
من فلسطين إلى لبنان الجنوب …، أرض وهوية لا تنكسر ، بقلم : هدى زوين
منذ أكثر من سبعة عقود، والقضية الفلسطينية تتصدر مشهد الصراع بين الحق والباطل، بين العدالة والظلم، بين شعب أعزل يتمسك بأرضه وجذوره، وقوة غاشمة تحاول طمس الهوية وسرقة التاريخ. القضية الفلسطينية ليست مجرد نزاع سياسي عابر، بل هي قضية إنسانية بامتياز، قضية حرية ووجود وهوية.
لقد عانى الفلسطينيون من أشكال متعددة من القهر والتهجير والحرمان، فقد سُلبت أراضيهم، وهُدمت بيوتهم، واعتُقل شبابهم، واستُشهد أبناؤهم، فيما ظل العالم يتفرج أو يكتفي ببيانات استنكار لا تُغير شيئًا في واقع الحال. ومع ذلك، لم تفقد فلسطين بوصلة الحق، ولم يتنازل شعبها عن حلم العودة.
إن ما يميز هذه القضية أنها لم تنكسر رغم محاولات التزييف والتشويه. الأجيال تتوارث الحلم كما تتوارث مفاتيح البيوت القديمة، يحملونها في قلوبهم أينما ارتحلوا، كرمز لا يفقد معناه. وفي المقابل، لم يتمكن الاحتلال من إخماد صوت المقاومة، ولا من طمس هوية القدس، ولا من إسكات صرخة “الأرض لنا”.
ولم يكتفِ الاحتلال بسرقة أرض فلسطين وتشريد أهلها، بل حاول أن يوسّع دائرة عدوانه ليطال جنوب لبنان، الأرض المقاومة التي صمدت وواجهت، وقدّمت أغلى التضحيات لتبقى حرّة وعصيّة على التهويد. إن هذا التمدد العدواني يكشف بوضوح أن القضية ليست حدودًا سياسية فحسب، بل مشروع استيطاني توسعي يسعى لابتلاع الأرض والهوية معًا.
اليوم، وفي زمن الانكسارات السياسية والتسويات الباهتة، تبقى فلسطين ومعها الجنوب اللبناني، مدرسة في الصمود، ومعنى عميقًا للتضحية. كلاهما يذكّر العالم بأن الحقوق لا تضيع ما دام وراءها مطالب، وأن الدماء الطاهرة لا تسفك عبثًا، بل تكتب سطور الحرية جيلاً بعد جيل.
فلسطين والجنوب ليسا مجرد جغرافيا محتلة أو مستهدفة، بل هما قضية ضمير عالمي، وصوت كل من يؤمن بالعدالة والحرية. سيبقيان عصيين على النسيان، راسخين في وجدان الأمة، عنوانًا للكرامة، ورمزًا للأرض والهوية التي لا تنكسر.