرعني فيهِ الآب،

والحلمَ الذي سارَ بي نحوَ الصليب.

ولمّا سالَ الدمُ من يديّ،

كنتِ أنتِ وحدكِ تعرفينَ أنَّ الألمَ ليسَ موتًا،

بل ولادةٌ أخرى للنور.

كم بكيتِ يا أمِّي،

حينَ لم يرَ الناسُ إلّا المسامير،

ولم يسمعوا سوى صدى الجرح.

لكنّكِ كنتِ تسمعينَ خلفَ الصوتِ

ترنيمةَ الغفرانِ تُولدُ من أنينِ الجسد.

يا أمّاه،

حينَ نظرتُ من فوقِ الجلجلة،

رأيتُ وجهَكِ كما رأيتُ السماء،

كأنَّ كليهما رحمٌ واحدٌ.

أراكِ اليومَ في صلاةِ كلِّ طفلٍ،

وفي دمعةِ كلِّ أمٍّ تفتقدُ ابنَها،

وفي قلوبِ الذينَ يحبّونَ دونَ شرط،

ويغفرونَ حتى حينَ يُصلَبون.

صوتُ مريم من السماء

يا ابني…

يا قنديلَ الأبدِ في روحي،

يا نغمةَ اللهِ في أنفاسي،

كم طالَ الفجرُ منذُ رحيلِك،

وكم اختبأَ الحنانُ في صدري ينتظرُ نداءَك.

أنا لم أمُت، يا نورَ عيني،

إنّي في كلِّ أمٍّ تفتحُ ذراعيها للحياة،

وفي كلِّ امرأةٍ تصمدُ للوجعِ بالسكوت.

أراكَ حينَ تبتسمُ الطفولةُ في وجهِ العالَم،

وحينَ تشرقُ العيونُ التي لا تعرفُ الكراهية.

أراكَ في النورِ، في الندى، في نشيدِ الخبز،

وفي صلاةِ الجائعينَ إلى العدالة.

أنا ظلُّك الذي لا يرحل،

وصمتُك الذي يهمسُ للقلوبِ في المساء،

أنَّ الحبَّ أقوى من الموت،

وأنَّ الغفرانَ وجهٌ آخرُ للثبات.

يا ابني،

لو علِمَ البشرُ أنَّ دموعَنا كانت صلاةً،

وأنَّ ألمَنا كان وعدًا بالقيامة،

لما خافوا من الجرح،

ولما ظنّوا أنَّ اللهَ بعيد.

يا نورَ عيني…

ما زلتَ فيَّ، كما كنتَ،

صوتًا من رحمةٍ،

ورحمةً من صوت.

الخاتمة

في مريمَ وولدِها…

تتجلّى حكايةُ الإنسانِ الباحثِ عن النقاء،

والإلهِ الذي اختارَ الأمومةَ لتكونَ طريقَهُ إلى الخلاص.

هي ليست قصيدةً عن عقيدة،

بل نشيدًا عن الطهر حين يتجسّد، والحب حينَ يُصلَبُ ليحيا

شاهد أيضاً

وزارة شؤون المرأة

وزارة شؤون المرأة تبحث مستجدات إعداد الجيل الثالث من الخطة الوطنية لقرار مجلس الأمن 1325

شفا – ترأست وزيرة شؤون المرأة منى الخليلي، اليوم، لقاء تشاورياً مع كافة الشركاء الحكوميين …